الجمعة 04 شباط , 2022 12:47

بلومبيرغ: رغم محاولة الإمارات عدم إظهار الذعر إلا أنها تعيش بقلق

حرائق نتيجة القصف اليمني على المنشآت الاماراتية

لا تزال تداعيات الضربات اليمنية الثلاث التي أصابت العمق الاماراتي تعصف بالقنوات الدبلوماسية الدولية. فمن جهة، سارعت أبو ظبي بالتواصل مع وساطات باتصال مباشر مع حكومة صنعاء وأولهم الجمهورية الإسلامية حيث أعلن في الساعات القليلة الماضية عن اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان وقد شدد الأخير خلاله على ضرورة التوصل إلى حل سياسي بين كافة الأطراف اليمنية مشيراً إلى ان "إننا نعتقد بأن استمرار الحرب واتّساع دائرة الاشتباكات والصراع، لا يصبّ في مصلحة أي من الأطراف والمنطقة". ومن جهة أخرى برز تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس بقوله "لقد اتّخذنا خطوات عدّة، وأتوقّع أن نتّخذ خطوات إضافية في ضوء الهجمات المدانة التي شنّها الحوثيون، انطلاقاً من اليمن، في الأيام والأسابيع الأخيرة". حيث تتعرض الإدارة الأميركية لضغوط متزايدة للعمل على ادراج حركة أنصار الله على القائمة السوداء.

كل هذه الأحداث تكشف عن حجم المأزق الذي تورطت به الامارات في تصعيدها الأخير في اليمن، ورغبتها في الخروج منه بأقل الخسائر. في هذا الإطار أشار موقع "بلومبيرغ" في مقال له إلى ان "الإمارات تواجه صعوبة في الهروب من النزاع اليمني.... إن وابل الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على أبو ظبي زعزعت المنطقة وبددت آمال الإماراتيين بالعودة إلى الحياة الطبيعية".

وأضاف الكاتب بوبي غوش في مقاله، انه "عندما قررت الإمارات سحب قواتها من اليمن في 2019 ربما شعر قادتها بنوع من الرضا الذاتي، فمن بين الدول الأربع التي شاركت في الحملة على اليمن، السعودية التي قادتها والبحرين ومصر، كانت الإمارات الوحيدة التي خرجت بنوع من الفخر العسكري بعد أربعة أعوام من القتال. ففي الوقت الذي فشل فيه التحالف بهزيمة الجماعة الحوثية وأطاحت بالحكومة وسيطرت على العاصمة صنعاء، منعت الإمارات الحركة من السيطرة على الجنوب اليمني، بما في ذلك ميناء عدن الحيوي. إلا أن أي حس بالإنجاز تم هزه في الشهر الماضي عندما شن الحوثيون سلسلة من الهجمات الصاروخية وبالمسيرات على أبو ظبي، مركز قيادة الحاكم الفعلي الشيخ محمد بن زايد، ولي العهد. وأدى الهجوم لاندلاع النيران في المطار وبمنطقة صناعية قريبة وقتل ثلاثة أشخاص".

وتابع المقال "مع اعتراض الأمريكيين والإماراتيين صواريخ حوثية أخرى إلا أن الرسالة من اليمن وصلت واضحة وبصوت عال: الإمارات أصبحت وبشكل ثابت في مرمى أهداف الحوثيين... وتردد صوت الرسالة بعيدا عن مرمى مسيرات وصواريخ الحوثيين، فالإمارات هي نقطة حيوية في الاقتصاد العالمي، فهي ثالث دولة منتجة للنفط من بين مجموعة أوبك وواحدة من مراكز التجارة العالمية. فبعد أن أظهر الحوثيون قدرتهم على ضرب العمق السعودي، حيث أصبحت الهجمات شبه يومية، فإن الحوثيين يحاولون اليوم إظهار أن ذراع خطرهم لم يعد مقتصرا على الدول التي يشتركون معها بالحدود".

وتساءل الكاتب، "لماذا الآن؟ أن هناك مدرسة في التفكير تربط هذا بالتصعيد الأخير في المعارك ضد الحكومة اليمنية وبمساعدة من ألوية العمالقة التي دربتها الإمارات، وهي إشارة من الحوثيين للإماراتيين للحد من جماح أتباعهم في اليمن". متابعاً "أما المدرسة الثانية فتربط الهجمات بالإيرانيين الذين يحاولون الحصول على ورقة ضغط في مفاوضاتهم مع الإمارات. فقد أرسل الشيخ محمد شقيقه الشيخ طحنون بن زايد، مسؤول الأمن القومي إلى طهران لبحث طرق تخفيف العداء الطويل بين البلدين...".

وعن التوقيت الذي اسهم في تفاقم الأمور، يذكر المقال ان "الهجوم الثالث جاء متزامنا مع زيارة الرئيس الإسرائيلي اسحق هيرتسوغ إلى الإمارات، وهي الأولى منذ تطبيع العلاقات بين البلدين عام 2020 وتقترح أن الهجوم يحمل رسالة مزدوجة من إيران والحوثيين، ومفادها أنهما متحدتان في كراهية إسرائيل. ورغم محاولة الإماراتيين عدم إظهار الذعر من التهديد الحقيقي، إلا أن القلق واضح في الرد المفرط على التهديدات المتخيلة. وتم جر المقيمين إلى مراكز الأمن للتحقيق معهم بعدما نشروا صور اعتراض الصواريخ على منصات التواصل الاجتماعي، مبررة التحقيقات بأنها قد تثير الشائعات أو تكشف عن معلومات حيوية تتعلق بالأمن القومي".

مضيفاً "لم تكن اللقطات المشوشة التي التقطت عبر أجهزة الهاتف هي سبب القلق، ولا عجز الحكومة عن منع انتشار الخوف خارج حدودها، فقد حذرت الولايات المتحدة رعاياها من السفر إلى الإمارات بسبب كوفيد وكذا هجمات الحوثيين. وقدمت إدارة بايدن تأكيدات بالمساعدة وقالت إنها ستحمل الحوثيين المسؤولية عن الهجمات".

في حين عرض الكاتب نية كيان الاحتلال بمساعدة الامارات. مشيراً إلى انه قد "عرضت إسرائيل الدعم الأمن والاستخباراتي. وربما كانت الإمارات ممتنة لو تم تزويدها ببطاريات باتريوت مضادة للصواريخ، لكنها ستحاول التكتم على الدعم الإسرائيلي خشية أن يثير غضب إيران والحوثيين. ولكن الإمارات بحاجة أكثر من هذا إلى السياح الأمريكيين والإسرائيليين، فالسياحة تشكل نسبة 12% من الناتج المحلي العام، وستكون مهمة هذا العام حيث يحاول الاقتصاد التخلص من آثار وباء كورونا. وقبل أن تظلم الأجواء في كانون/يناير، كان الإماراتيون يعولون على زيادة عدد القادمين بعد افتتاح إكسبو دبي 2020 المستمر حتى 2022، لكن الحوثيين أنهوا حلم الإماراتيين بالعودة إلى العمل كالمعتاد".


المصدر: بلومبيرغ

الكاتب: بوبي غوش




روزنامة المحور