الجمعة 16 أيلول , 2022 03:59

قطاع غزّة.. الوجه الآخر

قطاع غزة

أُعلن عن قطاع غزّة في 12 أيلول / سبتمبر من العام 2005 أرضاً محررةً، لأول مرّة منذ العام 1948، بعد أن انسحب منها آخر جندي ومستوطن إسرائيلي. لم يتحمّل كيان الاحتلال كلفة البقاء أمام المقاومة وعملياتها العسكرية التي وصلت الى التصنيع الصاروخي (الصواريخ الأولى قصيرة المدى) خلال 5 سنوات تقريباً من الانتفاضة.

أخلى الاحتلال – مجبراً - 21 مستوطنة كانت تحتل حوالي ربع مساحة القطاع الذي لا يتعدى 360 كيلو متر مربع. وبطبيعة الحال كان الاحتلال قد اختار المناطق الاستراتيجية في القطاع لبناء المستوطنات بهدف نهب واستغلال موارد وثروة غزّة وفلسطين، من مياه عذبة وتربة خصبة.  

قسّم المحلل السياسي الفلسطيني إياد القرا في حديثه مع موقع "الخنادق" هذه الأراضي المحررة الى 3 أنواع:  

_ أراضي دولة (قبل عام 1948) سيطر عليها الاحتلال

_ أراضي وأملاك للمواطنين

_ مناطق من الصعب العمل فيها تمسى "المناصي" (المناطق الساحلية في الجهة الغربية من القطاع وتمتد من الوسط الى الحدود المصرية بعرض 3 كيلو متر وأحياناً 6 كيلو متر). أقام عليها المؤسسات والمنشآت الزراعية والبيوت البلاستيكية والمواقع العسكرية بالإضافة الى آبار المياه العذبة التي كان ينقلها للزراعة والى الداخل المحتل.

شكّلت المحررات التي تقدّر سلطة الأراضي في غزّة مساحتها بـ 15 ألف دونماً الأرضية لبناء مشاريع تنموية يحتاجها القطاع للنهوض بعد 38 عاماً من الاحتلال. وتابع "القرا" أن بعد الانسحاب الإسرائيلي "شٌكّلت هيئة اسمها "هيئة إدارة المحررات" عملت على ترميم هذه المناطق التي أخلاها الاحتلال والتي دمّرها بنفسه قبل الانسحاب كما عملت على إعادة التوزيع باستثمارات مختلفة".

أٌهلّت أغلب المساحات الزراعية على يد شركات مختصة أو مزارعين محليين. وقد ساهم هذا الاستثمار في معالجة بعض الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع وتأمين سلّة غذائية من الخضروات والفواكه مثل الطماطم والبطاطا والفلفل والبصل والباذنجان، والبطيخ الشمام والزراعات الموسمية الى جانب الزراعات الشجيرة مثل المانغا والحمضيات والجوافا واللوزيات والعنب. ما وفّر الأمن الغذائي وبل مكّن القطاع من تصدير منتوجاته الى الضفة الغربية. وفق ما أوضح "القرا". ذلك بالإضافة الى مشاريع ذات انتاج حيواني مثل مزارع الحبش التي تؤمن حوالي 80% من حاجة السوق في القطاع. وكذلك اتسع صيد الأسماك بشكل كبير.

شُيّدت مناطق سكنية كاملة على هذه المحررات مثل مدينة "حمد" في خانيونس التي تضم حوالي 3000 شقة سكنية وعمارات واسعة ومدن للأسرى المحررين، الى جانب أحياء عديدة منها "الحي الاماراتي" و"الحي السعودي" و"الحي الياباني"، وجرى تأهيل البنية التحتية للقطاع.

وأضاف "القرا" أن " هناك جامعة تعتبر الأكبر على مستوى قطاع غزّة وهي "جامعة الأقصى"، وأغلب مبانيها وكلياتها نشأت على هذه المحررات".

 كذلك أقيمت المستشفيات مثل المستشفى "الصداقة التركي - الفلسطيني".

من جانب آخر، استٌفيد من المحررات لبناء المراكز الترفيهية والمنتجعات التي كان القطاع وأهله محرومون منها، على سبيل المثال مدينة "أصداء" في خانيونس التي تضمّ ألعاباً مائية، ومدينة "النور" (التي تضم ألعاباً للأطفال)، فضلاً عن المنتزهات على بحر القطاع.

على الصعيد العسكري، استفادت فصائل المقاومة الفلسطينية من اتخاذ مواقع عسكرية للتدريب على مساحات بعيدة عن التجمعات السكانية، وقد شكّلت المستوطنات ومخلفاتها من بنى تحتية وأدوات صحية وغيرها المواد الأولية للتصنيع العسكري المحلي.

سمحت كلّ هذه المشاريع بدخول الاستثمارات الأجنبية الى قطاع غزّة، خاصة بعد عام 2007، وتشغيل اليد العاملة الفلسطينية التي تعاني من نسب مرتفعة من البطالة ومن الأوضاع الاجتماعية الصعبة، هذا من جهة. ومن جهة ثانية مثّل هذا الاستثمار جزءً من صمود ومواجهة الشعب الفلسطيني للحصار والاحتلال، وأكّد على وجود كنزٍ يمكن تطويره أكثر للتخفيف بشكل كبير من وطأة قيد المعابر وحركتها التي يتحكّم بها الاحتلال. وكانت وجهاً آخر لقطاع غزّة غير الظروف الإنسانية والدمار.  


الكاتب: مروة ناصر



دول ومناطق


روزنامة المحور