الجمعة 07 كانون الثاني , 2022 04:58

بانوراما اليمن 2021: المعركة مع الأصيل لا الوكيل

جملة من الأحداث العميقة التي حدثت خلال عام 2021 كان من شأنها ان تكشف مسار المرحلة المقبلة في اليمن، ليس داخلياً بما يتعلق بالتفاهمات السياسية بين الأطراف والتي كانت شبه مجمدة طيلة العام والحصار الاقتصادي الذي شددته السعودية ودول التحالف على البلاد، بل أيضاً فيما يتعلق بالصعيد الإقليمي والدولي بعد إعلان السيد عبد الملك الحوثي أنهم "جزء لا يتجزأ من المعادلة التي أعلنها السيد حسن نصرالله في أن التهديد للقدس يعني حرباً إقليمية في إطار محور المقاومة". وما يوازي ذلك من كشف القناع عن وجه الأصيل في هذه المعركة وهو الولايات المتحدة وكيان الاحتلال ومَن يدور في فلكهم وليست مع الوكيل من الأدوات والميليشيات التي تدعمها الامارات والسعودية -الشرعية والمجلس الانتقالي- على أرض البلاد، والذين أعلنوا صراحة عن نيتهم في تطبيع العلاقات مع "إسرائيل". وهنا عرض لأبرز الأحداث السياسية التي شهدها اليمن خلال عام 2021:

تشديد الحصار الاقتصادي

تعويضاً عن خسائرها المتزايدة ميدانياً، شددت السعودية ودول التحالف حصارها على الشعب اليمني، ليشمل كل المرافئ والمطارات والممرات التي من الممكن ان يتم استخدامها لإيصال المساعدات الإنسانية لأكثر من 30 مليون يمني. لاستخدام هذا الأمر كورقة ضغط في مفاوضات المرحلة المقبلة وهو الأمر الذي رفضت حكومة صنعاء المساومة عليه أو إدراجه للتفاوض كونه حق مشروع وليس تكرماً من أحد.

في المقابل، فقد برز الفشل الذريع لإدارة ما يسمى "بالشرعية" لمؤسسات الدولة وللمصرف المركزي، ما فاقم الأزمة النقدية والاقتصادية بشكل كبير حيث وصل سعر صرف الريال إلى 1700 مقابل الدولار وهو ما يعد انهياراً غير مسبوق منذ أكثر من 60 عاماً، مع فارق بارز في المحافظات الشمالية التي تتولى إدارتها حكومة صنعاء.

امام هذا الفشل في الإدارة، وما يوازيه من نهب للثروات النفطية من قبل قيادات الشرعية والانتقالي انكشف امام القبائل اليمنية العجز الكبير الذي تتسم به حكومة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي والذي اعترفت به علانية على لسان رئيسها معين عبد الملك "بعجزها الكامل عن مواجهة الأزمة" التي افتعلتها بإجراءاتها الكارثية مع الاستمرار بضخ العملة دون تغطية نقدية إضافة لسماحها بدخول عدد كبير من الأوراق النقدية المزورة إلى السوق اليمنية...

في هذا السياق أشار عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" عبدالله النعمي في حوار خاص مع موقع "الخنادق" إلى ان "عام 2021 كانت أكبر ضائقة على الشعب من خلال الحصار، هذه الخطوة الخانقة استطاعت ان تلحق بشعبنا أذى كبير، مرتبات الموظفين منقطعة منذ أكثر 5 سنوات إلا اننا استطعنا رغم كل المصاعب ان ننجز الكثير من الأمور التي أسهمت بالتخفيف عن الشعب وتجاوزنا الكثير من التحديات لا سيما فيما يتعلق بالحرب النقدية لان كان هناك استهداف كبير للعملة اليمنية بحيث تضرب أمام الدولار واستطاع الريال اليمني ان يصمد امام التحديات التي فرضتها دول العدوان".

السعودية والامارات تتخذان من اليمن حلبة صراع على النفوذ

شهد عام 2021 تزايد في وتيرة الخلافات بين الرياض وأبو ظبي بشكل غير مسبوق وصلت إلى حد الاقتتال والمواجهة العسكرية بين أدواتهما على الساحة اليمنية. كانت آخرها في حضرموت وشبوة، الأمر الذي كان يسهّل الطريق أمام قوات الجيش واللجان الشعبية للسيطرة على مساحات واسعة دون عمليات عسكرية واسعة نتيجة لهذا الانقسام.

أمنياً، يؤكد النعمي ان "العدو لم يستطع ان يحقق أي خرق أمني في الجبهة الداخلية مطلقاً رغم المحاولات الحثيثة التي حاول فيها ان يزرع خلايا تتبع له لكنه فشل ولم يفلح في أي شيء منها، وقد حققنا انتصارات تجاوزت 98% في الجانب الأمني".

لافتاً إلى ان الشعب اليمني "خاص معركة الوعي وهو الآن في مرحلة وعي متقدمة على كافة المجالات وهي المعركة الأصعب". وهذا تجلى بشكل واضح باستجابة عدد من القبائل للمبادرة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي لتحييد أبناء القبائل عن العمليات القتالية كأبناء قبيلة مراد وعدد من قبائل الجوف والبيضاء المحررتين. وهذا يعود لمعرفتهم الحقيقية لما جنته يدا السعودية والامارات الذين أمعنوا في تعذيبهم وخذلانهم في الجبهات واستخدامهم كدروع بشرية.

اليمن وجهاً لوجه مع كيان الاحتلال

لم يكن إحياء ذكرى الصرخة في 3 حزيران/يونيو 2021 كقبله من الأعوام، حيث أعلن فيه السيد الحوثي لأول مرة "سنكون حاضرين بكل ما نستطيع وبكل فاعلية في إطار محور المقاومة وفي إطار معادلة القدس... أننا جزء لا يتجزأ من المعادلة التي أعلنها السيد نصرالله في أن التهديد للقدس يعني حرباً إقليمية في إطار محور المقاومة".

هذا الإعلان الذي يعبّر عن رؤية وتطلعات الشعب اليمني، جاء بالتزامن مع إعلان كل من الشرعية والمجلس الانتقالي رغبتهم بتطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال تيمناً مع مرجعيتهم التي ينتمون إليها والتي سبقتهم للتطبيع بالسر والعلن -الرياض وأبو ظبي-.

ماذا عن العام 2022؟

شبه جمود سياسي عاشته الساحة اليمنية خلال عام 2021 وما قابل ذلك من فجوة اقتصادية زادت الأوضاع سوءاً. لكن مع عدم ضعف احتمالية حدوث تغيير في سياسة "قوى العدوان" تجاه البلاد، نتيجة خسارتها المتزايدة وتعويلها المستمر على كسب أوراق ضغط تذهب بها إلى طاولة التفاوض مع سعي اممي إلى حد الآن بتقديم الرياض على أنها طرف راعي للسلام وإخراج صورتها كطرف ضامن لأي مسار سياسي في اليمن ورفض حكومة صنعاء ذلك، يبدو ان عام 2022 لن يحمل خرقاً سياسياً جديّاً يمكن أن يعوّل عليه إلا بعد حسم معركة مأرب التي قد تنتقل أيضاً إلى الساحل الغربي وباب المندب.

 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور