الجمعة 21 تشرين أول , 2022 03:02

طولكرم تنهض أيضاً.. مقاومة الضفّة تتوسّع

المقاومة في طولكرم

تخوّف كيان الاحتلال من أن ينتقل نموذج كتائب المقاومة ومجموعة "عرين الأسود" في مدينتي جنين ونابلس الى مناطق الضفة الغربية كافة. وهي مجموعات من شباب الجيل الفلسطيني الجديد الذين وحّدوا صفوفهم الفصائلية من أجل المقاومة وشكّلوا أيقونات ونماذج ملهمة وترك شهدائهم وصايا تستنهض أبناء الضفة والقدس المحتلّة نحو انتفاضة جديدة بوجه الاحتلال.

وقد التحقت مدينة طولكرم بدرب المقاومة، وتحاول بناء مجموعة خاصّة بها أيضاً تحاكي "عرين الأسود" التي اكتسبت تأييداً وتفاعلاً شعبياً واسعاً ساهم في نقل هذه التجربة ونسج الوحدة بين المناطق.

مجموعة "وكر الصقور"

انطلقت في المدينة مجموعة باسم "وكر الصقور" "وفاء منا لدماء الشهداء" وقالت في بيانها الأوّل، الصادر بتاريخ 18 من شهر تشرين الأول / أكتوبر الجاري، "نعلن عن تشكيل وحدات الارباك الليلي "وكر الصقور" في محافظة طولكرم... وإننا أعدننا للعدو العدّة الازمة لإدخال الرعب في قلوبهم وأعددنا رجالاً تبتغي الشهادة بقدر ابتغاء الحياة. نحذّر العدو من ارتكاب الحماقات بحق مجاهدينا وبحق أبناء شعبنا ومقدساتنا".

وأعلنت أهدافها ومبادئها، من خلال رسالة وجهتها لأبناء الضفة دعتهم فيها الى "التوجه للاشتباك مع العدو على خط التماس"، "مواجهة قوات الاحتلال بالسلاح والحجارة وتعهّدت بالحماية"، "مواجهة اقتحامات الاحتلال المتكررة وعدم السماح له بأن يكون الخروج من الأرض كدخولها".

تؤمن "وكر الصقور" بـ " الحضور الدائم والقوي في ساحات القتال التي لن تهدأ"، وبـ "القتال عن عقيدة وصلابة". كما تحرص على الوحدة الوطنية التي هي "سر الانتصار" وعلى عدم التفرقة عبر الفتن. ودعت كلّ الفصائل للانخراط في صفوف المقاومة بما فيهم أبناء الأجهزة الأمنية معربةً أن لا عداوة بينها وبين السلطة الفلسطينية موجهةً التحية لأبناء حركة فتح.

وكشفت، منذ بداية الإعلان عن تأسيسها، عن استهدافها لجيب عسكري للاحتلال بالرصاص في منطقة "كدوميم". واستهداف مجاهديها لقوات الاحتلال بالزجاجات الحارقة عند حاجز "تسناعور 104". وكشفت المجموعة عن امتداد لها في منطقة قلقيلية (التي تتبع لمحافظة طولكرم) دون ذكر تفاصيل أخرى. ولم تفصل "وكر الصقور" عن الأحداث الأخيرة في القدس المحتلّة والعمليتين اللتين نفذها ابن مخيم شعفاط الشهيد عدي التميمي الذي نعته متوعدة بالثأر.

سرايا القدس في طولكرم

لم تكن مجموعة "وكر الصقور" هي نهضة المقاومة الأولى – حديثاً – في مدينة طولكرم، فعلى غرار كتيبة جنين وكتيبة نابلس وكتيبة طوباس، أسس شباب سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) كتيبة في طولكرم.

وقد أظهر الحضور الشعبي خلال مهرجان تأبين شهداء الحركة التفاف أهالي المنطقة حول الكتيبة والمقاومة. وقد ودّعت طولكرم الشهيد سيف أبو لبدة الذي يعتبر مؤسس الكتيبة فيها والذي استشهد في بلدة "عرّابة" في جنين، الى جانب الشهيدين صائب عباهرة وخليل طوالبة.

وتضمّ طولكرم مخيّم "نور شمس" الذي يقع شرقها، وقد خصصه شبابه بـ "كتيبة نور شمس- مجموعات سيف أبو لبدة" التي انطلقت بعد شهادته. وتأسس المخيم في العام 1952 أي بعد 3 سنوات من النكبة، و"نور شمس" كان قبل عام 1948 حي صغير في مدينة طولكرم، وبعد عمليات التطهير العرقي والمجازر التي ارتكبها الاحتلال لجأ الفلسطينيون من قرى حيفا المحتلّة إلى الحي حيث أقيم هذا المخيم. يتكوّن المخيم من قسمين شمالي وجنوبي، يفصل بينهما سهل ضيق عرضه 300 متر. بلغ عدد سكان مخيم نور شمس حسب الاحصائيات عام 2010 ما يقارب العشرة الاف نسمة.

واقع طولكرم

تقع طولكرم في شمال غرب الضفة الغربية المحتلّة، وهي ثالث أكبر مدينة مساحةً وسكاناً بعد مدينتي الخليل ونابلس، اذ تبلغُ مساحتها أكثر من 32610 دونماً. يحظى موقعها الجغرافي بالأهمية العسكرية والتجارية. فكانت عبر التاريخ ممرًا للغزوات الحربيّة بين مصر والشّام، كما أنّها مركز للمواصلات البريّة بين الساحل والداخل وبين الشمال والجنوب وملتقاً للطرق التجارية. تتميّز بخصوبة التُربة ووفرة المياه العذبة.

بلغ عدد سكان مدينة طولكرم 129030 نسمة حسب إحصاء عام 1997، وهم بذلك شكلوا أكثر من 7% من إجمالي سكان الضفة الغربية فيما وصل عددهم 158 ألفاً عام 2007.

خلال الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، اقتطع منها معظم الأراضي السهلية. وبعد حرب حزيران عام 1967 وقعت المدينة تحت سيطرة الاحتلال وعانت من الاستيطان وتوسعه بالإضافة الى تعرّض أهلها للانتهاكات.  

يعتمد اقتصاد طولكرم على القطاع الزراعي، اذ إن العدد الأكبر من الفلسطينيين يكسبون عيشهم من الزراعة والغابات والصيد. كما أيضاً تعتمد على قطاع الخدمات، فتعتبر مركزاً للمؤسسات الصحية، التعليمية والإدارية. وتشمل أيضاً الصناعة الغذائية والاستهلاكية الى جانب التجارة، فهي مقصد أبناء القرى المجاورة لها.

الواقع الاستيطاني

حمل العام 2021 مخططات استيطانية خطيرة على مدينة طولكرم، فقد عمد الاحتلال الى بناء "مناطق" و"أحزمة" صناعية على مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية. الى جانب مستوطنة "نيتساني شلوم" جنوب المدينة، سيطر الاحتلال على مساحة 1980 دونماً من أراضي قريتي "شوفة" و"جبارة" تمهيداً لبناء "منطقة" صناعية. لتصبح محافظة طولكرم محاطة بمصانع الاحتلال التي تهدّد البيئة والشعب الفلسطيني.

كذلك، أعلن الاحتلال عن مخطط لنهب 1243 دونماً من أراضي قريتي "رامين" و"بيت ليد"، لبناء وحدات استيطانية لمصلحة مستوطنة "عناب"، التي تحاصر تلك القرى، وتقضم مساحات شاسعة من أراضيها السهلية والزراعية. وتضمنت الخطة بناء أكثر من 800 وحدة استيطانية.

وحاول الاحتلال ربط مستوطنتي "عناب" شمال شرق طولكرم مع مستوطنة "سلعيت" في الجنوب من اجل السيطرة على المزيد من الأراضي الفلسطينية. وقد دمّر العديد من البيوت وقطع الأشجار الحرجية في المنطقة تمهيداً للسيطرة على المساحات. لا يكمن الخطر فقط في التوسّع الاستيطاني بل المناطق المحيطة بالمستوطنات التي يستولي عليها الاحتلال ويحيطها بجدار من الأسلاك الشائكة، ويحرم الفلسطينيين من دخولها، وحرثها، والاستفادة منها ومن محاصيلها الزراعية.

الحواجز العسكرية

مثل كل مناطق الضفة الغربية تعاني طولكرم من حواجز الاحتلال تتحكّم بحركة وحياة الفلسطينيين اليومية فيها. يضع الاحتلال 4 حواجز:

_ حاجز "الطيبة"، يقع غرب مدينة طولكرم، ويبعد قرابة 2 كم عن مركز المدينة، يمر من خلاله أكثر من 20 ألف عامل من محافظات شمال الضفة الغربية، إضافة إلى أنه ممر تجاري ايضاً. يضم المعبر منشآت منها: برج مراقبة، وأربع بوابات وسبعة شبابيك مخصصة لفحص تصاريح وهويات العمال، وغرفة التصوير الطبقي.

_ حاجز "شوفة"، أنشأ عام 2016 ويقع جنوب شرق طولكرم، أوجده الاحتلال بزعم حراسة المستوطنات، ويتألف من بوابة حديدية، وبرج مراقبة، ومكعبات إسمنتية.

_ حاجز "جبارة"، يقع جنوب مدينة طولكرم. أقامته قوات الاحتلال على مساحة 20 دونماً من أراضي قرية جبارة، يضم العديد من الأبراج العسكرية. ويعتبر المعبر الرئيسي لدخول وخروج المستوطنين وفلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948 من والى محافظات شمال الضفة الغربية.

_ حاجز "عنبتا"، يقع شرق مدينة طولكرم، بالقرب من مدخل بلدة عنبتا الشرقي، على الشارع الواصل إلى مدينة نابلس. يحتوي الحاجز على أبراج مراقبة وبوابات حديدية ومكعبات إسمنتية وكاميرات مراقبة.


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور