الجمعة 02 تموز , 2021 04:48

لا إعتراض جنبلاطي على الدعم الروسي للبنان.. ولكن؟!

وليد جنبلاط

لا شك ان الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان كان من أبرز اللاعبين على الساحة السياسية منذ تسعينات القرن الماضي، كما كان له دوره خلال فترة الحرب الاهلية التي امتدت من العام 1975 حتى العام 1990، وكان لهذا الحزب ولقيادته خاصة لرئيسه السابق كمال جنبلاط ومن ثم لنجله الرئيس الحالي وليد جنبلاط علاقات متشعبة داخليًا وإقليميًا ودوليًا من بينها تلك التي ربطتهما بالروس منذ أيام الاتحاد السوفياتي وحتى اليوم.

ويطفو بين الحين والآخر الحديث عن هذه العلاقة خاصة اليوم في ظل بروز حراك روسي نشط في المنطقة بشكل عام وبالتحديد في لبنان، ومن ضمن هذا الحراك وصول وفد اقتصادي تقني روسي حيث قدم عروضًا مغرية للاستثمار في مجالات النفط والكهرباء وإعادة ترميم مرفأ بيروت وغيرها من المشاريع الحيوية للبنان، علمًا ان مطلع الشهر الماضي كان من المقرر ان يزور وليد جنبلاط موسكو للقاء المبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير خارجية ميخائيل بوغدانوف، قبل ان يتم تأجيل اللقاء لأسباب وصفت بـ"التقنية"، وقد اتصل جنبلاط يوم الاربعاء 30-6-2021 ببوغدانوف مطمئنًا الى أحواله بعد تعافيه من كورونا.

ولكن اليوم تطرح العديد من التساؤلات عن مدى متانة العلاقة بين جنبلاط والروس، وهل أن الزيارة التي أجلت سوف تقام عما قريب أم أنها ألغيت؟ وهل ان جنبلاط يرحب بالاستثمار الروسي في لبنان؟ وهل لديه مصالح وطموحات خاصة في هذا المجال؟ وهل الانفتاح الروسي الجديد القديم سيسهم بفتح آفاق جنبلاط نحو دمشق وقيادتها بعد سنوات "عجاف" من العلاقة نتيجة المواقف التي اتخذها جنبلاط خلال الازمة السورية؟ وماذا عن الاولويات الجنبلاطية في الداخل؟

حول كل ذلك قال عضو "اللقاء الديمقراطي" التابع للحزب التقدمي الاشتراكي النائب بلال عبد الله في حديث خاص لموقع الخنادق إن "زيارة جنبلاط الى موسكو تأجلت لأسباب صحية جراء إصابة بوغدانوف بكورونا"، ولفت الى ان "جنبلاط اتصل ببوغدانوف مؤخرا للاطمئنان عليه بعد شفائه"، وأكد ان "الزيارة لم تلغى بل في الفترة المقبلة ستحصل ولكن الموعد لم يحدد بشكل دقيق وعندما تتحدد سيعلن عن ذلك ضمن القنوات التقليدية".

وقال عبد الله إن "الحزب الاشتراكي ورئيسه لا يمانعان الدعم للبنان وهو مرحب به من أي جهة كانت، بمن فيها روسيا خاصة بعد كل ما أصاب البلد من أزمات بالتحديد بعد انفجار مرفأ بيروت وما أصاب شركة الكهرباء من أضرار ناهيك عن أزمة المحروقات"، وتابع "لكن هذا الدعم مشروط بأن يخدم المصلحة العامة اللبنانية"، ولا يخفى على أحد مدى الضغوط الاميركية التي تمارس على الدولة والزعامات السياسية في لبنان لمنع دخول بعض الدول كروسيا والصين وايران للاستثمار بشكل كبير ودعم مختلف المؤسسات لا سيما الجيش والقوى الامنية، واعتبر النائب عبد الله ان "جنبلاط في المراحل المفصلية لا يضيع البوصلة بل يقدم المصلحة العامة على غيرها انطلاقًا من حكمته ورؤيته للأمور، وبالتالي هو على هذا الأساس يتحرك في هذا الملف وكل الملفات".

ولفت النائب الاشتراكي الى ان "روسيا تتدخل في لبنان من باب الحرص والمصالح أيضا، لان لديها مصالح في المنطقة نتيحة وجودها في سوريا أولا، كما انها تهدف للاستفادة من النفط والغاز في شرق المتوسط"، وأشار الى ان "روسيا ليست الدولة الوحيدة التي تتعاطى وتتدخل بهذه الملفات"، واوضح ان "الدول تتعاطى وفقا للمصالح، وبالتالي يجب ان تكون مصلحة لبنان مؤمنة في اي دعم او استثمار أجنبي".

وانطلاقًا من ذلك رأى عبد الله ان "الاساس اليوم ان يكون في لبنان حكومة عاملة قادرة ان تضع الخطط والرؤى لان الدول لا تتعاطى مع جهات وافراد وانما تتعاطى مع دول"، وتابع "الحكومة أساسية هنا لانها هي من سيوقع على أي اتفاقية وبالتالي غير ذلك يكون كله كلام وشعارات لا يقدم ولا يؤخر على الارض"، واضاف "بظل الخلافات القائمة بين المعنيين بتشكيل الحكومة كنا من أوائل من طالب بتفعيل حكومة تصريف الاعمال لكن رئيسها حسان دياب هو من رفض ذلك".

وعن تأثير العلاقة بين جنبلاط وروسيا على العلاقة مع سوريا، أكد عبد الله ان "العلاقة تاريخية بين الحزب التقدمي الاشتراكي وروسيا منذ الاتحاد السوفياتي وهي قوية ودائمة ومستمرة"، وتابع "لكنها منفصلة عن الوضع في سوريا وعن العلاقة مع النظام والقيادة هناك"، واضاف "سوريا تربطنا بها الكثير من الامور خاصة التاريخ والجغرافيا ولكن نحن علينا ان ننتظر التسوية النهائية كي تنجلي الصورة والرؤية لنعرف ماذا يجري وكيف ستكون الوجهة النهائية وكيف تقرر الامور".

أما عن الاوضاع الداخلية، فقد قال عبد الله ان "الاولوية لوليد جنبلاط وللحزب التقدمي الاشتراكي هي عدم ترك الناس لمصيرهم وتأمين العيش الكريم لهم في ظل الظروف الصعبة جدا معيشيًا واقتصاديا".

وقد تم تسريب كلام وفيديو لوليد جنبلاط مؤخرًا يتحدث خلال جلسة مع عدد من المشايخ الدروز عن ضرورة التكاتف والتكافل الاجتماعي في منطقة الجبل، كما تكلم بشكل إيجابي عن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ما فُسّر بأنه إشارات يرسلها للقيادة السورية لعلها تساعد بوصل ما انقطع معها او بالحد الادنى ترطيب الأجواء تمهيدا لمستقبل نجله النائب تيمور جنبلاط الذي تسربت بعض المعلومات عن زيارته الى دمشق قبل ان ينفي الحزب الاشتراكي حصول الزيارة، كل ذلك يضاف لاجتماع وليد جنبلاط مؤخرًا بحليفي سوريا رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال ارسلان ورئيس حزب "التوحيد العربي" وئام وهاب، وذلك في "اللقاء الدرزي" الذي عُقد بدارة ارسلان لترتيب الاوضاع في "البيت الداخلي" لتمرير المرحلة الصعبة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور