الأحد 14 أيار , 2023 12:45

منجزات ثأر الأحرار.. المقاومة تخرج وسلاحها بيدها

الرشقات الصاروخية التي اطلقتها المقاومة في الدقائق الأخيرة قبل وقف اطلاق النار

1469 صاروخًا أطلقتها سرايا القدس والمقاومة الفلسطينية من قطاع غزة تجاه المستوطنات ومدن الداخل الفلسطيني المحتل منذ يوم الأربعاء الماضي، أبقت الراية مرفوعة والسلاح بيد المجاهدين في الميدان حتى اللحظة الأخيرة لإعلان "اتفاق" وقف إطلاق النار. فخمسة أيام من معركة "ثأر الأحرار" تصديًا لعدوان الاحتلال على القطاع واستهداف حركة الجهاد الاسلامي التي اغتال الاحتلال 6 من كبار قادتها، حقّقت فيها المقاومة الفلسطينية منجزات على أكثر من صعيد.

مفاجآت الميدان

وضعت المقاومة الفلسطينية كلّ المدن المحتلّة تحت مرمى صواريخها، وتدرّجت في توسيع مدياتها التي وصلت الى "تل أبيب"، وما يسمى "الوسط" في الداخل المحتل، وصولًأ نحو المدن البعيدة أيضًا جنوب الأراضي المحتلة في النقب. على الرغم من أنها ليس المرة الأاولى التي تتمكّن فيها المقاومة الفلسطينية وسرايا القدس تحديدًا من قصف "تل أبيب" (قصفت "تل أبيب" لأوّل مرّة عام 2012، ردًا على اغتيال القائد الكبير في كتائب القسّام أحمد الجعبري) الا أنّه في "ثأر الأحرار"، كشفت المقاومة الفلسطينية عن تطور ملحوظ في صواريخها وتكتيكاتها، ما مكّن صاروخ "براق – 85" من تجاوز ليست فقط القبة الحديدية إنما أيضًا منظومة "مقلاع داوود" التي اسماها الاحتلال بـ "العصا السحرية" للتخلص من الصواريخ. سقط "براق – 85" في "روحوفوت" جنوبي "تل أبيب"، تاركًا "لوحة" للتاريخ من دمارٍ واستهداف  مبنى مؤلف من 4 طوابق، وإيقاع قتلى وإصابات في صفوف المستوطنين.

مع اضطرار تفعيل منظومة "مقلاع داوود"، أثبتت هذه المعركة دون شك، أن تكتكيات المقاومة، وخاصة في تكثيف رشقاتها الصاروخية، اذ كانت تطلق حوالي الـ 100 صاروخ دفعة واحدة، أنّ القبة الحديدية التي أصابها الارباك لم تعد طريقة ناجعة من أجل تحقيق "أمن" المستوطنات والتعامل مع صواريخ المقاومة، لاسيما الثقيلة منها. كما حافظت سرايا القجس على وتيرة قصف عالية أكّدت ترميمها لمخزونها الصاروخي بعد 9 أشهر فقط على خضوضها لمعركة "وحدة الساحات" في آب / اغسطس 2022.

لم تكتفِ المقاومة بذلك، بل وسعّت المواجهة وأدخلت القدس المحتلّة الى المعادلة، مطلقة الصواريخ نحو المستزطنات هناك. وكانت "القدس أمام عيوننا وما يجري هناك ليس بمعزل عن غزة"، وفق ما أكّدت حركة الجهاد الاسلامي التي أرادت أن توصل رسالة الى الاحتلال الذي أمعن بعدوانه على المسجد الأقصى والمصلين والمرابطين فيه خلال شهر رمضان الماضي، ويتحضّر لتمرير "مسيرة الأعلام" قريبًا. وقد شكلّت قبل سنتين الصواريخ التي وصلت الى القدس بداية معركة "سيف القدس".

أمام انجازات المقاومة الميدانية، وارتباك مستويات الاحتلال منها، أمعن الاحتلال في سياسة الاغتيال ، الى أن استهدف قائد العمليات في سرايا القدس، إياد الحسني، الذي كان يعرف "العدو" أنه من يدير كلّ هذه الانجازات الميدانية للمقاومة وينسّق مع الفصائل الأخرى، ظنًا أنه بذلك سيوقف المقاومة والمعركة. الا أنّ سرايا القدس، أعدت مزيدًا من المفاجآت.

استهدفت سرايا القدس يوم الجمعة بتمام الساعة 7:30 مساءً، أي بعد ساعة واحدة فقط من شهادة الحسني، "تجمعًا للجنود الصهاينة بصاروخ موجه في موقع الإرسال، وإصابة الهدف بدقة واشتعال النيران في المكان". كما تصدت سرايا القدس لأوّل مرة خلال المعركة لطائرات الاحتلال من خلال تفعيل سلاح الدفاع الجوي. بالاضافة الى استهدافها لموقع "ناحل عوز" العسكري التابع للجيش بطائرة "جنين" المسيرة. كلّ ذلك الى جانب تكثيف رشقاتها الصاروخية.

تفاوض على وقع النار

عملت حركة الجهاد الاسلامي بالتزامن ضمن مسارين، الأول تفاوضي برفع سقف الشروط، والثاني ميداني عسكري، شكّلت فيه الانجازات المذكورة سابقًا أوارق ضغط، كانت سرايا القدس تراكمها على طاولة المفاوضين في مصر تدريجًيا كلّما حاول الاحتلال التملّص من الشروط. كذلك استدرجت ضربات المقاومة أيضًا الاحتلال الى مواجهة أطول مما كان يتوقع، جعلت من رضوخه لشروط المقاومة أمرًا ضروريًا لوقف حالة الاستنزاف في جبهته الداخلية.

وعلى الرغم من انتزاع المقاومة لشروطها في الاتفاق عبر الوساطة المصرية، كانت سرايا القدس وحتى الدقائق الأخيرة، تستمر باطلاق رشقاتها الصاروخية ليس فقط نحو غلاف غزّة إنما أيضًا نحو "تل أبيب". وفي ذلك رسائل مفادها، أنها قادرة على مواصلة القتال والمعركة بالوتيرة نفسها دون تراجع، وأنّ الاستهداف وسياسة الاغتيال لا يستنزفها، بالاضافة الى أنها على استعداد أيضًا لاستئناف المعركة اذا اخترق الاحتلال "الاتفاق".

المعركة بتوقيت المقاومة: "لا يوجد انجازات لاسرائيل"

في نهاية " جولةٍ أخرى في الصراعِ مع المشروعِ الصهيونيِّ"، سحبت المقاومة الفلسطينية من رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو صورة "الانجاز" أو "ترميم الردع" أمام جمهوره، واحتفظت بتوقيت بدأ المعركة – بعد "صمت قاتل" دام أكثر من 24 ساعة على اغتيال القادة الثلاث – وتوقيت انتهائها مع وجود صواريخها في سماء فلسطين المحتلّة الساعة العاشرة من تاريخ 13 أيار / مايو 2023، الى جانب مفوضات كرّست "القصف مقابل القصف".

لتكون ثأر الأحرار، "أيام عزٍّ وكرامة لشعبنا الذي يواجه بالإمكانيات البسيطة كلَّ هذا المدجج بكلّ أدوات الموت والدمار، وصمدَ شعبنا ولم ينكسر، ولن ينكسر، وحافَظنا رغمَ كل الظروف الصعبة والمعقدة على وحدة شعبنا ومقاومته"، وفق ما شّدد الأمين العام لحركة الجهاد الاسلامي زياد النخالة. وتابع " نحن نخرج منْ هذه المعركة، وسلاحنا بأيدينا، ومقاتلونا ما زالوا في الميدانِ جاهزينَ على مدارِ الوقتِ لمقارعة أيّ عدوان". مقابل اعتراف المحلل العسكري الاسرائيلي، إيال عاليما: لا يوجد انجازات لاسرائيل".


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور