الثلاثاء 21 أيلول , 2021 01:51

يديعوت أحرنوت: نتنياهو وترامب فشلا أمام إيران "الخصم الذكي"

كشفت مزاعم كيان الاحتلال حول البرنامج النووي الإيراني حجم الهوة بين واشنطن وتل أبيب. فعلى الرغم من دفع "إسرائيل" لرؤساء البيت الأبيض لسنوات لتغطية هجماتها العسكرية أو اتخاذ خطوة أكثر عدائية تجاه إيران إلا أن الولايات المتحدة -التي تعلم أن طهران سترد الصفعة- لم تستجب لدعوات وادعاءات الكيان.

صحيفة يديعوت أحرنوت أشارت في مقال لها إلى "الفشل الذريع  الذي ارتكبه الثنائي ترامب- نتنياهو. فقد صعدا إلى مسار مواجهة مع خصم ذكي بينما كانا يتسليان بالأوهام، دون أن يعدّا "خطة ب"، ولا سيما حين يكون الخروج من الاتفاق جعل الخطة البديلة أكثر تعقيداً على التنفيذ من سنة إلى أخرى".

النص المترجم:

نشرت "نيويورك تايمز" مؤخراً مقالاً مهماً قضى بأن إيران، حسب تقويم "المعهد الدولي للعلم والأمن"، قلصت زمن الانطلاق نحو تحقيق كمية اليورانيوم المخصب التي تكفي لقنبلة نووية واحدة، بمقدار شهر فقط.

اتفاق 2015، الذي لم يكن كاملاً، ألزم إيران بإخلاء معظم اليورانيوم المخصب من أراضيها، والابتعاد عن "زمن الانطلاق" لسنة تقريباً. أما اليوم، فتصل المسافة إلى 30 يوماً فقط.

في اختبار النتيجة، هذا إفلاس للسياسة النووية التي قادها نتنياهو وترامب تجاه إيران. خروج الولايات المتحدة من الاتفاق لم يؤدِ إلى تراجع إيراني تحت العقوبات، بل سمح لطهران بتحطيم تواصل ونوعية الرقابة وتقصير "زمن الانطلاق" بشكل دراماتيكي وخطير.

إذا تحقق اتفاق، وهنا "إذا" كبيرة، فلا يزال يمكنه فرض اضطرارات معينة على إيران ويمنحها صورة أنها لم تركل المطلب الدولي وألا تصبح دولة نووية. وفي نظرة أقرب، تظهر صورة أكثر إقلاقاً بكثير. نجد وباحتمالية عالية أن الجياد فرت من الإسطبل؛ فقد اجتازت إيران أغلب الظن نقطة اللاعودة باتجاه كونها "دولة حافة" نووية.

شوكة بايدن

الولايات المتحدة بقيادة الرئيس بايدن هي الآن في ذروة فك ارتباط عن الشرق الأوسط كي تركز على الصين التي تعد التحدي المركزي لمكانة الولايات المتحدة. إيران "شوكة مزعجة" في الطريق لهذه الخطوة. فالتزام بايدن تجاه إسرائيل حقيقي وشخصي، وليس سياسياً فقط. هذا هو أحد الأسباب التي تجعل إيران مهمة للإدارة.

ولكن بيننا وبين الولايات المتحدة فجوة بنيوية في فهم التهديد من إيران. فالولايات المتحدة بالفعل لا تريد أن ترى إيران نووية، ولكن هذا ليس المصلحة الحيوية المتصدرة لديها، وهي كفيلة بأن تسلم بإيران كـ "دولة حافة". أما بالنسبة لنا، فهذا تحد قريب وأكثر تهديداً، ولا سيما في المدى البعيد.

ما نشرته "نيويورك تايمز"، الصحيفة الأهم في الولايات المتحدة، هو بتقديري طريقة إدارة بايدن لأن تبدأ بإعداد الرأي العام في أمريكا وفي إسرائيل لهبوط قاس على أرض الواقع.

عندما يقول الرئيس: "لن يكون لإيران سلاح نووي ذات يوم"، فمن غير الواضح ما إذا كان يقصد أن الولايات المتحدة لن تسلم بإيران كـ "دولة حافة". عندما يقول الرئيس "إذا لم ينجح هذا بالدبلوماسية فسنتوجه إلى وسائل أخرى"، فإنه لا يقول: "سنستخدم القوة العسكرية كي البرنامج النووي الإيراني نحبط لسنوات طويلة".

وهنا يطرح السؤال: ألم نكن نتوقع بأن تكون بالفعل خطط جارور كهذه، نظراً للعناد الإيراني لـ"الانطلاق" – سيوقفونها بعمل عسكري موضعي، يؤجل الجهد النووي الإيراني لعدد كبير من السنوات؟

عمليات كهذه يجب إعدادها لسنوات مسبقاً، لتطوير وسائل وطرق عمل تتتابع وتتجدد حسب التطورات في إيران، بما في ذلك تعميق التحصين وإخفاء المنشآت وتوزيعها.

بقدر ما يبدو هذا غير معقول، أقول بمسؤولية: ليس واضحاً أن للولايات المتحدة اليوم خطط عمل عسكرية قادرة على تأجيل إنضاج القدرة النووية لإيران بعدد كبير من السنين. وليس واضحاً أيضاً ما إذا كانت لإسرائيل "خطط جارور" قابلة للتنفيذ، تؤجل القدرة النووية الإيرانية لسنوات قليلة.

هذا هو الفشل الذريع للثنائي ترامب- نتنياهو. فقد صعدا إلى مسار مواجهة مع خصم ذكي بينما كانا يتسليان بالأوهام، دون أن يعدّا "خطة ب"، ولا سيما حين يكون الخروج من الاتفاق جعل الخطة البديلة أكثر تعقيداً على التنفيذ من سنة إلى أخرى.

من غير المستبعد أن تتردد الولايات المتحدة، القوة العظمى، اليوم في مسألة ترددنا فيها قبل عقد، مشكلة "مجال الحصانة". أي: ما هي المرحلة التي لا يمكنها بعد اليوم أن تحقق التأجيل المطلوب، بسبب تعمق التحصين، والتوزيع، وكمية المادة النووية ومستوى التخصيب الذي تحقق. لا كلمات تصف حجم القصور إذا كان هذا هو الوضع فعلاً.

في حالة رئيس الوزراء في حينه، يبدو القصور أخطر بكثير، لأن تدخله السياسي الفظّ بسيادة الرئيس الأمريكي في بيته عام 2015 ربما ساعده كإعلان ولاء للحزب الجمهوري ولاحقاً لترامب، ولكنه حرم إسرائيل من فرصة قد لا تتكرر للوصول إلى تنسيق عميق في موضوع "خطة الجارور" لحالة انطلاق إيراني والحصول على وسائل تسمح لإسرائيل بعمل مستقل في حالة تتفق فيها الحكومتان على العمل، ولكن الولايات المتحدة محيدة بشكل كبير لمساعدة مالية للأمن ومنظومة الإنتاج المشتركة لصواريخ اعتراض القبة الحديدية قبيل مواجهة محتملة مع "حزب الله". وهذا قصور تاريخي لا بد أن يبحث لاحقاً.

إن وقاحة رئيس الوزراء السابق التي لا تصدق، والذي ينشغل اليوم بإلقاء الذنب عن الوضع الإشكالي المتسبب به هو إلى عتبة بديله الذي جاء لتوه، تجسد بالفعل -لديه على الأقل- موت الخجل والرسمية على حد سواء.

ولكن سيسأل سائل: نسمع من المسؤولين هنا وفي الولايات المتحدة بأننا "جاهزون لكل سيناريو" وبأنه إذا ما تطلب الأمر منا مهاجمة إيران فسنهاجم. فنياً، هذا صحيح. إذا أمرت الحكومة الإسرائيلية بأن يهاجم ميناء ما، أو منشأة نفط، أو موقع نووي معين في إيران، فسيهاجمه بل وسيلحق به ضرراً معيناً أو كبيراً.

ولكن الجواب يفوت الأمر الأساس. إذا كان الهدف المهاجم بهجوم علني لسلاح الجو يعود بمنظومة النووي الإيرانية، وأن العملية التي اتخذت لا تحبط البرنامج النووي بل تؤجله لسنوات، فإن ضررها هذا قد يكون أكبر من نفعها.

سواء أكانت العملية إسرائيلية أم أمريكية، فسيكون الرد الإيراني على ما يبدو إزالة كل الحواجز والركض بكل قوة نحو القدرة النووية. سيدعون بأن هجوماً كهذا يستوجب منهم الحصول على سلاح نووي "لأغراض الردع والدفاع عن النفس".

 


المصدر: يديعوت 20/9/2021

الكاتب: إيهود باراك




روزنامة المحور