الخميس 22 تموز , 2021 08:48

التسويات الكبرى لم تنضج بعد.. والسعودية تمنع الحل في لبنان

لا حلول قريبة للأزمة اللبنانية بسبب رفض الاميركيين والسعوديين تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية تعالج الوضح الاقتصادي والانهيار القائم.

تعيش المنطقة على صفيح ساخن مليء بالأحداث والتطورات قد تؤدي الى انفجار في لحظة سياسية معينة على وقع تسويات كبرى على مستوى الإقليم لم تنضج بعد، فالمفاوضات النووية بين إيران ودول 4+1 التي وصلت الى خواتيمها تقريبًا تسعى الأطراف فيها لرفع الأسقف والشروط قبل العودة النهائية الى الاتفاق النووي، والإدارة الاميركية التي حسمت عودتها الى الاتفاق إلا أنها تمارس الضغوط على طهران في الربع ساعة الأخيرة من خلال التلويح بعقوبات جديدة ضد قطاع النفط في إيران، وربطت اتفاقية تبادل السجناء بين طهران وواشنطن بالعودة الى طاولة المفاوضات غير المباشرة لإنجاز الاتفاق ووضع اللمسات الاخيرة عليه، وهي تعلم ان المفاوض الايراني لن يأتي الى جلسة التفاوض السابعة قبل تسلم الرئيس المنتخب السيد إبراهيم رئيسي مقاليد الرئاسة في آب القادم.

ايران تريد ضمانات نووية

إذن الولايات المتحدة تنتظر عودة الايرانيين الى مفاوضات فيينا، وطهران التي ترفض التسويف والمماطلة باتت جاهزة للتسوية، على قاعدة رفع العقوبات وعودة جميع أطراف الاتفاق للالتزام بكافة بنوده، لكن يبدو الاهم هو جدار عدم الثقة بينهما فهو يحتاج الى سنين ضوئية لإزالته بعدما خبرته طهران من كذب وخداع أميركي، لهذا كانت تطالب بضمانات بان أي ادارة أميركية جديدة لن تتملص من الاتفاق النووي على غرار ما فعله الرئيس السابق دونالد ترامب.

السعودية تمنع تشكيل حكومة إنقاذ في لبنان

وبانتظار هذه التسوية الكبرى وما قد يليها من مباحثات، تبقى الأوضاع في منطقة غرب آسيا تراوح مكانها، فلا حلول قريبة للأزمة اللبنانية بسبب رفض الاميركيين والسعوديين تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية تعالج الوضح الاقتصادي والانهيار القائم، حيث تؤكد مصادر مطلعة للخنادق "ان الوفد السعودي في المفاوضات مع الايرانيين في بغداد رفض الحديث عن تشكيل حكومة لبنانية او المساعدة في معالجة الأزمة الاقتصادية في لبنان ما لم  يأخذ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضمانات بعدم محاسبته ومحاكمته أمام المحاكم الدولية بتهم ارتكابه جرائم حرب وإبادة جماعية في حربه على اليمن وشروط أخرى.."، لهذا رهانهم الآن على تغيير في الانتخابات النيابية القادمة لنزع الأكثرية النيابية عن حزب الله وحلفاءه، وقرروا صرف مئات ملايين الدولارات لشراء الذمم واستخدام هذه المبالغ كأموال انتخابية قد تساهم بتغيير النتائج وحسم الارقام لصالح مرشحيهم من منظمات غير حكومية أو حزبية تحمل أجنداتهم وتأتمر بأوامرهم.

الاميركيون يريدون إفشال الانتخابات العراقية

وفي العراق، فوضى أمنية وسياسية يفتعلها الأميركيون وأدواتهم بهدف إفشال الانتخابات وخفض مستوى المشاركة الشعبية فيها بعد أن أخفقوا في تغيير المزاج الشعبي من خلال حراك 17 تشرين "الجوكرية"، او عبر مفوضية الانتخابات وجعل العراق 328 دائرة صغرى، مما دفعهم للتراجع عن فكرة الانتخابات المبكرة، بعد ان كان طلبهم اليومي المتكرر.

فيتو اميركي يمنع إعادة الاعمار في سوريا

وفي سوريا، ما يزال الفيتو الأميركي بمنع إعادة إعمارها ومعاقبة اي جهة خارجية او دولة تحول ذلك، مع استمرار إيجاد بؤر أمنية ومناطق نزاع، رغم ان الصين اتخذت قرارها بجعل سوريا بوابة لها الى الشرق الاوسط وجزءًا اساسيًا من مبادرة الحزام والطريق الاستراتيجية.

بن سلمان يريد وقف اطلاق النار دون حل سياسي في اليمن

وفي اليمن، للمرة الأولى يتدخل الأميركي مباشرة بشكل علني للطلب بوقف عملية تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية التي بدأتها قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية وهي مستمرة بقوة، منتهجة سياسة القضم التدريجي بهدوء، كما "أعلن الوفد السعودي بوضوح في جلسات التفاوض الثلاثة مع الايرانيين عن نيته وقف الحرب على اليمن لكن لم يقدم تنازلات او اعترافات، هو يريد وقف إطلاق نار دون تسوية او اتفاق سلام بل وقف اطلاق نار لمنع تقدم الجيش واللجان الشعبية اليمنية نحو تحرير مدينة مأرب الاستراتيجية.." حسب مصادر خاصة للخنادق، لكنه يكابر ويرفض الاعتراف بالهزيمة، او من خلال اتفاق سلام واضح مع اليمنيين.

أمريكا والسعودية سبب رئيسي في أزمات المنطقة

يظهر في البيّن، أن مفاتيح الحلول للأزمات الراهنة في منطقتنا هي خارجية أميركية سعودية، ما لم يطرأ عليها تغيير وتنضج التسويات الاقليمية لن تشهد دولنا هدوءً او استقرارًا او حلولًا جدية وجذرية، لا سيما على مستوى معالجة الاوضاع الاقتصادية، فالقرار الاميركي ان تظهر هذه الدول ضعيفة عاجزة عن معالجة قضايا شعوبها وأزماتها المعيشية، وتبدو امام شعوبها بانها دول فاشلة ومن ثم تفرض شروطها عليها، فهي التي تفرض الحصار والعقوبات والحل بيدها، وواهم كل من يظن أن الأسباب داخلية فقط، فالفساد الموجود ليس وليد اللحظة، بل قائم منذ سنوات وعقود، وهو إحدى أدوات الهيمنة الأميركية لمصادرة القرار السيادي لهذه الدول بعد إفقارها وتجويعها.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

د. محمد شمص

-إعلامي وباحث سياسي.

- استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية.

-دكتوراه في الفلسفة وعلم الكلام.

- مدير موقع الخنادق الالكتروني. 

[email protected]




روزنامة المحور