الأربعاء 31 أيار , 2023 03:55

معاريف: يجب تهدئة الجبهة الداخلية في أسرع وقت

في ظل الانقسامات الداخلية التي يشهدها كيان الاحتلال على خلفية "الإصلاح القضائي"، اعتبرت صحيفة معاريف العبرية انه يجب "التوصل إلى تهدئة على الجبهة الداخلية في أسرع وقت ممكن، والتركيز على الدور الأساس وهو تحقيق المصلحة السياسية والأمنية لإسرائيل في ضوء الواقع الناشئ في العالم وفي الشرق الأوسط من جديد".

النص المترجم:

يظهر أمام ناظرينا شرق أوسط جديد، ليس ذاك المتخيّل الذي أمل الراحل شمعون بيرس عبثاً أن يقوم في أعقاب اتفاقات أوسلو، بل شرق أوسط مختلف آخذ في التجسد كنتيجة لاتفاقات إبراهيم وللصراع بين الغرب برئاسة الولايات المتحدة والصين وروسيا وإيران على النظام العالمي؛ وللاستعدادات الجغرافية السياسية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط نفسه وفي التطورات الداخلية في دوله.

إلى جانب هذه الاتجاهات، ينبغي أن نذكر أيضاً أحداثاً مثل التقلبات في أسعار النفط والعواقب المترتبة على العالم الغربي والتي تحفزها الحرب في أوكرانيا أيضاً. من جهة أخرى، ثمة تعزيز لمكانة الصين بصفتها الزبون الأساس وأحياناً شبه الوحيد (عند الحديث عن إيران) للذهب الأسود.

في خلفية هذه التطورات، عند الحديث عن الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية التي تقع على شاطئ الخليج الفارسي بشكل خاص، ثمة مسيرة بدأت في إدارة الرئيس أوباما وتواصلت تحت إدارتي الرئيسين ترامب وبايدن، لما تفسره دول المنطقة، ربما بمبالغة، كالتغيب التدريجي لوجود أمريكا السياسي والعسكري.

 لقد أدى هذا الفهم إلى موقف جديد من جهتها تجاه نفسها ليس فقط بوصفهم عملاء وزبائن ورعايا لواشنطن، بل كمراكز قوة مستقلة قادرة على نيل نقاط  جيوسياسية واقتصادية، بالذات كنتيجة للتنافس بين الكتلتين. فهي لم تعد أدوات لدى الآخرين على رقعة الشطرنج العالمية، بل لاعبين رئيسيين.

صحيح أن الحديث لا يدور عن استبعاد تام لكل ما كان سارياً في الماضي – فلا السعودية ولا الإمارات، رغم تحسين العلاقات مع إيران ودعوة سوريا للعودة إلى النادي، قد غيرتا موقفهما الأساس الذي يرى ان ايران ستصبح نووية وتسعى جاهدة إلى الهيمنة الإقليمية تهديداً حقيقياً على أمنهما وعلى نظاميهما. فكلتاهما لا تزالان تريان في إسرائيل أيضاً جهة أساسية دبلوماسية وعسكرية على حد سواء لصد هذا التهديد. كما أن الاثنتين لم تتنازلا عن درع الأمن الأمريكي، حتى وإن انكشفت فيه شقوق، أو عن التعاون مع الصناعات الأمنية الأمريكية، وهذا أيضاً مصلحة أمريكية واضحة رغم أن المحافل اليسارية في الحزب الديمقراطي تحاول تقويضه.

وثمة نتيجة أخرى قد تكون غير متوقعة للواقع الجديد، وهي أن مصطلح "العالم العربي" لم يعد له نفس المعنى الذي كان لها في العقود الأخيرة. فقد بدأت تظهر فجوات بين دول النفط الغنية كالسعودية والإمارات والبحرين وقطر، والدول العربية الأخرى وبخاصة تلك التي كانت تعتمد على يد سخية من السعودية والإمارات بالمساعدات المالية للتخفيف من أزماتها الاقتصادية، وعليها الآن أن تتصدى لذلك بينما اليد آنفة الذكر مضمومة أكثر.

وكما تحدث مؤخراً خبير عربي في أحد معاهد البحوث الهامة في واشنطن: "مركز الثقل في العالم العربي انتقل بالتأكيد من شمال إفريقيا والهلال الخصيب نحو دول الخليج... نذكركم ان الهلال الخصيب، يضم الفلسطينيين أيضاً. هذا لا يعني أن دول الخليج تريد أو يمكنها أن تتجاهل المسألة الفلسطينية، لكنها لم تعد تحتل مكاناً مركزياً في اعتباراتها السياسية.

فهي على ما يبدو كانت تفضل ألا تنشغل في ذلك على الإطلاق بقدر ما يسمح الرأي العام المحلي في بلدانها بذلك. لهذا توجد آثار أيضاً على مستقبل علاقاتها مع إسرائيل وإن لم يكن هناك وحدة مواقف كاملة في هذا السياق، مثلاً، بين السعودية والإمارات التي وقعت على اتفاقات إبراهيم؛ بينما أعطت الإمارات أولوية واضحة للعلاقات مع إسرائيل ولما يمكن لهذه أن تعرضه عليها من ناحية تكنولوجية واقتصادية واستراتيجية، فإن السعودية وإن كانت لا تستبعد التقارب التدريجي مع إسرائيل، أملت بصفقة متداخلة بين التطبيع مع إسرائيل من جهة، واستجابة إيجابية لمطالبها في مجالات مختلفة من واشنطن من جهة أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن السعودية بصفتها المبادرة إلى "خطة السلام العربية" ترى نفسها ذات مكانة خاصة بالنسبة للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، تجاه الخارج على الأقل، وسيصعب عليها رغم مصالحها الذاتية، التقدم في القناة الإسرائيلية دون موقف ما من القضية الفلسطينية.

 على أي حال، لا يمكن لإسرائيل أن تبقى سلبية وغير مبادرة خصوصاً في موضوع تنسيق البث مع الولايات المتحدة، وفي سياق السعودية، أو إزاء إجمالي الجوانب بما يتعلق بالانتشار الجيوسياسي الجديد في العالم وفي منطقتنا بخاصة. هذا سبب إضافي لضرورة الوصول إلى التهدئة في الجبهة الداخلية في أقرب وقت ممكن للسماح للقيادة الوطنية بالتركيز على الدور الأساس الذي باسمه انتخبت ولأجله أعطى الكثيرون أصواتهم لليكود: تصميم وتحقيق المصلحة السياسية والأمنية لإسرائيل في ضوء الواقع الناشئ في العالم وفي الشرق الأوسط من جديد، الذي نحن جزء منه. كل احتجاج إضافي وكل مبادرة تشريع متسرعة أو رد اليد الممدودة من رئيس الوزراء بالنسبة للإصلاح القضائي، هي هدية مجانية لأعدائنا، مثلما أكدت أيضاً تصريحات رئيس "حزب الله" حسن نصر الله.


المصدر: معاريف

الكاتب: زلمان شوفال




روزنامة المحور