السبت 03 نيسان , 2021 03:11

بعد فشل العقوبات على حزب الله.. واشنطن تجوّع اللبنانيين

متظاهرون يرفعون رغيف خبز

منذ التسعينات، ومع تحقيق حزب الله لإنجازات عملية في ميدان المقاومة، بدأ يتعرض لضغوطات اقتصادية أمريكية، تهدف إلى إعاقة حركة خطوط إمداده المادية التي تصل إلى الحزب عن طريق الأشخاص الذين راحت أعدادهم تتزايد باضطراد. هذه الضغوطات أشار إليها السفير الأمريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان، في شهادته أمام مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2010، حيث أشار الى " إن أمريكا تتعاون بشكل مباشر مع الشركاء الدوليين لتقليص نطاق عمل حزب الله، وعرقلة قدرته على تلقّي الأموال، وأن شبكة الحزب من الدعم المالي لا تعرف حدودًا، عبر عمليات نشطة في العديد من دول العالم".

هذه الضغوطات تهدف إلى محاصرة الحزب مالياً، لمنعه من استكمال مقاومته العسكرية ضد "إسرائيل"، ومشاريع الهيمنة الأمريكية في المنطقة.

تمثّلت هذه الضغوطات الاقتصادية الأمريكية بإجراءات عدة منذ العام 1988،عبر حملات التضييق على المتمولين الشيعة، لا سيما المنتشرين في بلاد الإغتراب. والتي وضعها البعض في خانة الحرب على قوة الشيعة اللبنانيين الاقتصادية، بما عرف ب"حرب الألماس"، ضد التجار اللبنانيين المنتشرين، في الدول الأفريقية وأنحاء العالم، الذين حققوا نجاحات باهرة، في شتى المجالات الاقتصادية، حتى وصل الأمر بالأمريكيين، لملاحقة المتبرعين للحزب قانونياً، ولو بمبالغ رمزية.

وفي آواخر العام 2015، أصدر الكونغرس الأمريكي قانون يحمل الرقم 2297 اختصاره (CISA )، يعتبر فيه حزب الله منظمة إجرامية، ويأمر بإجراءات لمنع وصوله إلى المؤسسات المالية الدولية، والتضييق على رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال القريبين منه، حتى وصل إلى تجريم كل من يتعامل مع حزب الله - بصورة مباشرة أو غير مباشرة- ولو كان في أي دولة، ويشمل ذلك أصحاب الأقمار الاصطناعية الفضائية، التي تزود قناة المنار بالبث الفضائي. كما أصدروا قانونأ يحاسب ويلاحق المصارف اللبنانية ،التي تقوم بعمليات تحويل أموال لمؤسسات حزب الله أو المحسوبين عليه، أو حتى للمشتبه بهم.

وللإدارة الأمريكية قدرة كبيرة على مراقبة المصارف في العالم، عبر نظام السويفت (نظام التحويلات المالية والمعاملات بين البنوك في العالم)، كما أنها بمساعدة من حاكم المصرف اللبناني المركزي رياض سلامة، وبعض أصحاب البنوك اللبنانية، و ذوي المناصب المالية الرئيسية، كنائب الحاكم السابق محمد بعاصيري، استطاعت إغلاق عدة مصارف، تتعامل مع الحزب ومؤسساته، مثل البنك اللبناني الكندي، ففي 15 كانون الأول 2011 أعلنت وزارة الخزانة الأميركية أنها وضعت البنك اللبناني الكندي على اللائحة السوداء، متهمة إياه بالانخراط في شبكة تبييض أموال تجارة المخدرات والسلاح لمصلحة حزب الله، مدعية بأن هذه الشبكة تضم صرافين وتجار سيارات وشركات وأفراداً لبنانيين، لديهم علاقات تجارية بين لبنان وأفريقيا، ومؤخراً بنك "الجمّال" حيث أدرجته على لائحة «أوفاك» للعقوبات الأميركية بتهمة التعامل مع الحزب ومؤسساته في 29 أغسطس 2019.

من جانبه، إلتزم حزب الله عدم الرد على العقوبات الأمريكية المفروضة عليه، معللأً ذلك عبر أمينه العام السيد حسن نصر الله، بأنه طالما تقتصرعليه وعلى الحزب ومسؤوليه فلا مشكلة لديه، لأنها لا تؤثر مطلقاً على تمويل أنشطة الحزب المختلفة، ولن تمنعه عن مواصلة مقاومته، مستدركأً بأنها حين تطال بيئته الحاضنة، سيكون الحزب جاهزاً للرد عليها، حينما تتقاعس الدولة عن أداء واجبها في حماية المواطنين.

 وقد أوضح الأمين العام في خطاب له في 04 أيار 2020 علاقة الحزب التاريخية بالبنوك حينما قال:" منذ تأسيس حزب الله 1980 الى اليوم لم نقترب من القطاع المصرفي، لم نقرّب عليهم ولم نقاربهم لا من قريب ولا من بعيد".

لذا اعتبر العديد من الخبراء الإقتصاديين بأن العقوبات المالية الأمريكية، مهما بلغت وكثرت لوائحها، لن تستطيع محاصرة الحزب مالياً، لاعتماده على دعم لا يرتبط مطلقاُ بالبنوك، بل بتبرعات المناصرين، والحقوق الشرعية، ودعم إيران منذ الإنطلاقة.

عندها يصبح مفهوماً توجه واشنطن، لفرض الحصار الإقتصادي على لبنان بكل أطياف شعبه ومؤسساته وتجويعه حتى بات أكثر من نصف اللبنايين تحت خط الفقر، مستعينة بسيطرتها على صناديق التمويل الدولية، ومستغلةً فساد السياسيين اللبنانيين، علها تعوض فشل العقوبات، وتعزل حزب الله ومجتمعه.


الكاتب: غرفة التحرير



دول ومناطق


روزنامة المحور