الأربعاء 31 آب , 2022 02:11

ان تسجن 45 عاماً بسبب تغريدة!

معتقلو الرأي في السعودية

قد تأتي الاغتيالات على أشكال متعددة. ليس آخرها وضع قنبلة تحت مقعد السيارة. ولا أكثرها سوءاً القتل بالدفع من علٍ. لكن، مما لاشك فيه، أن أكثرها وحشية، تلك التي تمعن فيها بقتل أحدهم أكثر من مرة يومياً، باعتقاله لمدة 45 عاماً بتهمة "إبداء الرأي"، بعد سنوات من توقيفه دون محاكمة. خمس وأربعون عاماً -هي مدة تتجاوز حد المؤبد في بعض الدول- سيقضيها سجناء الرأي والمعتقلون السياسيون في السعودية، دون ان يؤثر ذلك على صورة ولي العهد، الذي يعمل جاهداً لتلميعها مستعيناً بشركات استشارية بريطانية مثل "بيل بوتينغر"، وفق ما كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في 20 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2018.

أخيراً، أصدرت محكمة الاستئناف المتخصصة بجرائم الإرهاب، حكم السجن بحق نورة القحطاني، لمدة 45 عاماً، بتهمة "الإخلال بالنظام العام" بسبب منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، وأدانتها "بالسعي لزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية والإخلال بتماسك المجتمع ونظامه العام عبر الشبكة العنكبوتية".

وجاء هذا الحكم بعد أسابيع فقط، من إصدار حكم بسَجن طالبة الدكتوراه سلمى شهاب -وهي أم لطفلين- بالسجن لمدة 34 عاماً، على خلفية إعادة نشر (ريتويت) لتغريدة على حسابها في "تويتر". بعد إدانتها بتهم "تقديم الإعانة إلى معارضين يسعون لزعزعة استقرار الدولة". وتقول صديقة مقربة من شهاب، والتي كانت اعتقلت منذ كانون الثاني/ يناير عام 2021، ان الأخيرة لم تأخذ بالتهديدات التي كانت تتعرض لها بالإبلاغ عنها لقوى الأمن، حيث انها اعتقدت بأن "الأمن لن يهتم بشخص لديه أقل من ألفي متابع على حسابه".

وضمن سلسلة الاحكام غير المنطقية، التي صدرت مؤخراً، الحكم بالسجن على الأبناء الثلاثة لعالم الدين البارز السيد طاهر الشميمي، على خلفية مشاركتهم في التظاهرات السلمية في القطيف. وفي التفاصيل، فقد أُصدرت أحكاماً تقضي بالسجن 35 عامًا على السيد صادق الشميمي، و30 عامًا على ولده هادي، و15 عاماً على ولده رضا، بعد توقيفهم في البحرين.

كما يذكر ان الابن الرابع، محمد -الذي اعتقل وهو بعمر الـ 17عاماً في نيسان/ ابريل عام 2012-، فقد برزت آثار التنكيل عليه، بعد 3 أشهر من التعذيب التي كانت سبباً بفقده للنطق والحركة والتركيز. وبعد أن ساءت حالته الصحية، اضطرت السلطات للإفراج عنه في حزيران/يونيو 2014.

مرحلة جديدة من القمع

وفي حديث خاص مع موقع "الخنـادق" يشير المحامي والمستشار الحقوقي طه الحاجي، انه قد "سمعنا أحكام خيالية وفلكية لم نستطع التحقق منها بعد، لذلك لم تنشر. الآن نحن في مرحلة شديدة من القمع غير مسبوقة". لافتاً إلى ان "الحكومة قد تلجأ إلى التخفيف نتيجة الأعداد الكبيرة للإعدامات لكنها تعوّض ذلك بأحكام قاسية مثل هذه الأحكام". وتابع "رغم ان احكام الإعدام لا زالت تصدر إلى الآن، والأعداد بتزايد مستمر".

ويقول الحاجي ان "الأحكام التي صدرت بحق سلمى الشهاب، 34 عاماً، لحكم لمجرد التغريدات فقط او متابعة او ريتويت هي تؤسس لمرحلة جديدة من القمع". مؤكداً على ان "القضاء السعودي هو قضاء مسيس وغير عادل وغير نزيه... لقد زرع الخوف بنفوس الناس بشكل لا يستطيعون حتى الحديث فيما بينهم، داخل العوائل عن هذه الأحكام".

هل 35 عاماً هو حكم مؤبد؟

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هذه الأحكام تعتبر أكثر من حكم "المؤبد"، يوضح الحاجي خلال حديثه مع "الخنـادق" ان "السعودية لا تستخدم مصطلح الحكم المؤبد. فليس لديها لا في القانون ولا الأحكام شيء اسمه قانون "مؤبد". في الواقع، هناك مشروع قانون تكلم عن "المؤبد" ومسودة تطبق في قانون العقوبات وذكروا ان المؤبد هو مدى الحياة".

ويكمل طه الحاجي "المشكلة اننا الآن امام قضاء مسيس. إذ تم تأجيل القضايا الى فترة طويلة وجرى تغيير عدد كبير من القضاة ثم بعد ذلك انفجرت هذه الأحكام". كاشفاً عن ان "الحكومة تعمّدت احضار وجلب قضاة معينين وبصفات معينة وبرمجتهم على أمور معينة لذلك رأينا هذا الانفجار بالأحكام بشكل غير معقولة وغير منطقي وغير إنساني".


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور