الأربعاء 12 تشرين ثاني , 2025 03:31

العراق يفاجئ خصومه: مشاركة مرتفعة وانتخابات ناجحة تثبّت خيار الاستقرار

مواطن عراقي ينتخب

خابت آمال الكثير من الجهات، بعد إجراء الانتخابات النيابية العراقية في دورتها السادسة، في 11/11/2025، بعدما كانت هذه الجهات المحلية والأجنبية تأمل تأجيلها أو على الأقل حصولها بنسبة مشاركة متدنية، كي يتسنى لها التشكيك بقدرة العراق المقاوم على إنجاز هذا الاستحقاق الديمقراطي. إلا أن النتيجة كانت بعكس أمالهم تماماً، حينما أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن نسبة المشاركة تجاوزت 56.11% من مجموع 21 مليون ناخب، وهو ما اعتبر مؤشراً إيجابياً بعد أن كانت النسبة 44٪ و43٪ في انتخابات 2018 و2021.

لذلك اعتبر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني هذه النسبة نجاحاً جديداً للديمقراطية العراقية، مشيداً بالوعي الشعبي وإقبال المواطنين على صناديق الاقتراع، ومؤكداً أن هذه المشاركة جاءت "ثمرة لجهود الحكومة في تعزيز الثقة بالعملية الانتخابية".

وقد دفع هذا الإنجاز الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الى تهنئة الشعب العراقي ببيان هنأ فيه أيضاً المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على جهودها لضمان الإعداد الفعال للانتخابات وإجرائهن مرحباً بالسير الهادئ والمنظم للانتخابات بشكل عام، ومعربا عن ثقته بأن الأطراف السياسية المعنية ستحافظ على روح السلام واحترام العملية الانتخابية ريثما يتم إعلان النتائج. وفي سياق متّصل شدد غوتيريش على "أهمية أن تكون عملية تشكيل الحكومة سلمية وفي الوقت المناسب، وأن تعكس إرادة الشعب العراقي وتلبي تطلعاته نحو الاستقرار والتنمية".

النتائج الأولية في موعدها المحدد

وشهدت الانتخابات تنافس 7743 مرشحا بينهم 5496 رجلا و2247 امرأة لاختيار 329 عضوا في مجلس النواب. وأكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق انتهاء عمليات العد والفرز الإلكتروني واليدوي في عموم مراكز الاقتراع بالبلاد، مؤكدة التزامها بإعلان النتائج الأولية في موعدها المحدد (أي في الـ 6 مساء بتوقيت بغداد 12/11/2025 أي بعد 24 ساعة من انتهاء عملية الاقتراع)، على أن تعلن النتائج النهائية بعد الانتهاء من فحص الطعون خلال الأيام المقبلة.

نتائج أولية

وأظهرت النتائج الأولية غير الرسمية التي سربتها بعض وسائل الإعلام العراقية ونشرتها أيضاً بعض وسائل الإعلام العربية، تقدّم ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي يتزعمه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في عدد من المحافظات، ولا سيّما بغداد، النجف، كربلاء، وبابل. ففي العاصمة بغداد، حصد الإعمار والتنمية أكثر من 250 ألف صوت، ما يؤهله للحصول على 15 مقعداً نيابياً، متقدماً على ائتلاف دولة القانون بزعامة الرئيس الأسبق نوري المالكي الذي حصل على 200 ألف صوت (10 مقاعد)، تليه كتلة صادقون التي تمثل عصائب أهل الحق بخمسة مقاعد، فيما نالت تحالفات "قوى الدولة"، "الأساس"، "بدر"، و"حقوق" ما بين مقعدين وأربعة مقاعد لكل منها. وفيما يتعلق بالكتل السنية، حصل حزب تقدم الذي يقوده محمد الحلبوسي على أكثر من 150 ألف صوت و8 مقاعد، بينما نال حزب العزم أكثر من 70 ألف صوت و3 مقاعد، وحزب السيادة بزعامة خميس الخنجر على أكثر من 70 ألف صوت و3 مقاعد. أما الكتل الأخرى مثل الحسم وإشراقة كانون والخدمات فحصلت على ما بين 20 إلى 35 ألف صوت، ما منح كل منها مقعداً أو مقعدين.

وفي محافظتي النجف وكربلاء، تصدّر ائتلاف الرئيس السوداني النتائج أيضاً، بحصوله على 3 مقاعد في كل محافظة، فيما توزعت بقية المقاعد بين "دولة القانون"، "إشراقة كانون"، "الصادقون"، و"قوى الدولة"، بواقع مقعد أو مقعدين لكل تحالف.

وفي بابل، حصل ائتلاف "الإعمار والتنمية" على 3 مقاعد، متقدماً على "الصادقون" و"دولة القانون" و"إشراقة كانون" التي حصدت مقعدين لكل منها، فيما حصلت تحالفات "بدر" و"الخدمات" و"قوى الدولة" على مقعد واحد.

وفي ميسان، تصدّر "الإعمار والتنمية" النتائج بحصوله على نحو 60 ألف صوت، تليه منظمة "بدر" بـ32 ألف صوت، ثم "دولة القانون" و"الصادقون" بـ29 ألف صوت لكل منهما. وتوقعت منظمة بدر التي يقودها هادي العامري الحصول على 24 مقعداً في البرلمان المقبل، منها 4 في بغداد و3 في ديالى، بينما تشير تقديرات مراقبين إلى تقارب واضح في حصص الكتل الشيعية الأخرى، مع احتفاظ ائتلاف دولة القانون بقاعدته التقليدية في الجنوب والفرات الأوسط.

أمّا في إقليم كردستان العراق، فتصدّر الحزب الديموقراطي الكردستاني النتائج الأولية بحصوله على أكثر من مليون ومئة ألف صوت متقدماً بفارق كبير على حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي جمع أكثر من 535 ألف صوت. وحصلت الأحزاب الكردية الأخرى على نسب محدودة، منها الاتحاد الإسلامي الكردستاني بـ166 ألف صوت، وتحالف الموقف الوطني بـ165 ألفاً، والجيل الجديد بـ137 ألفاً.

نحو النضج السياسي والمؤسساتي

أظهرت الانتخابات النيابية العراقية لعام 2025 أن المسار الديمقراطي في العراق ما زال ثابتاً رغم كل التحديات والضغوط الداخلية والخارجية. فقد جاءت نسبة المشاركة المرتفعة والتنافس الواسع بين القوى السياسية، لتؤكد أن الشعب العراقي ما زال يؤمن بصوته كوسيلة للتغيير، وبأن التجربة الديمقراطية التي انطلقت بعد عام 2003 تتجه تدريجياً نحو النضج السياسي والمؤسساتي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور