الجمعة 11 حزيران , 2021 04:57

أزمة الوقود في لبنان: كارتيل جشع.. وسياسيون متواطئون أبرزهم "سمير جعجع"

طوابير السيارات أمام محطات الوقود، مع ما تسببه من أزمات شعبية على مختلف الصعد، لا تهم سياسيي لبنان ولا تجاره المحتكرين. فما هو مهم بالنسبة لهاتين الفئتين الآن، هو الربح ولا شيء غيره. وإن كان ذلك سيكون على حساب المواطنين وموت الدولة بأجهزتها ومؤسساتها وقطاعاتها الاقتصادية.

فأغلبية القوى السياسية اللبنانية اليوم، بات تفكيرها وسلوكها وخطابها، يحركه الطمع بربح الانتخابات النيابية والرئاسية. أما التجار وأصحاب الشركات وأعضاء الكارتيلات المتحكمة بالمواد الحيوية للناس، وعلى رأسهم كارتيل الوقود، فهم يطمعون بالربح الفاحش الذي توفره لهم الأزمات التي نعاني منها وما أكثرها: سعر صرف ليرة متدن، فساد وغياب الدولة...

أزمة البنزين باختصار

هناك عدة أطراف تتشارك المسؤولية عن هذه الأزمة، لكن أهمها هو كارتيل شركات المحروقات الذي يشكل الطرف الأقوى، والتي عجزت الدولة عن مواجهته سابقاً.

ويعترض على هذا التوصيف (كارتيل) العديد من أصحاب هذه الشركات، لكن المراقب لسلوكهم منذ اندلاع الازمة الاقتصادية عام 2019، يتأكد من أن هذا التوصيف أقل بكثير مما هم عليه واقعاً. فيكفي أن نتذكر كيف استطاعوا سابقاً في منع الدولة من أن تستورد البنزين، عبر قيام محطات الوقود المملوكة منهم بالإضراب والتوقف عن العمل لأيام. كما يكفي أن ندقق كيف تسيطر كل شركة منهم، على كل حلقات سلسلة توزيع المحروقات الخاصة بالقطاع، من خزانات الوقود البحرية إلى الصهاريج فالمحطة.

فما يميز هذه الشركات:

_ تستحوذ على 55% من محطات الوقود المرخّصة. فمن أصل 2400 محطّة مرخّصة، تمتلك هذه الشركات أكثر من 1300 منها تقع تحت سيطرتها المباشرة أو عبر عقود (فرانشايز).
_ تسيطر الشركة على أكثر من 68% من نسبة الصهاريج التي توزع الوقود في لبنان. فمن أصل 1250 صهريج مرخص للتوزيع من قبل وزارة الطاقة، تسيطر هذه الشركات على أكثر من 850 صهريج بالملكية المباشرة أو من خلال عقد التعاقد الحصري.

_ أغلب الشركات متحالف أو متشارك مع القوى السياسية، التي ترعى مصالحها وتؤمن لها الحماية.

 

الشركة

الحليف السياسي

السبب

Cogico

وليد جنبلاط والحزب التقدمي الإشتراكي

شريك

ميدكو

الجيش والقوى الأمنية

عقود التزويد بالبنزين والمازوت

Coral

التيار الوطني الحر

رعاية المؤتمرات

Total

لها ارتباط دولي واقليمي

مملوكة من Total الفرنسية

هيبكو

عدة أحزاب وشخصيات سياسية

شراكة تجارية

 

 

_ أما ملكية أبرز الشركات فهي:

الشركة

المالك

Total

 Total الفرنسية

Cogico

وليد جنبلاط + طعمة طعمة

Coral

عائلة يمين

Medco

مارون شماس

IPT

طوني عيسى

Wardieh

سموأل عبد الله بَخش) سعودي الجنسية)

هيبكو

آل البساتنة

 

 

أبرز السياسيين المتواطئين: سمير جعجع

عقد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع بالأمس مؤتمراً صحفياً، كان أكثر شي ملفت فيه دفاعه المبطن عن هذه الشركات وهجومه اللامنطقي على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وتحديداً فيما يتعلق بمبادرة الحزب للاتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، على استيراد المحروقات منها للبنان، مقابل تسديد الكلفة بالليرة اللبنانية. كما تطرق بمؤتمره للعديد من النقاط التي انتقد فيها خطاب السيد نصر الله، والتي لن نذكرها لأنها لا تتعلق بالأزمة مباشرة، كما أن لا قيمة لها، لأن هدف جعجع في هذه المرحلة واضح: زيادة كتلة نواب حزبه بأي طريقة، وتحقيق حلمه القديم برئاسة الجمهورية.

أما أبرز النقاط الملفتة التي تطرق اليها والتي تتعلق بهذه الأزمة:

_التأكيد أن اقتراح السيد نصر الله لاستيراد البنزين والمازوت من إيران، هو للدعاية السياسيّة فقط لا غير. مستغرباً اللجوء إلى "الدعاية السياسيّة" فيما الشعب اللبناني على شفير الغرق وسائلاً: هل يجوز أن نمنّنه(الشعب) بأمور غير موجودة واحتمالات لا أساس لها في الواقع؟

أما من ناحية الدعاية، فإن هذا العرض الذي تقدم به السيد نصر الله مراراً وتكراراً، هو عرض جدي وقد تقدم به السيد نصر الله، منذ بدء الأزمة خلال خطاب "التوجه شرقاً"، والذي أزعج أميركا وحلفاءها في لبنان. وقد أعلن سفير إيران وقتها أن الجمهورية بناءاً على أمر وتوجيه الإمام القائد الخامنئي، مستعدة لتنفيذ هذا الأمر دون شرط أو منة.

_ أما خلاص لبنان بالنسبة لجعجع، فهو بالصمود إزاء كل الضغوط التي نمر بها، من أجل تغيير إقتصاد لبنان في الدرجة الأولى وهويته!!!

إذاً فرئيس حزب القوات يعتبر أن سبب الأزمة هو الهجوم على الشركات ونوع النظام الاقتصادي اللبناني (الرأسمالية)، التي لم يحملها أي مسؤولية.

_ دعوة الحكومة الى رفع الدعم، مشيراً إلى أنه إن أصبح سعر صفيحة البنزين بـ 100 أو 120 ألف، فعلى الأقل سيعلم الشخص بالأمر، وعليه يعمل على إيجاد حلّ لشراء تنكة بنزين بهذا السعر!!

إذاً فليس هناك لرئيس القوات أي مشكلة برفع دعم الدولة عن المحروقات، مطمئناً بأن الناس ستتأقلم (كما كان يقول حاكم مصرف لبنان عن ازدياد الغلاء وصعوبة الوضع على المواطنين "بكرا بيتعودوا!!").

_اعتباره حديث السيد نصر الله عن الاحتكار والمحتكرين بأنهم سبب الأزمة، والسؤال عن سبب عدم مصادرة المواد المحتكرة والزج بالمحتكرين في السجون، بالأمر الخطير جداً!! وقيامه بتحوير جملة السيد نصر الله التي وجه فيها دعوة لوزارة الاقتصاد، بتفعيل الرقابة والتفتيش ومعلناً عن استعداد الحزب لتزويد الوزارة ب 20 ألف متطوع. بالقول بأن السيد قد دعا للهجوم على المستودعات و"تخريب الأرض"!! وليقوم بعدها جعجع بتوصيف ذلك على أنه تدمير "آخر مدماك متبق في اقتصادنا".

_ اعتباره أن الحزب مسيطر على الدولة، ويمكنه أن يفرض عليها ذلك.

وهذا ما تنفيه كل الوقائع وحتى كلام جعجع بذاته، وقد باتت اللازمة الوحيدة عند أميركا وحلفائها في لبنان.

_ ادعاؤه بأن إيران التي ستقوم بتصدير البنزين للبنان، هي نفسها تقوم باستيراد البنزين من أجل أن تكفي حاجتها محلياً، باعتبار انها لا تملك ما يكفي من المصافي. وهذا ما تنفيه كل الوقائع والمعطيات، حيث أن إيران باتت مكتفية ذاتياً على صعيد البنزين منذ 2018.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور