الأربعاء 21 نيسان , 2021 04:44

مشروع "نيوم": هدية بن سلمان لـ "إسرائيل"

نتنياهو وبن سلمان
مشروع "نيوم" السعودي على سواحل البحر الأحمر يجعل "إسرائيل" الرابح الأكبر، فيما ستتلقى كل من مصر والإمارات والأردن ضربة اقتصادية كبيرة.

في تشرين الأول من العام 2017، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عن مشروع جديد يحمل اسم "نيوم"، وهو مدينة استثمارية تجارية وصناعية تعمل على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة؛ تشمل الطاقة والمياه، التنقل، التقنيات الحيوية، الغذاء والعلوم التقنية والرقمية، التصنيع المتطور، الإعلام والإنتاج الإعلامي، إضافة إلى الترفيه والحياة الاجتماعية المتطورة، وتقع هذه المدينة على الساحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر، وتتقاطع مع كل من مضائق تيران المصرية، وحدود الأردن وكيان الاحتلال عند خليج العقبة وإيلات.

 وجاء هذا الإعلان كمادة تسويقية لـ بن سلمان على أنه الأمير الشاب والمنفتح الذي يهدف إلى تنويع الموارد الاقتصادية السعودية، والخروج شيئًا فشيئًا عن الاعتماد على عوائد النفط كمصدر اقتصادي وحيد لها. وفي قراءة أولية للمشروع، يتضح في البيّن بأن "إسرائيل" ستكون الرابح الأكبر منه، فيما ستتلقى كل من مصر والامارات والأردن ضربة اقتصادية كبيرة نتيجة للتراجع الذي ستشهده هذه الدول على الصعيد السياحي، بعد أن كانت على قائمة أكثر المدن السياحية في العالم العربي.

حلم بن سلمان

تأتي "نيوم" بمثابة حلم لولي العهد السعودي الذي يتطلع ليصبح الملك الرسمي للمملكة، وتكون هذه المدينة الخيالية المنتظرة عاصمة عرشه المنفتحة على دول الشرق الاوسط، فيما يسعى جاهدًا لجعل "نيوم" مدينة عالمية فيها كل مقومات الجذب والتقدم والتكنولوجيا، على غرار دبي بل أضخم من ذلك، نية بن سلمان هذه، جذبت عقول الشباب في السعودية الذين اعتبروا أن مثل هكذا مشروع سينقل بلادهم من النمط التقليدي القديم إلى نموذ الدول العصرية والتكنولوجية المتطورة.

وبحسب التقديرات الأولية، فإن مساحة "نيوم" تبلغ حوالي 28 ألف كيلومتر مربع أي ما يعادل مساحة ولاية كبيرة من ولايات أمريكا، وتقدر قيمة الاستثمارات فيها أكثر من 500 مليون دولار أمريكي. وكان بن سلمان قد ألزم مهمة الاشراف عليها إلى مكاتب استشارية عالمية مثل "ماكينزي"، "بوسطن" و"أوليفر ويمان".

"إسرائيل" أكبر الرابحين... والحلفاء يتلقون الضربة

وفي حال إتمام هذا المشروع، فإن حلفاء السعودية سيتكبدون خسائر كبيرة على الصعيد الاقتصادي، حيث ستتشكل قاعدة تنافسية كبيرة. بالنسبة لمصر يمكن لنيوم أن تعطل استثمارات منتجع شرم الشيخ الذي يعتبر من أبرز المناطق السياحية المصرية ذات المردود الكبير للاقتصاد المصري، الأمر نفسه ينطبق على خليج العقبة في الأردن، اذ تعلق السلطات الأردنية أحلامًا على العائد الاقتصادي الذي سيخرجها من أزمتها الاقتصادية الحالية، لكن آمال بن سلمان ستقضي على الأحلام الأردنية. وفي الوقت الذي تتحول فيه نيوم إلى قبلة التجارة العالمية، فإن موانئ الإمارات ستفقد جزءً كبيرًا من قيمتها بعد أن كانت ذات موقع لوجستي متقدم.

بالمقابل، وعلى الرغم من التأثير السلبي الذي سيخلفه المشروع على الدول العربية المحيطة به، إلا أن "إسرائيل" ستكون أكبر المستفيدين، وكأن بن سلمان قد أنشأ "نيوم" خصيصًا من أجل تحقيق المصالح الإسرائيلية وحلمها لتكون "دولة" ذات ريادة اقتصادية كبيرة. ويصب هذا المشروع في خانة تنمية صحراء النقب الفلسطينية والتي يعقد كيان الاحتلال آمال استمراريته عليها، بجعلها قاعدة زراعية وصناعية جديدة تعزز قوته الاقتصادية. وبالتالي يكون الكيان قد حصّن أمنه الاقتصادي، وحقق تفوقًا كاملًا على الاقتصاد الخليجي بتسهيلات سعودية.

نيوم ترجمة لمخطط شمعون بيريز

 إن مشروع نيوم الذي يروج له بن سلمان هو ترجمة فعلية لمخطط رئيس الكيان الاسرائيلي الأسبق شمعون بيريز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" الصادر عام 1995، حيث تحدث باستفاضة عن رؤيته حول مستقبل منطقة الشرق الأوسط، وخطته لربط الكيان الإسرائيلي بكل من فلسطين والأردن إضافة إلى إقامة سوق اقتصادية مشتركة موازية للسوق الأوروبية، وخلق تعاون عسكري على شكل تحالف مع بعض الدول العربية وذلك بعد الاعتراف وتطبيع العلاقات بين الكيان وتلك الدول.

وبحسب تقرير نشره موقع "أورينتال ريفيو" للباحث الأمريكي "اندريه كوريبكو" فإن "السعودية ستعترف بإسرائيل في المستقبل القريب في حال تمكن ولي العهد محمد بن سلمان من كسب المواجهة التي يخوضها مع المؤسسة الدينية في المملكة"، وذلك لضمان تنفيذ ونجاح المشروع.

 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور