الخميس 06 شباط , 2025 04:56

تشييع سيد شهداء الأمة: حزب الله ما زال قوياً

تشييع السيد نصر الله

لم يعدّ خافياً على أحد، بأن هناك جهات لبنانية تتعمّد بتحريض أمريكي، منذ وقف إطلاق النار ما بين المقاومة الإسلامية – حزب الله في لبنان والكيان المؤقت الإسرائيلي، على إثارة كل المواضيع التي يمكن من خلالها مهاجمة حزب الله إعلامياً وسياسياً، ظناً منهم بأن ذلك قد يساعد في تظهير "هزيمة" للحزب، بعدما عجزت أمريكا وإسرائيل عن هزيمته عسكرياً.

وآخر هذه المحاولات، هو ما تم البدء به منذ أيام، من طرح للإشكاليات حول تشييع سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، والسيد الهاشمي السيد هاشم صفي الدين، التي تتركز جميعها حول محاولة إظهار ضعف أو وهن قد لحق بحزب الله. فيما الحقائق والمعطيات التي سنستعرضها في المقال، تؤكّد بأن الحزب قرّر بأن يكون تشييع هذين القائدين، مناسبة لإظهار الانتصار على إسرائيل ومن خلفها أمريكا، وبأن نتائج معركة أولي البأس ستكون مفاعيلها معاكسة تماماً لرغبات وأمنيات هؤلاء البعض في لبنان.

فحزب الله باتت شعبيته أقوى وأصلب، بالتمسّك حول خيار المقاومة بكافة أشكالها، العسكرية والسياسية والإعلامية والثقافية. وستكون دماء القادة الشهداء، وفي مقدمهم دماء الشهيد السيد حسن نصر الله، ذات تأثير محفّز ومشجّع، على مضاعفة الجهود للوصول الى أهداف مسيرة المقاومة، وهذا ما سيظل يعجز عن فهمه وتفسيره الكثيرون في لبنان وخارجه. والمرحلة المقبلة التي ستبدأ منذ يوم التشييع وما بعده، ستثبت للجميع بأن معركة أولي البأس بكل تضحياتها ومواجهاتها وبطولاتها وعبرها، ستكون محطة مفصلية في الصراع مع أمريكا ووكيلتها في المنطقة إسرائيل.

وبالعودة الى الإشكاليات التي طرحت حول تشييع الشهداء السيد نصر الله والسيد صفي الدين، فإن أبرزها ما يتعلق بأن التشييع سيجري في ظل خشية ومخاوف لدى حزب الله من اعتداءات إسرائيلية، وبأن إحياء هذه الفعالية سيؤكّد إقرار حزب الله بهزيمته العسكرية أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي.

ورداً على هذه الإشكالية، يجب الكشف عن الأمور التالية:

أولاً، سيكون تشييع الشهيد السيد نصر الله في الـ 23 من شهر شباط / فبراير الحالي، بينما سيشيع الشهيد السيد صفي الدين في يوم آخر من الأسبوع في جنوبي لبنان، وهذا ما يدلّ على قدرة كبيرة لحزب الله، في التخطيط والتجهيز والإدارة والسيطرة، لإجراء تشييعين شعبين حاشدين في منطقتين مختلفتين، وهذا ما تعجز عن فعله دول.

ثانياً، فإن تشييع السيد صفي الدين الذي سيتم دفنه في قريته دير قانون النهر، سيبدأ من مدينة صيدا (جنوبي نهر الأولي)، للدلالة على أحد أهداف العدوان الأمريكي الإسرائيلي غير المعلن عنه والذي لم يتحقق، وهو وصول العملية البرية الى هذا النهر (لذلك كانت معظم تهديدات جيش الاحتلال الإسرائيلي تدعو اللبنانيين المدنيين الى مغادرة المنطقة الواقعة جنوبي نهر الاولي). أما دفن السيد صفي الدين فسيتم في بلدة تبعد عن الحدود اللبنانية مع فلسطين حوالي 21 كم تقريباً.

وعليه فإن هذه الإجراءات تظهر قدرات حزب الله العالية على تنظيم مراسم التشييع، وبأن أي استهداف إسرائيلي لا يمكن أن يخيفه، بل وقادر على الرد على أي عدوان إسرائيلي ومواجهة أي تحديات.

لماذا تم اختيار المدينة الرياضية كمكان للتشييع؟

بالنسبة الى هذه النقطة المهمة، وبما يكشّف حفاظ المقاومة على مشروعيتها الوطنية والشعبية بل وتعزّيزها بعد الانتصار في معركة أولي البأس. أراد الحزب اختيار مكان للتجمّع الجماهيري والرسمي قبل تشييع سيد شهداء الأمة السيد نصر الله، أن يكون في العاصمة بيروت، بما لها من قيمة معنوية ووطنية، وكون احتلالها كان الهدف الأساسي غير المعلن للعدوان الإسرائيلي، فيما لو هٌزمت المقاومة عسكرياً.

وبعكس كل الاتهامات التي يطرحها الفريق الداخلي عادةً، حول "تعمّد حزب الله استفزاز البيئات اللبنانية واستعراض القوة"، ولإبعاد التشييع عن هكذا إشكاليات تحريضية وفتنوية (مع العلم بأن هناك بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية حاولت الغمز انطلاقاً من هذا الموضوع وإثارة البلبلة)، تم اختيار مدينة كميل شمعون الرياضية، لما تمثّله من منشأة ذات طابع رسمي لبناني جامع، ولقدرتها على استيعاب حوالي 55 ألف شخص سيحضرون الفعالية الرسمية للتشييع (الذين سيكون أغلبهم من الشخصيات الرسمية المحلية والأجنبية والإعلامية وغيرهم). أما أحد الأسباب الأخرى لاختيار هذه المدينة، فهو لقرب هذه المنشأة من المنطقة التي سيُدفن فيها السيد نصر الله، ولسهولة بدء مسيرة التشييع الحاشد منها، حيث يبلغ عرض الأوتوستراد المجاور لها أكثر من 50 متراً، بما يتناسب مع التقديرات بأن يتجاوز عدد المشاركين نصف مليون شخص من داخل وخارج لبنان.

وقد أكّد عضو المجلس السياسي في حزب الله الحاج محمود قماطي، على أن التشييع "يمثل استفتاءً شعبيا يثبت التمسك بالعهد والوعد الذي قطعته المقاومة على نفسها"، وأنّه "تأكيد على الالتزام بالمبادئ التي يمثلها حزب الله وتأكيد على الالتزام بقضية تحرير لبنان". وأشار الحاج قماطي إلى أن "التشييع سيتم وفق أكبر نسبة ممكنة من الترتيبات الأمنية والوطنية"، وأنه "ستكون هناك دعوات لشخصيات من الداخل اللبناني والخارج للمشاركة في التشييع"، لأن "السيد حسن نصر الله ليس فقط شهيدا على مستوى الوطن بل على مستوى الأمة وحركات التحرر العالمية"، مشدداً بأن "السيد نصر الله هو شخصية عالمية".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور