الأربعاء 02 آذار , 2022 03:35

الأزمة الاوكرانية.. تفضح من جديد ازدواجية المعايير الأميركية والغربية

لاجئون اوكرانيون

شكّلت العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا وما تلاها من تحريض أميركي وغربي وتجييش وحشد مواقف سياسية وإعلامية ضد روسيا، مادة بارزة للسياسة الاميركية المعروفة بسياسة الكيل بمكيالين والمعايير المزدوجة.

فقد عمدت الادارة الاميركية الى حشد كل أداوتها عبر العالم لتشويه صورة روسيا قبيل بدء العملية العسكرية وبعدها، والقول إن موسكو ستعتدي على المدنيين بأوكرانيا وترتكب جرائم حرب، وضرورة الضغط عليها لوقف عملياتها، وصولا لمقاطعتها على مختلف الصعد السياسية والرياضية والاقتصادية والإعلامية، وإغلاق الأجواء والبحار بوجهها.

فالبعض طالما كان يتحدث عن ضرورة إبعاد الرياضة عن السياسة، خاصة عندما كان الرياضيون يرفضون اللعب مع أي رياضي او رياضية من "الكيان الاسرائيلي"، بينما اليوم باتت كل اوروبا تقاطع روسيا وفرقها حتى ان البعض على سبيل الاستهزاء تحدث ان "الفيفا بات عضوا في الناتو"، فلماذا تدخلون اليوم الرياضة بالسياسة بينما سابقا كنتم تستنكرون ذلك؟

والفريق الاميركي الغربي دفع باتجاه الحرب بشكل واضح، وهو لا يزال يلعب دوراً تحريضياً في هذا الاطار لـ"صب الزيت" على نار الحرب، وتأجيج الصراع عبر الحديث عن دعم اوكرانيا والوقوف الى جانبها ودفع الدول للتضامن معها ما يهدد الامن والاستقرار العالميين.

ان ازدواجية المعايير واضحة وضوح الشمس في الأداء الغربي والاميركي، فهم اليوم يتحدثون عن جرائم حرب ترتكب في اوكرانيا، ومن يسمع هذا الكلام (رغم عدم وجود دليل واحد عليها) يعتقد ان من يطلقها هم "حمائم سلام" لم يرتكبوا الجرائم في فيتنام او استخدموا القنبلة النووية ضد اليابان، وما فعلوه من جرائم وانتهاكات في القارتين الافريقية والاميركية لا سيما ضد السكان الأصليين، وصولا الى يومنا هذا، وكما يمكن الاشارة الى بعض الامثلة في تاريخنا الحاضر:

-العدوان الاميركي على افغانستان واحتلالها وقتل مئات آلاف المدنيين، ودفع البلاد للحرب الأهلية وتخريب وتقويض مؤسسات الدولة، وما تخلل ذلك من جرائم حرب وضد الانسانية والتطهير العرقي، وبعد الانسحاب العام الماضي، ترك البلد لحركة "طالبان" في محاولة لإبقاء النزاع مستمرا وفتح الباب امام الاقتتال الداخلي من جديد.

-العدوان الاميركي على العراق وحصاره منذ "حرب الخليج الاولى" واحتلاله في العام 2003 وصرف موازنات مالية ضخمة بهدف تثبيت هذا الاحتلال واختلاق الفتن الطائفية لدفع الشعب العراقي للاقتتال وسرقة ثرواته ونفطه، وما تخلل ذلك من جرائم حرب وضد الانسانية، والاستمرار بالتدخل وخلق الفتن الداخلية حتى الساعة.

-دفع نظام صدام حسين الى الاعتداء على إيران وفرض الحرب عليها لمدة 8 سنوات بهدف استنزاف قدرات البلدين، وإضعافهما خدمة للمصالح الاميركية والاسرائيلية.

-الحرب ضد سوريا وجلب جيوش ومرتزقة من مختلف أنحاء العالم لتدميرها وتفكيكها ومحاولة تقسيمها بما يخدم مصالح واشنطن في سرقة النفط السوري وتأمين الاستقرار للكيان الإسرائيلي المؤقت عبر إشغال محور المقاومة ومحاولة إضعافه.

-العدوان العسكري على ليبيا بحجة إسقاط النظام وصولا لسرقة نفطها والتحكم بقراراها السياسي والسيطرة على مواردها الطبيعية وموقعها الجغرافي.

-العداون الاميركي السعودي الاماراتي على اليمن للسنة الثامنة على التوالي بدون ان يرف جفن للإدارة الاميركية ولحلف الناتو، وللامم المتحدة للسعي وإيقاف الحرب العبثية التي تؤدي الى قتل المدنيين وتدمير البلاد عبر استهداف المؤسسات الصحية والتعليمية والصناعية والمس بالخيرات الطبيعية والبيئية التي تتميز بها العديد من المحافظات اليمنية لا سيما جزيرة سقطرى.

-تواصل الدعم الغربي والاميركي للجماعات الارهابية (التي هي صنيعة أميركية) في العديد من الدول لا سيما العراق وسوريا بهدف استخدامهم لارتكاب جرائم إرهابية جديدة خدمة لمصالح اميركا والناتو.

-الجرح التاريخي النازف للإنسانية المتمثل بفلسطين وقضية شعبها الذين هجّروا من أرضهم وتم تضييع حقوقهم وسلب مقدساتهم، في ظل الجرائم الاسرائيلية المتواصلة عليهم منذ العام 1948، ومن يتحمل مسؤولية ذلك هو الغرب بشكل عام وبالتحديد بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية، حيث تواصل الاخيرة تقديم كل الدعم للكيان المؤقت على الرغم من الجرائم المستمرة واليومية ضد الشعب الفلسطيني وارضه.

-حماية "اسرائيل" في عدوانها على لبنان منذ العام 1978 وحتى تاريخه (حيث تواصل احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتعتدي عليه بشكل متواصل جوا وبحرا وتشكل تهديدا لأمنه واستقراره) مرورا بسلسلة من الحروب التي كان أبرزها عدوان تموز 2006 وما ارتكب فيه الجيش الاسرائيلي من جرائم حرب.

في كل هذه الامثلة وغيرها كانت الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والامم المتحدة، تعتبر ان ما يرتكب هو دفاع عن حقوق الانسان او دعم للديمقراطيات، بينما تزعم ان المقاومات هي "إرهاب"، وهذا يظهر ازدواجية المعايير بشكل فاضح، فهم لو قدر لهم التدخل مباشرة وتفكيك روسيا وضرب مصالحها فلن يتأخروا، بينما يعتبرون ان دفاع روسيا عن نفسها ووجودها وأمنها القومي هو جريمة، في حين هم يجيزون لأنفسهم التدخل في بحر الصين واستراليا وبحر اليابان وغيره من الأمكنة على الكرة الارضية بذرائع واهية، وفي كل ذلك يستخدمون الاعلام كسلاح فعال في كيّ الوعي لدى الناس وغسل الادمغة وقلب الحقائق، كل ذلك يؤكد انهم مجرمون محترفون ولكن يظهرون الى الرأي العام بشكل لائق وبنعومة خبيثة معتمدين على تلميع صورتهم وإظهار ضحاياهم بأنهم مذنبون.

يبقى الاشارة الى ان ازدواجية المعايير الغربية التي تطبق في مجال العنصرية والتمييز بين الشعوب، برزت مؤخرا بشكل فاقع عبر ما قاله اعلاميون غربيون بضرورة فتح الحدود الاوروبية امام الاوكرانيين باعتبار انهم من اصحاب "البشرة البيضاء والعيون الملونة" وليسوا من السوريين او العراقيين او الافغان الذين يهربون من الاوضاع الصعبة باتجاه اوروبا، ما يفضح ادعاءات العالم الغربي وصورته المزيفة بحماية واحترام الحريات والانسان وحقوقه.





روزنامة المحور