الأحد 26 آذار , 2023 12:28

الاتفاق السعودي الإيراني وأثره على القضية الفلسطينية

توقيع الاتفاق السعودي الإيراني في الصين

ألقى الاتفاق السعودي الإيراني باستئناف العلاقات الدلوماسية بين البلدين، بتأثيرات متراكبة على الإقليم والاتجاه الدولي، خصوصاً في ظل الرعاية الصينية، مما أحدث حالة من الإرباك في المعسكرات المختلفة، في ظل ما تشهده الساحة الدولية من تغيرات كبيرة. وقد جاء الاتفاق كنتيجة لجهود كبيرة في العديد من العواصم بعد حالة من القطيعة والعداء الإعلامي منذ عام 2016، وقد حمل الإعلان عنصر المفاجأة في توقيته بعد مرور عام على الصراع والأزمة في أوكرانيا، وانسحاب أمريكا من أفغانستان بالإضافة إلى صعود اليمين المتطرف في "إسرائيل"، والجهود لإخضاع السعودية لاتفاقيات إبراهيم، لتكون معها وتدعمها في مواجهتها لإيران، مما قد يدخل المنطقة في أتون مرحلة جديدة وترتيب جديد.

وقد عززت الصين حضورها كنموذج قادر على التأثير في العالم ورعاية الاتفاقيات الدولية بين البلدين، وهي مؤشر يدلل على أن الصين ستتمكن من تحقيق مزيد من الحضور الدولي والرغبة في زيادة تواجدها في الشرق الأوسط بسرعة.

وقدأقلق الاتفاق الإدارة الأمريكية للرعاية الصينية له، فحاولت التخفيف من حدة الحدث بتصريحاتها كمتابعة ومراقبة لجولات الاتفاق، والاستثمار في ذلك كإطار لخطتها الاستراتيجية في إدارة عملية التراجع الأمريكي في المنطقة كنتيجة لتحولها نحو تعزيز وجودها في الشرق الآسيوي، وكذلك خلخلة مكانتها العالمية حيث تسعى للسيطرة على اتجاهات هذا التراجع وابطائه ومنع تأثيراته السلبية على المصالح الأمريكية التي رافقت هيمنتها على العالم لثلاثة أرباع القرن الماضي. وهذا يتيح للولايات المتحدة المزيد من الوقت للتأثير على الأحداث الحالية والمستقبلية وضمان امتداد تأثيرها لفترة أطول، مما يعزز قوتها الناعمة والصلبة.

وفي التدقيق لعوامل فرص الاتفاق ومهدداته نرى أنه هنالك الكثير من العوامل التي قد تؤثر على هذا الاتفاق، وعودة العلاقات الطبيعية بين السعودية وإيران، أهمها الالتزام المتبادل لنجاح الاتفاق، وخاصةً فيما يتعلق بالالتزام بتنفيذ بنوده من قبل الدولتين، والتحدي الجيوسياسي الذي يثير القلق لدى الكثير من الدول، خاصة دول الغرب، وفي ظلال الملفات العالقة بينهما كالملف اليمني والسوري واللبناني والخليجي والشرق السعودي كقنابل موقوتة يمكن تجاوزها إن تحققت الإرادة للطرفين.

تأثير الاتفاق على القضية الفلسطينية
لا شك أنَّ لهذا الاتفاق تداعيات كبيرة على صعيد قضايا المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وسياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن تلك التداعيات مرهونة بمدى نجاح الاتفاق وتطبيقه العملي، إضافة إلى الموقف الأمريكي من تلك التداعيات.

وفي حال نجاح الاتفاق سواء الجزئي أو تكلل بالنجاح الكامل سنرى أثره ربما بتجميد مؤقت لقطار التطبيع مع الاحتلال، وانتهاء بروبوغاندا "العدو" الإيراني، وتوجيه الأنظار بشكل أكبر نحو القضية الفلسطينية، وخلق حاضنة شعبية عربية مساندة للحراك الوطني الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.
وهذا كله يوجب على الفلسطيني وقواه الحية، الاستثمار في التغيرات الاستراتيجية الكبيرة في المنطقة لصالح القضية الفلسطينية، مع إبقاء جذوة الصراع قائمة ومشتعلة مع الاحتلال، ودفع الأنظمة العربية للضغط على الاحتلال والملاحقة القانونية له، والحفاظ على الثوابت والعمل الإعلامي والسياسي والدبلوماسي لخدمة القضية، وفضح انتهاكات وجرائم الاحتلال، ومما يلزم تطوير أدوات الدبلوماسية بكافة اشكالها سواء الرسمية أو الشعبية والرقمية، وتعزيز أدوات القوة الناعمة في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

رامي الشقرة

-رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية




روزنامة المحور