في لقاء سياسي مطوّل جمع دولة الرئيس نبيه بري بوفد من اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، قدّم رئيس مجلس النواب عرضاً شاملاً للأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة، متناولاً قضايا التهديدات الإسرائيلية، الانتخابات النيابية، قضية التطبيع وغيرها.
الرئيس برّي شدّد خلال اللقاء على أن المقاومة التزمت التزامًا كاملًا بما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكّدًا أن الجيش اللبناني انتشر في منطقة جنوب الليطاني بأكثر من 9300 عنصر وضابط، وهو قادر على الانتشار على الحدود المعترف بها دولياً. وأوضح أن ما يعيق هذا الانتشار الكامل هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء واسعة من الأراضي اللبنانية الجنوبية، مشيرًا إلى أن ذلك موثّق بشهادة قوات "اليونيفيل".
وفي هذا السياق، طرح الرئيس بري سؤالًا جوهريًا بقوله:"السؤال الذي يجب أن يُسأل: متى وأين وكيف التزمت إسرائيل ببند واحد من بنود اتفاق وقف إطلاق النار؟"
وتوقّف رئيس المجلس النيابي عند مواقف بعض الأطراف في الداخل اللبناني تجاه المقاومة، معربًا عن استغرابه الشديد من رفض البعض حتى ذكر كلمة "مقاومة" في الأدبيات السياسية والإعلامية، متسائلًا بمرارة:"هل هناك بلد في الكون يُنكر أنقى صفحة من تاريخه؟"
زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس
وفيما يتصل بالتحركات الدبلوماسية الأخيرة، كشف الرئيس بري أن الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ناقشت خلال زيارتها الأخيرة إلى بيروت أمرين أساسيين:
وفي ردّه على الادعاءات الإسرائيلية، أكد بري أن ما تزعمه إسرائيل بشأن السلاح من سوريا هو محض كذب وافتراء، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، التي تسيطر على الأجواء بأقمارها الصناعية، تعرف الحقيقة جيدًا.
أما بشأن المفاوضات، فأوضح الرئيس بري أن هناك آلية تُعرف باسم "الميكانزم"، وهي الإطار الذي يُفترض أن يجتمع بشكل دوري لمعالجة الملفات العالقة، ويمكن أن يُستعان خلالها بالخبراء من المدنيين أو العسكريين إذا استدعى الأمر ذلك، على غرار ما حصل سابقًا في ترسيم الخط الأزرق أو الحدود البحرية.
قانون الانتخابات ومعركة الحل السياسي
وفي الشأن الداخلي، تناول الرئيس بري ملف قانون الانتخابات النيابية، مؤكّدًا أن الاتصالات والمناقشات جارية، وأنه أبلغ الجميع بأن لدى المجلس النيابي أيضًا أفكارًا للحل، قائلاً:"إذا كان هناك من أفكار للحل، فنحن أيضًا لدينا أفكار وجاهزون لمناقشتها، لكن السؤال: هل هم يريدون الحل فعلًا؟"وشدّد بري على أن القانون الحالي نافذ، وأنه يجب إجراء الانتخابات على أساسه وفي موعدها المحدد، محذّرًا من أن أي محاولة لعرقلة الاستحقاق الانتخابي ستؤدي إلى معركة سياسية داخلية.
لا التطبيع مع العدو الإسرائيلي
وفيما يتعلق بموضوع التطبيع، عبّر الرئيس بري عن ثقته بأن اللبنانيين سيقولون "لا" للتطبيع، مستعيدًا مقولة الحقوقي الكبير عبد الله لحود الذي كان يردّد دائمًا أن"الطائفة الوحيدة التي ليس لها مصلحة بالتطبيع والسلام مع إسرائيل هم الموارنة، فكيف بباقي الطوائف، وكل لبنان؟"
معركة الصمود والبقاء
وفي ملف إعادة الإعمار وصمود الجنوبيين، أكد الرئيس بري أن أهم معركة يخوضها اللبنانيون اليوم، وخاصة أبناء الجنوب، هي معركة الصمود والبقاء في الأرض، رغم حجم القتل والدمار اليومي الذي تمارسه آلة الاحتلال الإسرائيلي. وشدّد على أن إرادة البقاء وإعادة الحياة إلى القرى والبلدات الجنوبية هي الردّ الحقيقي على العدوان، وهي المعركة الأسمى بعد الحرب.
وفي ختام مواقفه، تطرّق الرئيس بري إلى لقاء المصيلح التنسيقي الذي جرى مؤخرًا، مكتفيًا بالقول:"هو البداية من أجل وضع خطة للبدء بإعادة الإعمار."
من جهته، الوفد الذي ضمّ عدداً من أعضاء الجمعية العامة للاتحاد، أكّد خلال اللقاء المكانة الوطنية الرفيعة التي يمثّلها الرئيس بري، باعتباره أحد أعمدة الحياة السياسية اللبنانية، وركيزة أساسية في منظومة الاستقرار الوطني.
واستعرض الوفد الدور المحوري الذي يضطلع به اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية في المشهد الإعلامي العربي والإسلامي، لا سيّما خلال معركتي "طوفان الأقصى" و "أولي البأس"، اللتين شكّلتا نقطة تحوّل في الوعي الجماعي تجاه حقيقة الكيان الصهيوني.
وأشار وكيل الأمين العام للاتحاد الشيخ ناصر أخضر، الى أهمية الاتحاد الذي يضم أكثر من 250 وسيلة إعلامية ناطقة بعشر لغات في أكثر من 35 دولة، ودوره في كسر احتكار الخطاب الإعلامي الموجّه، وتثبيت معادلة جديدة أساسها أن من يملك الحقيقة يملك التأثير.
وعبّرت الأمانة العامة للاتحاد باسم الجمعية العامة عن تقديرها العميق للرئيس بري على استقباله ومواقفه، وعلى ما يمثله من رمز وطني جامع للحكمة والاعتدال. وأكدت الأمانة العامة استعداد الاتحاد لتسخير كل إمكانياته وقدراته الإعلامية لخدمة لبنان وقضاياه العادلة.