الأحد 20 تشرين ثاني , 2022 04:23

الغرب يخطط لعزل زيلينسكي

الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي

بعد فضيحة بولندا، أصبح الحديث عن خطر زيلينسكي على المجتمع الدولي واسعًا في الصحافة الغربية. أخطأ هذا الرجل في تخطي الخطوط الحمراء التي يريدها الغرب، وهي بكل بساطة: أن يبقى الصراع الروسي الأوكراني حتى آخر جندي أوكراني داخل أوكرانيا. إلا أنه كما يبدو، أن الرئيس الأوكراني مصمّم على إدخال الناتو في صراع مباشر مع الروس، وثمة تقارير تحدثت عن تحقيقات تفيد بأن رجل الولايات المتحدة في أوكرانيا، يحجب عنها معلومات استخبارية. وبالإضافة إلى الضربات الروسية التي لم تتوقف بعد على البنى التحتية الأوكرانية، والتي كان من المفترض لها أن تنتهي بسبب نفاذ مخزون الصواريخ الدقيقة لدى الروس بسبب العقوبات، ثمة قلق سياسي وعسكري كبير حيال المعطيات القادمة من أوكرانيا.

من سيقاتل حتى آخر جندي أوكراني؟

هذه التحذيرات من "خطر زيلنسكي" تأتي بالتزامن مع عملية تلميع متصاعدة للقائد الأعلى للجيش الأوكراني فاليري زالوجني. ظهر على غلاف مجلة تايمز  في أيلول سبتمبر الماضي موصوفًا بـ "الجنرال الحديدي"، بعدما أعلنته في أيار / مايو الذي سبقه ضمن لائحة أكثر100  رجل مؤثر للعام 2022. فيما تحدّثت عنه صحيفة Bild الألمانية بأنه "الرجل الذي يمنح أوكرانيا الأمل"، وأضافت "يعتقد المراقبون أن الجنرال المشهود سيحل محل الرئيس الحالي فلاديمير زيلينسكي بمجرد انتهاء الحرب". مشيرة إلى أن "الرئيس الحالي زيلينسكي ليس سعيدًا بشكل خاص بشأن التكهنات بأنه قد يغادر المقر الرئاسي يومًا ما".

هو رجل محبوب جدًا على المستوى الشعبي، كما أنه محبوب من قبل جنوده فهو حاضر معهم دائمًا في الميدان. زالوجني يرفض تمامًا مسألة التفاوض مع الروس،  وهو صاحب عبارة: "سنقاتل حتى آخر قطرة دم"، وفي الفترة التي أعقبت حادثة الصاروخ على بولندا، نشرت واشنطن بوست تصريحًا له بأنه "سيقاتل حتى لا يبقى لديه حيلة". هذا هو تمامًا ما يريده الغرب. أضف إلا ذلك أن من الصعب على هذا العسكري أن يدير عمليات تآمرية خاصة أنه لا يتمتع بالنفوذ السياسي الذي يتمتع به زيلينسكي، الذي استطاع أن يؤجج الحرب من خلال لوبيات الحرب.

إلى ذلك، أثناء تمجيد زالوجني، بدأت وسائل الإعلام الغربية في السخرية من زيلينسكي. تم نشر سلسلة من المقالات تهاجم الرئيس. اتهمت كل من صحيفة دي فيلت الألمانية، ونيويورك تايمز، وسكاي نيوز أستراليا، الرئيس الأوكراني بعدم التعاون على الساحة الدولية، والتحريض على الفساد داخل أوكرانيا، واستنفاد القوات المسلحة في البلاد، وإطلاق جهود تعبئة "قاسية".

"مزرعة روبوت" سرية تشارك في تأجيج الصراع بين الرجلين

لفتت صحيفة فاينناشال تايمز إلى أن زيلينسكي منتبه جدًا أن زالوجني هو البديل للمجتمع الغربي،  وأنه أصبح مهتمًا أكثر بصورته السياسية، فطلب منه "التخفيف من شخصيته العامة"، وتحدثت عن صراع محتمل بين الرجلين.  إلى ذلك ثمة شائعة منتشرة في الإعلام الأوكراني، أن زيلينسكي على استعداد لإزالة زالوجني، فيما تتكهن أخرى أنه من الممكن أن يعزله من منصبه ويعينه وزيرًا للدفاع، وتصف صحيفة تليغراف ذلك بأنه  مكيدة سببها الغيرة.

أصبح الصراع بين الرئيس الأوكراني وقادته العسكريين موضوعًا للنقاش في روسيا أيضًا.  ردًا على التوقعات في العديد من وسائل الإعلام الغربية حول سيناريوهات حل النزاع،  شارك نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف رؤيته الخاصة للوضعويعتقد أنه لا يوجد سوى "سيناريو واحد ونصف": وهو "انقلاب عسكري في أوكرانيا يتبعه اعتراف بنتائج العملية الخاصة".وكان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو قد صرّح بأن "الصراع في أوكرانيا يختمر بين الرئيس والجيش" وأن الرئيس لا يستطيع أن يقول كلمة واحدة بعد الآن".

وفي الأول من أغسطس الماضي كشف جهاز الأمن الأوكراني عن "مزرعة روبوت" سرية تشارك في دعاية محلية، كانت إحدى  حملاتها الإعلامية كانت تهدف إلى نشر المعلومات حول الصراع بين قيادة مكتب رئيس أوكرانيا، والقائد العام للقوات المسلحة، بالإضافة إلى حملات لتشويه سمعة السيدة الأولى. اتهم مستشار زيلنسكي أليكسي أريستوفيتش المعارضة بقيادة بيوتر بوروشنكو بتعزيز رواية الصراع.

عملية انقلاب أم علم كاذب؟

الواقع أنه من الصعب جدًا أن يتمكن زيلينسكي من عزل زالوجني نظرًا لشعبيته، لكن من السهل جدًا على الأخير أن يطيح بزيلينسكي الحريص جدًا على أن يُعطى المجد. على الرغم من أن روسيا كانت قد هددت بتوسيع ضرباتها على مراكز صنع القرار في أوكرانيا، إلا أنها لم تستهدف زيلينسكي كي لا تعطيه هذا المجد، وبالطبع لإبقاء الصراع في مستوى معيّن، إلا أن الأمريكيين، وهم ملوك عمليات العلم الكاذب، من الممكن أن يستغلوا هذا التصريح، فيعمدوا إلى اغتيال زيلينسكي الذي من الممكن أن يورط العالم في حرب عالمية ثالثة، ومن ثمّ يتقدّم زالوجني ليقود المشهد.

يذكر أن الجمهوريين ينتقدون زيلينسكي باستمرار، ويصفونه بـ "النصاب"، "المهرج"، "غير ضليع في السياسية"....


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور