الإثنين 29 آب , 2022 04:50

جدعون ليفي: معارضة الاتفاق النووي مناورة لتحقق إسرائيل بعض المكاسب

مفاوضات الاتفاق النووي

يكثّف مسؤولو كيان الاحتلال من الضغط العام ومن التصريحات المعارضة للاتفاق النووي، فيما لا تعدّ هذه الحملة سوى مناورة إسرائيلية تحقق للكيان المكاسب، اذ يخوض المتنافسون على منصب رئاسة الحكومة حملاتهم الانتخابية بالتحريض ضد الاتفاق. وفي مقاله في صحيفة "هآرتس" العبرية أوضح الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي أن مسؤولي الكيان يستخدمون التحريض ضد الاتفاق للتعتيم على المشاكل الداخلية ولصرف نظر المجتمع الدولي عن تجاوزاتهم بحق الشعب الفلسطيني والأهم "لإثراء منظومة الدفاع بالمزيد والمزيد من الميزانيات" ومن دعم الولايات المتحدة، فيما يعتبر ليفي أن "إسرائيل بحاجة الى الاتفاق النووي مثل حاجتها الى الاوكسجين". 

المقال المترجم:

رجاء، لا تزعجوا إسرائيل. فهي تحارب ضد النووي الإيراني. هذا النضال استهدف منع وصول إيران الى القنبلة النووية، لكن ليس أقل من ذلك خدمة إسرائيل في مجالات أخرى. لذلك، هي ستواصل هذا النضال ولن تتوقف عن اثارة ضجة عالمية ولن تتنازل حتى لو كانت احتمالية النجاح هي صفر.

لذلك، يائير لابيد يتصرف بالضبط مثل بنيامين نتنياهو في معارضته الصارخة والعنيدة للاتفاق. حتى على هذا الصعيد لا يوجد أي فرق بين سلوكهما. ويجب المعرفة بأن هذا، مجرد النضال، تحول خلال السنين الى هدف يفيد إسرائيل. فهذه حرب ضد تزود دولة تهدد بشكل علني إسرائيل بسلاح نووي ولكن في نفس الوقت هذه أيضا معركة لإزالة ما تعتبره إسرائيل تهديد وجودي وهو المعارضة العالمية للاحتلال.

منذ بدأت في النضال ضد النووي الإيراني نجحت إسرائيل في أن تقلب رأساً على عقب مضمون الخطاب العالمي. إذ كان حتى ذلك الحين أي لقاء سياسي تناول حل النزاع فالآن تم اقصاء هذا الموضوع الى الزاوية، لينتقل الحوار الى الموضوع الاكثر اهمية حقا وهو النووي الإيراني. لا تزعجوا إسرائيل الآن بالقانون الدولي والأبرتهايد، ألا ترون أنها منشغلة بإيران؟

إيران تمكّن إسرائيل من العودة الى الموقف المحبب إليها – موقف الضحية الابدية التي يوجد من يسعى الى تدميرها؛ عندما تصرخ إسرائيل "تدمير" فمن الذي لا يهب لمساعدتها. عندما وجود الدولة يكون مهدد من قبل دولة اخرى فلا يمكن ازعاجها بصغائر الامور بخصوص الاحتلال والمستوطنين وحقوق الانسان. والعالم يتنازل بسهولة. حتى بهذا الشكل ليس له اهتمام خاص بحل القضية الفلسطينية، توجد له مواضيع ملحة وقابلة للتحقق بصورة أكبر. هكذا، الخطاب حول إيران يخدم الجميع تقريبا.

خلال سنين كان الارهاب الفلسطيني (المقاومة الفلسطينية) هو الذي خدم إسرائيل، حيث أنه لا يمكن الوثوق بخاطفي الطائرات ومفجري الحافلات. حتى حماس خدمتها. ولكن الارهاب الفلسطيني بهذه الابعاد تضاءل، وإسرائيل بحاجة بصورة ملحة الى تهديد خارجي جديد من أجل صد المعارضة العالمية لسياستها. إيران بزغت في الشرق، معجزة كبيرة حدثت لنا. إيران ليس فقط أنست القضية الفلسطينية، بل هي ايضا ساعدت على توحيد الصفوف في الداخل: تهديد خارجي وجولات تخويف دائمة هي جيدة للنظام، لأي نظام حاكم. لا يوجد هناك ايضا مثل التهديد بالصيغة الإيرانية من اجل اثراء منظومة الدفاع بالمزيد والمزيد من الميزانيات وزيادة اهميتها. خطر حرب.

إيران ايضا تمكّن إسرائيل من مواصلة التألق على رأس الاجندة الدولية: النووي الإيراني هو قضية عالمية، وإسرائيل تلعب فيها دور رئيسي باعتبارها الضحية الاولى المحتملة. كل ذلك لا يعني أن إيران لا تشكل تهديد استراتيجي ولكن إسرائيل تعرف كيف تستخلص الفائدة من كل تهديد. الاتفاق الاكثر معقولية الذي يمكن التوصل اليه آخذ في التبلور، وإسرائيل مرة اخرى تصرخ، ربما على الاقل هي ستحصل على تعويض مناسب من الولايات المتحدة. وقد أصبحوا يتحدثوا عن المزيد من المساعدات العسكرية كتعويض عن اتفاق سيكون جيد لإسرائيل.

بغض النظر عن كيفية عرض ذلك، إسرائيل ستستفيد. كما يبدو، يجب علينا التفاخر بالسياسة التي تمنح مكاسب لإسرائيل وايضا تحميها بقدر الامكان. ولكن مثلما في كل صفقة، ايضا الصفقة الإيرانية جاءت على حساب شيء آخر. وهذا الشيء الآخر هو انهاء الاحتلال. إيران بالتأكيد لم تتعمد ذلك وايضا إسرائيل، لكن في السنوات الاخيرة لم يكن هناك أي شيء آخر خدم الاحتلال الإسرائيلي بهذا القدر الكبير والناجع مثل التهديد الإيراني. الآن بقي فقط أن نأمل بأن الاتفاق مع إيران لن يسقط فإسرائيل بحاجة اليه مثل حاجتها الى الاوكسجين.


المصدر: هآرتس

الكاتب: جدعون ليفي




روزنامة المحور