السبت 18 آذار , 2023 01:00

الشهيد نصر الدين عصيدة: مستهدف مستوطنات نابلس

الشهيد القائد نصر الدين عصيدة

نابلس، التي تشهد اليوم نموّ مجموعات وكتائب مقاومة من أبنائها، يشتبكون مع الاحتلال عند كلّ نقاط التماس فيها، كانت أيضًا شاهدة على قائد جعل من المستوطنات التي تسطو على أراضيها هدفًا مستباحًا ومسرحًا لعملياته النوعية. إنّه الشهيد القائد في كتائب القسّام نصر الدين عصيدة الذي أرّق وخليته كيان الاحتلال على مدى سنوات.

سيرة القائد

ولد الشهيد القائد عصيدة في قرية "تل" إلى الجنوب الغرب من نابلس. واحتل رأس قائمة المطلوبين لدى الاحتلال، الذي لم تستطع الوصول إليه لأكثر من خمسة أعوام من المطاردة.

اعتقلته السلطة الفلسطينية في "سجن نابلس المركزي" الذي قضى فيه حوالي الـ 30 شهرًا. وذلك، قبل الانتفاضة الثانية، ضمن حملة الاعتقالات السياسية للسلطة. لكنها أطلقت سراحه بعد أن قصف الاحتلال مؤسساتها في الضفة.

كانت عمليته النوعية الأولى في العام 1998، والتي استهدف فيها مستوطنة "يتسهار" جنوب غرب نابلس. أوقعت العملية قتيلين من حرّاس المستوطنة. واتهم الاحتلال الشهيد عصيدة ورفاقه في الوقوف خلف التخطيط والتنفيذ، فطاردتهم.

اغتال الاحتلال من المجموعة، الشهيد ياسر عصيدة والشهيد فهيم أبو عيشة بقصف سيارة كان الاثنان يستقلاها بالقرب من مدينة طولكرم بتاريخ 1/11/2001. وبعد فترة قصيرة وبتاريخ 12/11/2001، اغتال أحد رفاق القائد عصيدة، الشهيد محمد ريحان، في "تل" بنابلس.

على إثر هذه الاستهدافات، قرر القائد عصيدة الرّد. فنّفذ عملية نوعية، وكانت من بين أبرز العمليات في فترة الانتفاضة الثانية، اذ فجّر حافلةً تقلّ مستوطنين عند مستوطنة "عمانوئيل"، وقد أدّت الى قتل 11 مستوطنًا وجنديًا، حسب اعترافات الاحتلال. كما نفّذ القائد عصيدة عملية في مستوطنة "ألون موريه" أدّت الى مقتل 4 مستوطنين.

في الواقع هدفت عمليات الاحتلال الى اغتيال القائد "عصيدة"، لكنّه لم ينجح في ذلك. وبعدها باتت القرية مسرحًا لاقتحامات الاحتلال المتكرّرة في إطار مطاردة القائد. وبناءً على "معلومات استخبارية" أفادت بوجود القائد عصيدة في قرية "تل"، اقتحمها الاحتلال بتاريخ 4/1/2002. مما أدى الى استشهاد أحد رفاقه وهو الشهيد نائل رمضان. وعلى الرغم من عدوان الاحتلال (السور الواقي) الذي اجتاح خلاله مناطق الضفة الغربية، وأهمها، جنين ونابلس ورام الله وبيت لحم، لم يتمكّن الاحتلال من الوصول الى القائد عصيدة.

لم تمنع هذه المطاردة القائد من البقاء على رأس عمله العسكري، اذ تابع تنفيذ العمليات. ومرّة جديدة استهدف مستوطنة "عمانوئيل" بتاريخ 16/7/2002، لكن بشكل نوعي ومتطور عن المرة الأولى. اذ نصب ومجموعته، كمينًا لحافلة المستوطنين القادمة من مستوطنة "بني براك" قرب "تل أبيب". تمكّنت المجموعة من التنكّر بلباس عسكري والصعود على متن الحافلة وزع المتفجرات فيها. أسفرت العملية عن مقتل 9 بين جنود ومستوطنين، بالإضافة الى إصابة العشرات.

لم تقف العملية عند هذا الحد. في اليوم التالي، وخلال عمليات مسح وتفتيش قوات الاحتلال للمنطقة، اشتبكت مجموعة القائد عصيدة مع الجنود، ممّا أدى الى مقتل ضابط وإصابة ثلاثة جنود. واستشهد على إثر الاشتباك الشهيد عاصم عصيدة.

بعدها، لجأ الاحتلال الى سياساته الانتقامية، فهدم منزل القائد، واعتقل والده وإخوته ووالد المقاوم سامي زيدان وأشقائه. وفي اليوم التالي، اقتحم قرية "تل" وارتكب مجزرة حين فتح النار على المواطنين أثناء توجههم للصلاة في مسجد القرية، فاستشهد شخص.

الشهادة

أثناء توجه القائد عصيدة ورفيقه سامي زيدان لتنفيذ عملية قرب مستوطنة "أرائيل"، نصبت قوات الاحتلال لهما كمينًا بتاريخ 1/3/2003. فاشتبكا مع الجنود ما أدى لاستشهاد زيدان، فيما تمكن القائد من الانسحاب.

كثّف الاحتلال ملاحقة القائد لعدّة أيام. وبتاريخ الثامن عشر من شهر آذار / مارس عام 2003، حاصر الاحتلال المنطقة التي تواجد فيها القائد (غرب مدينة نابلس). حاولت وحدة "كوماندوس" الاحتلال اعتقاله، لكنّه رفض الاستسلام وقاتل حتى النفس الأخير. احتجز الاحتلال جثمان الشهيد في مقابر الأرقام لتسع سنوات، قبل أن يسلّم لعائلته مطلع حزيران / يونيو عام 2012 ليوارى الثرى في قريته.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور