الأربعاء 14 تموز , 2021 06:24

بينيت يعزز فريقه الأمني... إيلي حولتا رئيسًا جديدًا لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي

إيلي حولتا

يسعى رئيس حكومة الاحتلال الجديد، نفتالي بينيت، لإعادة العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى مجاريها، بعد التوتر الذي شهدته في الآونة الأخيرة على خلفية عودة الأخيرة إلى الاتفاق النووي. وتأتي أولى مساعي بينيت من خلال تعيينه في 12 من تموز الجاري، إيلي حولتا، رئيسًا جديدًا لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الأمر الذي فاجأ الأوساط الإسرائيلية.

في هذا الإطار كتب يوسي ميلمان في صحيفة هآرتس مقالًا بعنوان "تعيين إيلي حولتا رئيساً لمجلس الأمن القومي يدل على أن بينت فكر تفكيراً ابداعيًا وفاجأ الجميع"، يسرد فيه السيرة الذاتية لـ "حولتا" مشيرًا إلى أن بينيت يهدف إلى تعزيز فريقه بأشخاص مهنيين ذوي خبرة بالمجال التكنولوجي، وقادرين على التعاون مع جميع الأطراف لتبادل المعلومات التي تخدم مصالح الكيان السياسية.

النص المترجم:

"عبقري ومفكر ومصر دائما عند رأيه ذو طبيعية محببة وخلوق ومتحفز يمكنه اختراق الطرق الإبداعية"، منذ زمن طويل لم يتم سماع الكثير من الثناء والإطراء الغير مسبوق بخصوص تعيين شخص لمنصب حكومي رفيع. أين هي ميزات رئيس مجلس الأمن القومي وماذا يرنو "رئيس الحكومة" الحصول عليه من خلال هذا التعيين المتعلق بتعيين الدكتور ايلي حولتا رئيسا لمركز الأمن القومي؟ حولتا تم تعيينه أول أمس بواسطة "رئيس الحكومة" بينت بدلا عن مئير بن شبات الذي تقاعد بنهاية الشهر الماضي وجاء هذا التعيين مفاجئا للجميع بشكل مطلق بعد مشاورات مع وزير الخارجية يائير لبيد. هذا التعيين يشير الى تفكير خارج لإطار الواقع من قبل بينت، وتنبع المفاجأة لكونها أن حولتا غير معروف لعامة الناس، فقط قبل عام أنهي خدمته من الموساد بعد خدمة دامت قرابة 23 عاما. العاملين بقربة خلال وجوده في الموساد سواء كانوا موظفين أو ضباط كبار يشهدون له بالحنكة والعبقرية ويصفونه بالرجل اللامع والمفكر المبدع من ناحية فكرية.

حولتا يبلغ من العمر 45 عاما متزوج واب لثلاثة، يسكن في مدينة كفار سابا زوجته مربية ومدرسة للتاريخ وسابقا عملت كمحامية. ولد في مدينة ريشون لتسيون، درس في فصول الموهوبين بمدرسة غيمنسيه بمدينة ريشون.

عمل مرشدا في حركة الشبيبة المكابي الصغير وعزف على البوق في الأوركسترا التابعة للمدينة حيث يعتبر العزف أحدي هواياته لغاية اليوم. عائلة والده مكونة من الناجين من المحرقة الذين ولدوا في هولندا والذين اختبأوا من النازيين بأحد المنازل التي يعيش بها مواطنين هولنديين حيث هاجروا لاحقا الى فلسطين كعمال وتم اعتقالهم على يد البريطانيين وتم سجنهم في عتليت. عائلة والدته قدمت من فارس الي القدس ببداية القرن الماضي. والده كان يحمل درجة بروفيسور في الزراعة وكان نائبا لمعهد فولكاني الزراعي ووالدته كانت مربية ومدرسة. حولتا هو نتاج برنامج تلبيوت "هو مسار تأهيلي وخدمة بـ "الجيش الإسرائيلي" هدفه المركزي تجنيد الشباب والشابات ذوي القدرات العقلية الفذة والمتميزين بالأجهزة الأمنية مع تأهيلهم للعمل بمناصب قيادية بمنظومة البحث والتطوير الأمني" هذا المسار تنفذه الجامعة العبرية. هذا المسار يدخله فقط قرابة 70 شخص من بين الآلاف من المرشحين ويستمر البرنامج قرابة 9 سنوات شاملا الدراسة الأكاديمية وخاصة العلوم الدقيقة بالإضافة الي التأهيل العسكري بمعسكرات الجيش.

تم تأسيس تلبيوت قبل 40 عام بمبادرة من الفيزيائي البروفيسور فليكس دوتان والبروفيسور شاؤول يتسيب من الجامعة العبرية. في نهاية التدريب يتم دمج الخريجين بمهام مركزية بوحدات البحث والتطوير العاملة بكافة وحدات الجيش وهم ملزمون بالخدمة الدائمة لقرابة ست سنوات بالإضافة الي الخدمة الإلزامية. في إطار هذا البرنامج درس حولتا الفيزياء والرياضيات وحصل على البكالوريوس من الجامعة العبرية. وأنهي الخدمة العسكرية برتبة رائد في الموساد حيث عمل داخله بوحدة التكنولوجيا. حصل على اللقب الثاني والثالث بالفيزياء من جامعة تل أبيب عام 2007، وكان موضع بحثه تطوير مؤشرات التعقيدات في الشبكات العصبونية. بعد التخرج سافر الي الولايات المتحدة وأنهي الماجستير بتمويل من صندوق فاكسنر بالإدارة العامة بكلية هارفرد.

مسار سريع نحو الموساد

أهلت السنة الدراسية التي قضاها حولتا في الولايات المتحدة لكي يستلم مناصب إدارية مرموقة خاصة بالتطوير والبحث وتطوير الرؤى الاستراتيجية بالموساد. تم تعيينه رئيسا لشعبة التكنولوجيا، وبعد ذلك تم تعيينه رئيس شعبة التخطيط الاستراتيجي والسياسات. ليس غريبا مع كل هذه السيرة الذاتية المثيرة للانطباع أن يقوم رؤساء الموساد الثلاثة الذين ترأسوا الموساد خلال الآونة الأخيرة مئير دغان وتمير باردو ويوسي كوهين بترقيته الي قمة الجهاز وهو بجيل صغير نسبيا.

من بين الأمور التي عمل بها حولتا خلال وجوده في الموساد تطوير الرؤية الجديدة والتي جمعت بين القدرات التكنولوجية وعمليات السايبر مع القيام بعمليات تقليدية خاصة بجمع معلومات من خلال تفعيل العملاء. هذا الدمج يمكن تسميته وفق اللهجات الاستخبارية بمصطلح الذكاء والمزج بين طرق جمع المعلومات سواء من خلال اعتراض الإشارات من العدو أو البحث عن معلومات غير معلومة.

أحد أهم المناصب والمهام التي عمل بها حولتا في الموساد كان يتعلق بمكافحة البرنامج النووي الإيراني ومجابهة التدخل الإيراني في سوريا وبمناطق الشرق الأوسط. لأجل ذلك شارك في النقاشات المشتركة بين الجيش والموساد برئاسة نائب رئيس الأركان السابق يائير جولان ونائب رئيس الموساد السابق أودي لافي الذي استقال في الآونة الأخيرة معترضا على عدم تعيينه رئيسا للموساد.

الذين عرفوا حولتا في تلك الفترة قالوا عنه رجل حاد الذهن وذكي وذو قدرة تحليلية واسع الأفق ومفكر مصمم على رأيه كما يتمتع بسلوك رفيع ومهارات ممتازة بالتعامل مع الأخرين. كما أُعجِب به جولان الذي يشغل اليوم عضو كنيست عن حزب ميرتس وشهد بأنه رجل ذكي.

مهمة حولتا خلال وجوده في الفريق المتعدد الأذرع هو بلورة موقف استراتيجي اتجاه إيران. الفريق أجمع بأن الاتفاق النووي هو سيء وفكرة سيئة لإسرائيل. كما يرغب بالتعاون المشترك مع الولايات المتحدة وعدم مواجهتها بهذا الخصوص مثلما فعل رئيس الحكومة السابق نتنياهو.

يمكن الافتراض أن تعيين بينت واختياره لحولتا يدل على أنه يعلم أن الثروة الاستراتيجية الأكثر أهمية لإسرائيل هو التعاون المشترك مع الولايات المتحدة وتقليص نقاط التجاذب معها، بينت تحدث عن ذلك بشكل علني.

حولتا شغل أيضا منصب نائب رئيس إدارة العمليات في الموساد تحت قيادة كوهين حينما كان الأخير نائب رئيس للموساد ورئيس إدارة العمليات. حولتا ليس فقط خبير ببلورة وصياغة السياسات والتكنولوجيا ولكن أيضا خبير بمجال تطويع التكنولوجيا بالعمليات التكتيكية المشتركة بين الموساد والقوات الجوية.

منذ عام 2016 ولغاية الآن أعلن عن العشرات من العمليات التي نسبت الى الموساد سواء كانت جوية او بحرية او برية وأيضا بالسايبر. ومازال الهدف هو اتخاذ خطوات متابعة وملاحقة ومهاجمة الأهداف الإيرانية من خلال عمليات يمكن أن تضر بالاقتصاد الإيراني وإدارة حرب نفسية وحرب على الوعي ضد النظام الحاكم مع تنفيذ هجمات بشكل متواصل على التواجد الإيراني في سوريا وجمع معلومات استخبارية حول برنامجها النووي وجهودها في التوسع بمنطقة الشرق الأوسط.

الاستنزاف الأكثر استنفاذاً والأقل

في الواقع هناك حرب سرية تدور رحاها بين إسرائيل وإيران وغالبا ما تكون نتائجها غير ملموسة وغير مرئية ولا يتم الإعلان عنها الا في الأحداث المثيرة، مثل تلك التي تقع في السفن وهجمات السايبر الإيرانية على منشآت المياه في إسرائيل والتي حازت على الرد الإسرائيلي على منشآت إيران المماثلة وتمثل ذلك التشويش على حركة السفن بالقرب من ميناء بندر عباس.

هجمة سايبر أخرى نسبت الى إسرائيل قامت بتعطيل حركة القطارات في إيران وأدت الى فوضى بكافة المناطق الإيرانية. الى جانب الضرر الاقتصادي كان هدف هذا العمل هو التأثير على الوعي وايصال رسالة مذلة للإيرانيين. كما تركت رسائل على لوحات المحطات الإلكترونية بمحطات القطارات حيث وجهت الركاب الى مركز استعلامات تلفوني حيث كان رقمه خاص بمكتب الزعيم الأعلى علي خامنئي.

إيران ردت من خلال القيام بعملية ضد الأهداف الإسرائيلية في الهند القريبة من السفارة الإسرائيلية هناك، بالإضافة الى جمع معلومات استخبارية عن إسرائيل وفحص يقظة حراس السفارات الإسرائيلية وبالآونة الأخيرة بالقرب من محطة شركة الـ "عال الإسرائيلية" بمطار بروكسل. هذه الحرب السرية من المتوقع أن تستمر حيث تتفوق إسرائيل بهذا المجال لكن لن يكون هناك منتصر ومهزوم بها؛ فقط من الذي تم استنزافه أكثر وأقل.

يمكن الافتراض أن قرار بينت بتعيين حولتا رئيسا لمركز الأمن القومي يهدف إلى خدمة العديد من الأهداف:

أولا، رئيس مجلس الأمن القومي هو مكانة ومهمة ذات ثقة ولكن على العكس من نتنياهو بينت يريد إيصال رسالة انه يرغب بجهة مهنية غير سياسية.

ثانيا، يفهم بينت أن الاستخبارات النموذجية الحديثة غنية بالتكنولوجيا وهو يرغب بخبير بهذا المجال ليكون بجانبه.

ثالثا، حولتا يعرف جيدا جميع وكالات المخابرات الأمريكية وشارك بحكم عمله بالموساد بلقاءات مع نظرائه الأمريكيين وفيما يبدو كشف عن العديد من الخطط المتبادلة والعمليات السرية المشتركة بين الكيانين. بينت يرغب بوجوده الى جانبه لمواجهة التحدي الأكبر الذي يُطرح أمام السياسة الأمنية الإسرائيلية في ظل وجود إدارة جو بايدن في الولايات المتحدة والعودة الي الاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات عن إيران.

رابعا، اختيار حولتا هو موضع تقدير داخل الموساد والجيش الأمر الذي سيسمح له كرئيس لمجلس الأمن القومي بالحصول على آلية للتعاون المشترك الوثيق مع جميع الأطراف التي كانت في السابق لا ترغب بتبادل المعلومات، بل وحاولت في السابق تجاهل مجلس الأمن القومي.


المصدر: هآرتس

الكاتب: يوسي ميلمان




روزنامة المحور