عيّن رئيس حكومة الكيان المؤقت بنيامين نتنياهو، في 22/05/2025، الجنرال دافيد زيني، الذي شغل مناصب عملياتية وقيادية عديدة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، قائدًا لجهاز الأمن العام (الشاباك)، وفقا لبيان صادر عن مكتب نتنياهو. ويُعدّ إعلان نتنياهو مجرد خطوة أولى في عملية التعيين، لأنها ستواجه إجراءات قانونية محفوفة بالمخاطر.
فهذا التعيين أثار الكثير من الإشكالات داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي للعديد من الاعتبارات والنقاط اللافتة:
_تفضيل نتنياهو اختيار رئيس للجهاز من خارجه، وهي خطوة لها تداعيات سلبية وخطيرة للغاية، على رئيس الجهاز وعلاقته بضباط الجهاز وعناصره.
_ الجنرال زيني يشغل قائد التدريب والتمارين وقائد فيلق هيئة الأركان، ورئيس الأركان ايال زامير لم يكن يعلم بتعيينه رئيسا للشاباك، وتم إبلاغه بذلك قبل إعلان نتنياهو بدقائق.
_جاء هذا الإعلان بعد مواجهة نتنياهو مع المدير السابق للشاباك، رونين بار، الذي أقاله نتنياهو في آذار / مارس، ثم استقال الشهر الماضي أثناء نظر المحكمة العليا الإسرائيلية في قرار إقالته. وقد وصفت المحكمة العليا أن إقالة بار "شابتها عيوب كثيرة"، كما أثارت التساؤلات حول تضارب المصالح المحتمل، نظرا لأن نتنياهو أقال بار، بينما كان الشاباك يحقق مع بعض مساعدي نتنياهو في قضية "قطر غيت".
_ شككت النائبة العامة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا في تعيين زيني، قائلة بأن نتنياهو تحدى التوجيه القانوني بتأجيل اختيار رئيس جديد للشاباك. وصرحت أمام المحكمة العليا، بأنه لا يمكن لنتنياهو المضي قدما في تعيين رئيس جديد للشاباك، حتى تُحل التساؤلات المتعلقة بالإجراءات وتضارب المصالح.
وفي المقابل، يردّ نتنياهو على هذا الأمر، بأنه فقد ثقته ببار خلال عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023، مُلقيًا باللوم على بار لعدم منعها. وزعم إعلان نتنياهو، أن الجنرال زيني أعدّ تقريرا لقائد فرقة غزة في جيش الإسرائيلي في آذار / مارس 2023، حول الاستعداد لـ"حادثة مفاجئة معقدة"، وأنه "في أي قطاع تقريبًا، يُمكن تنفيذ غارة مفاجئة على قواتنا" (أي يريد نتنياهو الإظهار بأن زيني نجح في مهام بار التي أخفق الأخير فيها واعترف بذلك هو نفسه مرات عديدة). وفي تقريرٍ صدر حول هجوم طوفان الأقصى في آذار / مارس الماضي، تحمّل الشاباك مسؤولية عدم الانتباه إلى إشارات التحذير من هجومٍ مُخططٍ لحماس قبل حصوله. لكنه ألقى باللوم أيضاً وبشكل جزئي، على سياسات الحكومة كعوامل مساهمة في الهجوم. متهماً حكومة نتنياهو بأنها سمحت لحركة حماس بتجميع الأسلحة الأموال لجناحها العسكري عبر قطر. ومشيراً إلى ترددها في القيام بمبادرات هجومية، بما في ذلك استهداف قادة حماس في غزة.
_ من غير الواضح مدى سرعة تولي زيني لقيادة الشاباك. حيث يجب أن تتحرك لجنة بقيادة رئيس قضاة متقاعد في المحكمة العليا، للموافقة على اختياره. لذا لم يُحدد بعد متى وما إذا كانت ستتمكن من مناقشة التعيين.
_ إحدى إشكاليات تعيين زيني، هو أنه خلال تنفيذه مؤخراً لمهمته في إدارة الجهود العسكرية الإسرائيلية المثيرة للجدل لتجنيد الحريديم، قد تصدر عناوين الصحف الإسرائيلية في كانون الثاني / يناير الماضي، بعد تعرضه للهجوم والمطاردة في مدينة بني براك الحريدية في وسط فلسطين المحتلة.
_وصف الصحفي بن كسبيت هذا التعيين في مقال أخير له في صحيفة معاريف، بـ "الجنون المطلق". وكشف بن كسبيت أن نتنياهو قد سبق له أن وصف زيني ذات مرة بأنه "مسيحاني أكثر من اللازم" (أي متطرّف أكثر من اللازم!)، ولذلك لم يعينه في حينه في منصب سكرتير الحكومة.
وبيّن كسبيت بأنه لم يواجه أي موجة ردود فعل مثل هذه من قبل، وصف بعضها بالـ"مذعور"، من سياسيين وشخصيات أمنية سابقة وحالية، وأشخاص عملوا في مكتب نتنياهو ويعرفون المعيِّن والمُعيَّن والوضع القائم. حتى ان أحدهم قال له: "نحن أمام أزمة دستورية ومقامرة على أمن الدولة دفعة واحدة".
وكشف بعض مصادر كسبيت أن شقيق زيني هو اليد اليمنى للملياردير المقرّب والداعم لعائلة نتنياهو، سيمون فاليك.
_ يعتقد البعض بأن قرار التعيين هذا، يدلّ على أن نتنياهو "فقد صوابه تماما، وأنه يقامر بكل شيء، ولا يرى الواقع أمامه، ويريد أزمة دستورية، ويريد إغلاق ملف "قطرغيت"، وتصفية وحدة مكافحة "الإرهاب غير العربي"، ويتجه نحو معركة هرمجدون". مضيفاً بأن هذا التعيين يعني "تأمين الشاباك لعائلة نتنياهو إلى الأبد، في كل مكان على الأرض وخارجها".
_أرسل رئيس جامعة "تل أبيب" رسالة شديدة اللهجة له جاء فيها: "تعيينك سيؤدي إلى حرب أهلية، وعليك سحب ترشيحك لتفادي كارثة "وطنية" قد تقع إذا تم تعيينك، واخرى اقتصادية مع إعلان القطاعات الاقتصادية نيتها الإضراب في حال تم تجاهل قرارات المحكمة".
فما هي أبرز وأهم المعلومات حول الجنرال زيني التي كان لبعضها تأثير على قرار نتنياهو في تعيينه لهذا المنصب؟
_ هو من مواليد مدينة القدس المحتلة سنة 1974، ونشأ وتعلّم في مدينة أشدود. هو ابن حاخام الحي الرابع في أشدود، وهو الابن البكر في عائلة مكوّنة من عشرة أبناء. وجده وعمّه أيضاً هم من الحاخامات.
_خلال شبابه، درس في مدرسة "موراشا" التوراتية، ثم في المدرسة الدينية الثانوية "حيسفين"، وبعدها في مدرسة "شافي حبرون" الدينية، وأخيرًا في المعهد التمهيدي "قِشِت يهودا".
_التحق بجيش الاحتلال الإسرائيلي سنة 1992، لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية، وتطوّع في وحدة الكوماندوس النخبوية "سييرت متكال" التابعة مباشرة لرئيس هيئة الأركان.
_بعد تدريبه الأساسي في المظليين، خضع لمسار تدريبي كمقاتل في الوحدة. وبعد إتمام هذا المسار، خدم لمدة سنة في وحدة عملياتية.
_بعد اجتيازه لدورة الضباط في سلاح المشاة، انتقل إلى لواء غولاني، حيث شغل منصب قائد فصيل في الكتيبة 12، ثم أصبح لاحقًا قائد السرية الأمامية "ج" في نفس الكتيبة، وقادها في القتال في جنوب لبنان. ثم شغل منصب قائد وحدة "إيغوز" الخاصة.
_خلال عملية "الدرع الواقي"، كان في إجازة دراسية، لكنه قطع دراسته وعاد إلى اللواء حتى نهاية العملية. بعدها، أصبح نائب قائد الكتيبة 51، ثم قائدًا للدورة المتقدمة في قاعدة غولاني التدريبية. وخلال حرب تموز عام 2006، كان قائد مركز القيادة المتقدم للواء غولاني (الذي مُني بخسائر كبيرة في بنت جبيل جنوبي لبنان).
_في سنة 2006، رُقي إلى رتبة مقدم وعُيِّن قائدًا للكتيبة 51، وظل في هذا المنصب حتى سنة 2008.
_في آذار / مارس 2007، واجه تمرّدًا من جنود الكتيبة. وفي تموز / يوليو 2007، خرجت الكتيبة تحت قيادته في مهمة عملياتية في غزة استمرت حتى شباط / فبراير 2008.
_في سنة 2008، عُيِّن قائدًا لوحدة "إيغوز"، وقادها خلال عملية "الرصاص المصبوب" أي معركة الفرقان.
_أنهى مهامه في سنة 2010 وخرج للدراسة. وفي سنة 2011، رُقي إلى رتبة عقيد وعُيِّن قائدًا للواء ألكسندروني، وأيضًا رئيسًا لمسار تدريبي في دورة قادة السرايا والكتائب.
_في سنة 2013، شغل بالتوازي منصب قائد مركز التدريب "مالاخ" (المركز الوطني للتدريب البري). خلال عملية "الجرف الصامد" – معركة البنيان المرصوص، وبعد إصابة قائد لواء غولاني، حسان عليان، عُيِّن زيني بديلًا مؤقتًا له، وقاد اللواء في معركة الشجاعية شرق غزة (التي أوقعت خلالها المقاومة الفلسطينية باللواء خسائر كبيرة). وأنهى مهامه في هذا المنصب سنة 2014.
_بين سنتي 2014 و2015، شغل منصب رئيس العمليات في قيادة المنطقة الوسطى. وفي 6 تموز / يوليو 2015، عُيّن مسؤولًا عن إنشاء لواء "عوز" (الذي يجمع كل وحدات الكوماندوس في الجيش)، وفي 27 كانون الأول / ديسمبر استلم منصبه كأول قائد للواء. وقد أنهى مهامه في 17 آب / أغسطس 2017، ثم انضم إلى كلية الأمن القومي.
_في 29 كانون الثاني / يناير 2018، رُقي إلى رتبة عميد، وفي 31 كانون الثاني / يناير استلم قيادة فرقة الاحتياط "عيدان"، كما شغل بين عامي 2019 و2020 منصب قائد دورة قادة السرايا والكتائب. بقي في منصبه في قيادة "عيدان" حتى 10 أيلول / سبتمبر 2020. في 24 حزيران / يونيو 2020، عُيِّن قائدًا لمعسكر شومرون، وبقي في هذا المنصب حتى 27 تشرين الأول / أكتوبر 2022.
_في 1 حزيران / يونيو 2023، رُقي إلى رتبة جنرال، وفي 5 تموز / يوليو استلم مهامه كقائد لقيادة التدريب والتأهيل، وكذلك كقائد للفيلق القيادي العام.
_خلال عملية طوفان الأقصى، وبعد ورود الأنباء عن العملية، انطلق بسرعة من منزله في مرتفعات الجولان نحو الجنوب، إلى منطقة كيبوتس مفلاسيم، وخاض معركة هناك.
_شارك في تأسيس أول لواء حريدي – "لواء الحشمونائيم"، بالتعاون مع الجنرال يانيف عسور وتحت إشراف الحاخام دافيد لايبل.
الكاتب: غرفة التحرير