الأربعاء 21 أيار , 2025 03:52

غضب أوروبي واسع.. العلاقات الإسرائيلية الأوروبية على المحك!

كايا كالاس والعلاقات الأوروبية الإسرائيلية

تسارعت وتيرة التصعيد والغضب الأوروبي تجاه "إسرائيل" في حربها الوحشية على قطاع غزة، ما يعتبر، نقطة تحول فارقة في العلاقات الأوروبية الإسرائيلية. حيث طالبت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، يوم أمس الثلاثاء، بمراجعة اتفاقية الشراكة الموقّعة بين الاتحاد الأوروبي و"إسرائيل"، في ظلّ استمرار الحرب على قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية، وشدّدت كالاس على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية، واصفةً المساعدات التي سمحت "إسرائيل" بإدخالها، بالـ"قطرة في محيط". ودعت مسؤولة الشؤون الخارجية إلى ممارسة الضغط الفعلي على "إسرائيل" لتغيير الوضع الإنساني في قطاع غزّة.

دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في حزيران/ يونيو2000، وهي تمنح إسرائيل العديد من الامتيازات في سوق الاتحاد الأوروبي، وبلغ حجم التجارة بينهما 46.8 مليار يورو في عام 2022، مما يجعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل.

"العلاقات بين إسرائيل وأوروبا على وشك زلزال محتمل"

سبقت مطالب كالاس، تصعيد غير مسبوق في العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية، إذ دعت حكومة هولندا إلى مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة (الاتفاق الأورو-إسرائيلي)، الذي تعدّ الإطار القانوني والتجاري الأساسي للعلاقات بين الجانبين.

وجاءت هذه الدعوة، وفقاً لما أوردته صحيفة كالكاليست الإسرائيلية، رداً على ما وصفته هولندا بـ"الانتهاك الجسيم للقانون الدولي الإنساني" بسبب منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها بعنوان "العلاقات بين إسرائيل وأوروبا على وشك زلزال محتمل"، أن الخطوة الهولندية تشكّل تحولاً فارقاً في النبرة الأوروبية تجاه إسرئيل، وتكشف عن تصدّع متزايد في الثقة السياسية مع تل أبيب، في وقت تتزايد فيه الدعوات لإعادة النظر باتفاق الشراكة الذي يحكم العلاقات المؤسسية بين الجانبين منذ أكثر من عقدين.

ولاقت المبادرة الهولندية دعماً عاجلاً من عدة دول أوروبية ذات تأثيرٍ واسع، من بينها فرنسا وإسبانيا وأيرلندا والبرتغال، وانضمت إليها مؤخراً السويد. ويصف التقرير هذه الخطوة بأنها "تحول مؤسساتي واضح في موقف أوروبا من إسرائيل حتى من قبل حلفاء تقليديين".

وبحسب ما نقلته كالكاليست، يرى خبراء العلاقات الخارجية في إسرائيل أن هذه الخطوة تمثّل ذروة التباعد السياسي بين تل أبيب وبروكسل منذ أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تواجه لأول مرة في تاريخها، رفضاً واسعاً لجرائمها الممنهجة يتجاوز بيانات الشجب والإدانة، باتخاذ مواقف إجرائية عقابية كخطوة أولى، إذا لم ترتدع وتحترم الالتزام بحقوق الإنسان.

وأضاف الكاتب أن أوروبا بدأت تتخلى عن دعمها لإسرائيل باتخاذ إجراءات مؤسساتية تعبيراً عن رفضها لسياسات حكومة نتنياهو، إضافة إلى تزايد أعداد الدول التي تعلن عزمها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

تحول في الموقف الأوروبي

تشهد مواقف الدول الأوروبية تجاه إسرائيل مؤخراً تحولاً في اللهجة وتبدلاً في المقاربة، خصوصاً بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل أسبوع نيته الاعتراف بدولة فلسطينية في حزيران/يونيو المقبل والبيان المشترك الذي وقعه مع رئيسي وزراء بريطانيا وكندا.

حيث أصدرت فرنسا والمملكة المتحدة وكندا بياناً مشتركاً يهدد باتخاذ "إجراءات ملموسة" ضد إسرائيل بسبب عملياتها العسكرية في غزة، وسرعان ما بدأت الإجراءات الأوروبية تترجم الغضب البادي في البيان عبر تعليق بريطاني لمحادثات التجارة، وعقوبات على مستوطنين، واستدعاءات دبلوماسية.

لم تكتفِ باريس هذه المرة بالإدانة اللفظية، بل وضعت على الطاولة تهديدات بـ"إجراءات ملموسة" قد تشمل مراجعة اتفاقات الشراكة مع إسرائيل، ما يفتح الباب أمام احتمال فرض عقوبات سياسية أو اقتصادية في حال استمرار ما وصفوه بـ"الأفعال الفاضحة" في غزة.

من المهم القول، أن هذه التحركات لا تعني أننا أمام تغيير راديكالي، فالدول الأوروبية، بما فيها فرنسا، لا تزال حليفة لإسرائيل رغم الانتقادات العلنية الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

والاختبار الفعلي لجدية هذه المواقف هو تجميد الاتفاقات عملياً وفعلياً، أو بالحد الأدنى الالتزام بتطبيق قرارات المحكمة الجنائية ومحكمة العدل الدولية، وما دون ذلك يبقى في إطار التهديدات الشكلية التي لا تترك أثراً فعلياً حتى الآن.

ختاماً، تجدر الإشارة، هناك ضغوطاً متزايدة على الحكومات الأوروبية من قبل منظمات حقوقية ومحامين، إذ هددت بعض الجهات الحقوقية بملاحقة الرئيس الفرنسي ومسؤولين أوروبيين آخرين قانونياً بتهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية، بسبب استمرار التعاون الاقتصادي مع إسرائيل، رغم توثيق ارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور