الجمعة 25 آذار , 2022 01:32

مادلين أولبرايت: عرّابة الموت الأمريكية

مادلين أولبرايت

لم تكن "مادلين أولبرايت" التي توفيت منذ يومين، أول وزيرة خارجية للولايات المتحدة الأمريكية فقط، أو من أبرز من تولوا تمثيل بلادهم خارجياً. بل كانت "أولبرايت" النموذج الفاضح والصارخ لقيم بلادها، التي تدّعي الحرص على حقوق الإنسان، فيما هي تبطش بهذه الحقوق جهاراً وعلانية. لذلك لم ينسى أكثرية الناس في العالم، جواب أولبرايت في أحد البرامج التلفزيونية حينما سئلت: هل وفاة نصف مليون طفل عراقي من العقوبات الاقتصادية يستحق ما فعلناه؟ فأجابت بأنه" خيار صعب لكن نعم كان يستحق هذا"!!

هذا الموقف وغيره الكثير، من مواقف دعم الحروب وجرائم الكيان المؤقت، ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، طبعوا مسيرتها المهنية، في العقد الأخير من الألفية الثانية.

فما هي أبرز محطات في مسيرة "أولبرايت"؟

_ مادلين جانا كوربيل أولبرايت ذو الأصول التشيكوسلوفاكية، ولدت في 15 أيار /مايو من العام 1937 في العاصمة "براغ"، وسميت بـ"ماري جانا كوربيلوفا".

_كان والدها "جوزيف كوربيل" يعمل في السلك الدبلوماسي لبلاده، كملحق صحافي في العاصمة اليوغسلافية آنذاك "بلغراد" (عاصمة صربيا حالياً). وبسبب عمل والدها والاحتلال النازي لبلادها، أجبرت أسرتها على النفي الى لندن. وهناك تحول والداها من اليهودية إلى الكاثوليكية، فنشأت وإخوتها على العقيدة الكاثوليكية الرومانية. وفي العام 1997، كشفت أولبرايت إن والديها لم يخبراها أبدًا أو أخويها عن أصولهم اليهودية وتراثهم.

_بعد هزيمة النازيين في الحرب العالمية الثانية، وبسبب قلق والدها من تعرض ابنته للماركسية في مدرسة يوغوسلافية (حيث عاد الى مهامه)، أرسله للتعلم في إحدى المدارس السويسرية في جنيف، حيث تعلمت هناك التحدث بالفرنسية، وغيرت اسمها من ماري جانا إلى مادلين. وبسبب معارضة والدها للشيوعية، اضطر إلى الاستقالة من منصبه. وحصل فيما بعد على منصب في وفد من الأمم المتحدة إلى كشمير، فأرسل عائلته إلى الولايات المتحدة، عن طريق لندن، لانتظاره عند وصوله لتسليم تقريره إلى مقر الأمم المتحدة في مدينة "نيوورك"، ومن هناك بدأت الحقبة الأمريكية في حياتها.

_ تمكن والدها من الاستقرار في أمريكا، حيث تولى التدريس في قسم العلوم السياسية بجامعة دنفر في كولورادو. وأثناء إقامتهم في دنفر، عملت مادلين كمتدربة في صحيفة دنفر بوست، حيث قابلت هناك زوجها المستقبلي "جوزيف أولبرايت".

_ في العام 1962، انتقلت مع زوجها وبناتها إلى العاصمة واشنطن، حيث درست العلاقات الدولية وتابعت دراستها في اللغة الروسية، في مدرسة "بول إتش نيتز" للدراسات الدولية المتقدمة التابعة لجامعة جونز هوبكنز.

_ في العام 1967، واصلت دراستها في قسم القانون العام والحكومة بجامعة كولومبيا، وحصلت على شهادة في اللغة الروسية، ولاحقاً شهادتي الماجستير والدكتوراه بأطروحات تحدثت فيهما عن السلك الدبلوماسي السوفيتي. وحصلت أيضًا على دورة للدراسات العليا، التي قدمها "زبيغنيو بريجنسكي"، الذي أصبح فيما بعد رئيسها في مجلس الأمن القومي الأمريكي.

مسيرتها المهنية السياسية

_ في العام 1976، بدأت حياتها المهنية السياسية كساعدة تشريعية للسناتور الأمريكي "إد موسكي" من ولاية مين.

في الثمانينات، عملت كمستشارة رئيسية للسياسة الخارجية للحزب الديمقراطي، حيث عاونت العديد من مرشحي الحزب الرئاسيين. وفي العام 1992، عملت من ضمن فريق الرئيس السابق "بيل كلينتون". أما في كانون الثاني/يناير من العام 1993، فقد رشحها كلينتون لتكون سفيرة البلاد لدى الأمم المتحدة، والذي كان أول منصب دبلوماسي لها.

_ في العام 1996، كانت السبب الرئيسي في الإطاحة بالأمين العام للأمم المتحدة "بطرس بطرس غالي"، وعدم التجديد له لولاية ثانية، والإتيان بـ"كوفي عنان" خلفاً له. هذه العملية برمّتها، عززت من حظوظها لتكون وزيرة للخارجية في إدارة كلينتون الثانية. وهذا ما تم بالفعل في الـ 23 من كانون الثاني /يناير للعام 1997، أصبحت أول وزيرة خارجية لأمريكا، وصاحبة أعلى منصب تتبوؤه امرأة في تاريخ حكومة الولايات المتحدة وقت تعيينها، بالإضافة الى كونها ليست مواطنة أمريكية المولد، والذي لا يؤهلها لتكون خليفة لرئيس البلاد.

_ خلال فترة عملها، أثرت "أولبرايت" بشكل كبير على السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، خصوصاً بما يتعلق بقضايا البوسنة والهرسك والشرق الأوسط. ووفقًا لمذكراتها جادلت ذات مرة مع كولن باول حول استخدام القوة العسكرية للجيش الأمريكي بسؤالها "ما الهدف من إنقاذ هذا الجيش الرائع، إذا لم نتمكن من استخدامه؟"

كما كانت من أشد الداعمين لعمليات حلف شمالي الأطلسي "الناتو"، من خلال منع أي فرض لضوابط تحد من عملياته (لا سيما بما يتعلق بالانبعاث الحراري).

_ كانت من المصرين على عدم إيقاف هجوم بلاده على العراق، إلا إذا تراجع صدام حسين عن قراره بوقف عمليات التفتيش على الأسلحة. حتى أنها وجهت في مطلع العام 2001، نداء وداعًيا للأمين العام للأمم المتحدة حينها كوفي عنان، في واحدة من آخر أعمالها كوزيرة للخارجية، قالت فيها بأن بلادها ستواصل الضغط على العراق، لتدمير ما تدعي أنه يمتلكه من أسلحة للدمار الشامل، والذي كان سبباً باستشهاد الآلاف من الأطفال بسبب الحصار وسوء التغذية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور