الخميس 19 كانون الثاني , 2023 03:39

البريكس لتجاوز الدولار.. هل تفعلها السعودية!

زعماء دول البريكس

نظرًا لاستخدام الدولار كسلاح سياسي ضد الدول التي تختلف معها الولايات المتحدة، اتخذ النقاش في البريكس حول إنشاء عملة جديدة زخمًا أكبر، خاصة بعد فرض العقوبات على روسيا، فعندما تكون تلك الدول خاضعة للعقوبات، تتأثر بقية دول بريكس بمثل هذه العقوبات، وعليه فإن عملة جديدة ستنتمي إلى الدول الخمس ستكون أفضل، لأنها لا تنتمي إلى دولة واحدة بل لكل دول المجموعة.

أعادت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور قبل أيام، إثارة مسألة سعي نادي بلدان البريكس للاقتصادات الناشئة لإيجاد طريقة لتجاوز الدولار، بهدف إنشاء نظام دفع أكثر عدلاً لا ينحرف نحو الدول الأكثر ثراءً. "لطالما شعرنا بالقلق إزاء حقيقة أن هناك هيمنة للدولار وأننا بحاجة إلى البحث عن بديل ... تميل الأنظمة المعمول بها حاليًا إلى منح الأفضلية للدول الغنية جدًا وتميل إلى أن تكون تحديًا حقيقيًا للبلدان، مثل نحن أنفسنا، الذين يتعين عليهم دفع مبالغ بالدولار والتي تكلف أكثر بكثير من حيث عملاتنا المختلفة. لذلك أعتقد أنه يجب تطوير نظام أكثر عدلاً وهذا شيء نناقشه مع وزراء البريكس في مناقشات القطاع الاقتصادي". تقول باندور.

كيف يتم التعامل بالعملة الجديدة؟

هذا يعني إنشاء عملة تمثل المؤشر المتوسط للعملات الخمس. وبذلك يمكن لجنوب أفريقيا أن تشتري سلعاً صينية بعملة الراند كما يمكن للصينيين أن يقوموا بشراء السلع من جنوب أفريقيا باليوان، ولكن لتبسيط الأمر بين الدول الخمس، يجب أن تكون هناك عملة موحدة تمثل متوسط العملات الخمس لتصبح بعد ذلك هي العملة السادسة المشتركة.

قالت باندور إن أحد أسباب قيام مجموعة بريكس: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، بإنشاء بنك التنمية الجديد (NDB) في عام 2014 هو إيجاد بديل لهندسة المدفوعات القائمة على الدولار. "لدى بريكس عدد من اللجان القطاعية التي تنظر في قضايا السياسة والأمن، والاقتصاد والتبادل بين الأفراد، وفي السياق الاقتصادي، نحن نبحث في كيف يمكن أن يساعدنا بنك التنمية الوطني والتشكيلات المؤسسية الأخرى في تطوير سياسة أكثر إنصافًا".  وخلال المنتدى الاقتصادي لدول المجموعة الذي انعقد في حزيران/يونيو الماضي قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان بلاده تبحث خلق عملة احتياطية دولية جديدة بديلا عن الدولار الأمريكي تستند على سلة عملات دول بريكس بأوزان مختلفة بحيث يعادل وزن كل عملة حجم وقوة الاقتصاد الذي تعبر عنه.

ما علاقة السعودية بالعملة الجديدة؟

بعدما أعلنت السعودية رغبتها بالانضمام إلى دول البريكس، انطلقت ردود فعل مرحبة وأثارت تساؤلات حول تأثير ذلك على العلاقات مع واشنطن. بالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية التي يمكن أن يمنحها النفط السعودي لمجموعة البريكس لزيادة وزنها في الاقتصاد العالمي، إلا أن أهم خطوة إلى الأمام هي فكرة زيادة الاعتماد على العملات المحلية في تسوية مدفوعات التجارة المشتركة وغيرها من المبادلات في المجالات الاقتصادية لتقويض سلاح الدولار الأمريكي، وفي حالة خلق عملة جديدة، فإن مبيعات النفط السعودي إلى الصين باليوان كما صرّح الرئيس الصيني لدى زيارته إلى السعودية، سيعزز ذلك بشكل كبير إقامة منطقة نقدية جديدة مستقلة عن الدولار وتعادل وزن كل عملة حجم وقوة الاقتصاد الذي تعبر عنه مثلما فعلت دول منطقة اليورو.

من جهته قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن المملكة العربية السعودية منفتحة على المناقشات بشأن التجارة عبر استخدام عملات بخلاف الدولار الأميركي. وأضاف الجدعان في مقابلة مع "بلومبرغ" في دافوس قبل يومين "لا توجد مشاكل في مناقشة كيفية تسوية اتفاقاتنا التجارية سواء كانت بالدولار الأميركي أو اليورو أو الريال السعودي".

هل تفعلها السعودية؟

السعودية هي أكبر خام في العالم مصدر نحو آسيا، والصين هي أكبر مستورد للخام السعودي، وقرار السعودية ببيع نفطها بعملة غير الدولار، سيكون له الأثر الحاد على هيمنة الدولار الأمريكي على سوق البترول العالمية. إلا أن السعودية لم تنضم لحدّ الآن إلى المنظمة رسميًا.

الواضح أن السعودية تمارس الاستفزاز والضغط بكل الوسائل على الولايات المتحدة لتنفيذ شروط بن سلمان التي تتعارض مع الأجندة الأمريكية في المنطقة. في الفترة المقبلة من المتوقع أن يضجّ الإعلام الخليجي والعربي ومنصات مراكز الفكر الممولة سعوديًا، بأن السعودية تتجه نحو فك ارتباطها بالدولار في مبيعاتها النفطية، وسيبدو الإعلام الأمريكي قلقًا من هذه الخطوة، إلا أنه من غير المتصوّر أن تسمح الولايات المتحدة أن ينتهي عصر البترودولار بهذه البساطة، ثمة تحولات عالمية أقسى لا بدّ أن تحصل قبل أن تعود الولايات المتحدة إلى حجمها الطبيعي.


الكاتب: زينب عقيل




روزنامة المحور