الإثنين 29 أيلول , 2025 03:37

السيد حسن نصر الله في رؤية السيد الخامنئي

الإمام الخامنئي عن السيد: "مجاهد زماننا العظيم الذي لا يعرف الكلل"

درة لبنان الساطعة وثروته الباقية التي أعزته وأغنته وأعطت له الوزن والقيمة في معادلات المنطقة. هكذا كان الإمام الخامنئي يرى السيد نصر الله شخصية تتجاوز الإطار المحلي ولديها الإمكانات لتصبح رمزاً إسلامياً جامعاً، وقدرة على حمل هموم فلسطين ولبنان والأمة. هذا الإدراك المبكر لشخصية السيد جعل الإمام الخامنئي يصفه بأنه "حامل راية المقاومة في المنطقة" و "مجاهد زماننا العظيم الذي لا يعرف الكلل"، وهي توصيفات تحمل الاستنتاجات الكبيرة التي وصل إليها الإمام بنظرته التي تصيب، ليرى في السيد نصر الله مستقبل الأمة ونجاتها من الوهن والصمت والانقياد. فلولا وجود شخصية كشخصية السيد في الزمن الراهن لما كان هناك تصويب للقضايا ولا ترسيخ لها.

الدعم الاستراتيجي

برزت مكانة السيد نصر الله في عين الإمام الخامنئي بشكل واضح خلال حرب تموز/ يوليو 2006. حيث كان يواجه العدوان على لبنان بكل صلابة وحزم وتخطيط، لتجسد مواقفه المعنى العملي لمقولة الإمام الخامنئي بحق الشعب اللبناني المقاوم بأن "الشعب الذي يتمتع بالإيمان والجهاد لا يمكن أن تغلبه سطوة القوى الجائرة".

لم يتوقف دعم الجمهورية الإسلامية عند حدود الموقف السياسي، بل امتدّ إلى تقديم الدعم العسكري وإرسال الكوادر لدعم المقاومة وهذا كله تحت إشراف الإمام الخامنئي، وبعدها وقوف الجمهورية الإسلامية إلى جانب لبنان لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية والجنوب بعد الحرب. هنا ظهر البعد العملي للعلاقة؛ إذ وفّرت إيران، بتوجيه مباشر من القائد، إمكانات واسعة لدعم صمود البيئة الشعبية، بما جعل المقاومة أكثر رسوخاً في بعدها الاجتماعي والسياسي.

السيد في خطاب القائد: رموز ومعانٍ

كلمات الإمام الخامنئي بحق السيد نصر الله لم تكن مجرد كلمات عابرة، بل حملت دلالات متشعّبة حيث وصفه بـ "زعيم المقاومة الرائد في المنطقة" ما يشير إلى اعترافه بدور قيادته العابرة للحدود التي تخطت حدود لبنان. واعتبره "اللسان البليغ للمظلومين والمدافع الشجاع عنهم" ما يعكس إدراكه لقدرات السيد المميزة التي وظفها في الدفاع عن المظلومين وفي الخطابات التي وصلت إلى العدو وسمعها وانتظرها طوال فترة تولي السيد نصر الله الأمانة العامة. كذلك نداءه للأمة الإسلامية عقب استشهاد السيد ونعيه في بيان بليغ "لقد نال المجاهد الكبير… شرف الشهادة"، وأخرج السيد من كونه قائداً لحزب إلى مرتبة الرمز الأممي، الذي استشهد دفاعاً عن المظلومين في فلسطين ولبنان وكل المستضعفين.

إن تحليل هذه المفردات يكشف أن الإمام الخامنئي أراد أن يجعل من تجربة السيد مدرسة مقاومة متكاملة: سياسية، عسكرية، إعلامية، وروحية.

كان الإمام الخامنئي يرى في شخصية السيد نصر الله مزيجاً من الإخلاص والذكاء السياسي، ما أهّله لأن يكون نقطة ارتكاز في مشروع المقاومة. ومن خلال قوله: "إن السيد حسن نصر الله حين يقول: سأصلي في المسجد الأقصى… وهذا بالنسبة إلينا أمل عملي جداً"، يظهر كيف ربط القائد بين قيادة السيد لحزب الله والغاية العليا لمشروع المقاومة الإسلامية في المنطقة: تحرير القدس.

وباستشهاد السيد نصر الله، شدّد القائد أن دماءه لن تكون نهاية التجربة، بل تجديداً لها، كما لم تذهب دماء السيد عباس الموسوي هدراً واستمرت المقاومة في لبنان وتبلورت واتخذت حيزاً أوسع بفعل الدماء التي بذلت في سبيلها. هذه الرؤية الاستشرافية تعبّر عن قناعة راسخة بأن المقاومة أصبحت فكرة متجذّرة في وعي الأمة، لا يمكن أن تأفل أو تموت لأنها حركة فعالة لها جذور ثابتة.

مدرسة باقية

في الذكرى الأولى لاستشهاد السيد حسن نصر الله، يتضح من خلال كلمات الإمام علي الخامنئي أنّ العلاقة بينهما كانت علاقة متينة، شكلت نهجاً ومساراً. فقد جمع القائد بين الرؤية الاستراتيجية والتثمين الإنساني لشخصية السيد، معتبراً إياه سنداً للمجاهدين ورمزاً للمقاومين.

إن ما تركه السيد نصر الله من إرث، وما رآه فيه القائد من مؤهلات، يؤكد أن مشروع المقاومة لا ينحصر في الأشخاص بل يزدهر ببركة تضحياتهم، ليظلّ حاضراً في مستقبل لبنان والمنطقة إرثاً تتناقله الأجيال.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور