الأربعاء 23 حزيران , 2021 11:11

مواقع الكترونية لبنانية بأموال خليجية!

صحيح أن لبنان من الدول العربية القليلة، التي تتمتع فيه الوسائل الإعلامية بهامش كبير من حرية التعبير، إلا أن بعضها ليست موضوعية أو محايدة، كما لا تناقش أو تطرح المواضيع من ناحية علمية ومهنية، بل يتدخل في كل تفاصيل إنتاجها، أراء وتوجيهات مالكي هذه المؤسسات، الذين يكونون أغلبهم إما سياسيين أو أقرباء لسياسيين، أو إعلاميين سابقين وكتاب صحافة منهم لبنانيين وغير لبنانيين، وقد ظهرت في بيروت مؤخرًا عدة مواقع إلكترونية بتمويل خليجي (إماراتي وسعودي) لتلميع صورة هذه الدول، والدفاع عن حربهما على اليمن، والتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وتشويه صورة حزب الله من خلال أدوات داخلية ( إعلاميين ووزراء سابقين) لديهم أجندة واضحة ومعلنة هي التحريض على المقاومة، وبث الإشاعات، وإثارة الفوضى، والتحريض المذهبي والطائفي، وزرع الفتن بين اللبنانيين.

 فهذا الحزب بما استطاع تحقيقه من إنجازات، خلال كل سنوات نشاطه، لا سيما بعد اندلاع ثورة البحرين، والحرب المفروضة على سوريا، ومن ثم بدء الأحداث في اليمن، لم تستطع أجهزة الدعاية السلبية (البروبغندا) الأمريكية، ولا السعودية والخليجية، التي وظفت العديد من الوسائل الإعلامية اللبنانية، ومدّتها بميزانيات مالية ضخمة (جيفري فيلتمان تحدث عن تمويل أمريكي ب 500 مليون دولار، دايفيد هيل تحدث عن 10 مليارات، ووثائق أظهرت تمويل سعودي لل  MTV وكذلك جريدة يملكها وزير سابق) من تحقيق أي خرق يمكن له أن يشوه صورة حزب الله عند الشعب اللبناني، بل العكس تماماً، فإن الحزب استطاع إدارة الحرب الإعلامية بكفاءة، مكّنته من تكوين رأي عام مدافع عنه، وفي عمق الفئات المتعارضة معه أيديولوجياً وتاريخياً.

عصر المواقع الإلكترونية

هناك عدة عوامل دفعت بدول خليجية مؤخراً، إلى القيام بتمويل مواقع الكترونية، بغية استغلالها من جديد، لشن مختلف أنواع حملات الهجوم على حزب الله، وأهم هذه العوامل:

_ يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في لبنان أكثر من  ٥.٥ ملايين شخص، لذلك نمت هذه المواقع الإلكترونية بشكل واسع النطاق.

_ أكثرية مستخدمي الانترنت، باتوا يعتمدون على هذه المواقع بشكل أكبر بكثير من التلفزيون أو الراديو، أو حتى الصحف والمجلات، للحصول على المعلومات والأخبار الحصرية، أو تصفح المواضيع المختلفة والبعيدة عن السياسة.

ما دفع بالعديد من هذه الوسائل الإعلامية، إلى غلق بعض الأقسام أو حتى إعلان إفلاسها، والذي شكل خسائر كبيرة للممولين الخليجيين.

_ الإنتاج الالكتروني يتميز بانخفاض تكاليفه، ما يسمح لهذه الدول تمويل عدة مواقع، في آن واحد، وهذا سيساعدها أيضاً على إنجاز حملات مكثفة بتأثير أكبر.

_ حاجة السياسيين السابقين او الإعلاميين الذين تركوا وسائلهم الإعلامية السابقة، إلى منصة تبقيهم تحت ضوء متابعة الجمهور من جهة، وليكتسبوا مبالغ ذات قيمة مادية مرتفعة من جهة أخرى، لاسيما بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان، وجعلت قيمة الليرة اللبنانية تنخفض بشكل كبير.

النتائج والآثار

من خلال رصد هذه المواقع، ومراقبة موادها ومقالاتها ونوعية الخطاب الذي تتوجه به، يتبين بأنها مواقع يملؤها الخواء الفكري من جهة، فكل نقدها هو عبارة عن جمل هزلية أو صور كاريكاتورية مرمزة، لا تقدم مادة انتقادية علمية وتثير إشكاليات صالحة لدى الجمهور.

 ومن جهة أخرى باتت مواقع للمقالات التي لا تحتوي سوى على معلومات سرعان ما يتم تكذيبها ودحضها، أو ما ترسله لهم الجهات الخليجية الممولة من توجيهات بغية إيصال رسائل معينة إلى حزب الله، مثل دور إحدى الصحف السعودية التي تتخذ من لندن مقراً لها، وتعتبر وسيلة للتواصل السعودي الإسرائيلي غير المباشر.

لم تستطع هذه الجهود رغم كل التمويل والتنوع في المنصات، التي تتوجه نحو جمهور محدد، في خلق تأثير ورأي عام موحد ضد حزب الله والمقاومة، بل العكس تماماً فقد مكّنت هذه التجربة الحزب ومناصريه والمؤسسات التابعة له أو القريبة من توجهاته، لتقييم هذا العمل الافتراضي وما يتطلبه من تقنيات وإمكانيات وخطط تسويقية، تمكن الحزب أكثر فأكثر من إيصال صوته إلى جميع الفئات دون تشويه أو شيطنة لآرائه.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور