الخميس 21 تشرين أول , 2021 03:14

استهداف قاعدة التنف أعاد رسم الخطوط الحمراء

قاعدة التنف

ما حدث في سورية أمس الاربعاء بشكل خاص ليس مجرد تفصيل، سواء ما حدث صباحًا او ما حدث مساءً، الحدث الصباحي بتفجير الحافلة في دمشق لا يحمل في طياته معنى الاختراق فقط، وإنما رسائل سياسية غاية في الخطورة والأهمية، ولكنها جميعها تتعلق بالمسار السياسي والاقتصادي، وتفجير هذين المسارين.

فثمة تشكيلات عديدة لا ترغب بأن يتحرك هذا المسار لانها تفقد دورها وأهميتها عند مشغليها، فضلا عن ان بعض الاطراف ما زالت تعتقد انه هناك إمكانية في مكان ما لعكس عقارب الساعة، وانتزاع مكان على الطاولة او تفخيخ الطاولة على من فيها من خلال ضرب حالة الاستقرار التي نجحت الدولة السورية في ارسائها خلال السنوات الماضية، لاسيما بعد انتهاء المعارك الكبرى في القلمون والغوطة، وسير قطار التسويات في درعا.

إن تبني فصيل ارهابي لهذا التفجير يحيل الى رعاته الاقليميين وادوارهم، وهنا تأتي الرسالة الثانية للتفجير والتي تستهدف حالة الانفتاح على سورية، والتي تزعج قوى اقليمية لها دور كبير في استمرار النزاع من خلال دعم المجموعات الارهابية تسليحًا وتمويلًا، وربما الاعلان عن خط الغاز المصري والكهرباء الاردنية ومرورها الى لبنان، وعقد لقاءات رفيعة المستوى بين الجانبين الاردني والسوري ازعج هذه القوى فردت بالنار.

أما ما حدث مساءً من استهداف الاحتلال الامريكي لقاعدته الأكبر في سورية "التنف" عبر طائرات مسيّرة فهو مبني على ما أعلنته غرفة عمليات حلفاء سورية من الرد الحتمي على القصف الاسرائيلي الذي جاء من اتجاه التنف، وهو رسالة بأنهم لن يقبلوا بعد الآن الرعاية الأمريكية للضربات الاسرائيلية، وأن الصاع سيُرد صاعين.

الجزء الآخر من الرسالة والمتعلق بالرد المباشر على الاسرائيلي، ربما لن يتأخر كثيرا مهما حاول الاخير اشعال حرائق جانبية ليس أخرها كمين بيروت.

ما حدث في التنف ربما هي احدى أبلغ الرسائل للامريكي في سورية وأكبرها، فيما وصف القيادة الأمريكية الوسطى للهجوم بأنه متعمد ومنسق بطائرات مسيرة واحتفاظها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين يشير الى أن الايام القادمة ستحمل تصعيدًا كبيرًا يشبه إلى حد كبير ما حدث بعيد استشهاد الجنرال قاسم سليماني.

في الجزء المتبقي من رسالة التنف أنها رسمت الخطوط الحمراء في الاقليم، واوضحت عواقب تجاوزها مهما كلف الأمر، ويعني من جهة أخرى ان أيام الهدوء التي نعم بها الأمريكي قد انتهت الى غير رجعة، وأن أيام عدم الرد على الاسرائيلي قد صارت وراءنا لا سيما بعد ما حدث في التنف اليوم.

يبقى أيهما يسبق الآخر ترتيب الطاولات أم تذخير المدافع؟! الأيام القادمة مفتوحة على كل الاحتمالات.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: يوسف غانم




روزنامة المحور