الخميس 29 كانون الاول , 2022 04:30

شارلي إيبدو: غرفة سوداء لاغتيال الإسلام والأديان الأخرى!

إساءة شارلي ايبدو لعلماء الدين والسيد الخامنئي

تدير مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، المشهورة برسوماتها المسيئة الى مقدسات الأديان ورموز الشعوب، غرفة سوداء إعلامية و"فنية". واختارت هذه المرة المسّ بالعمامة الدينية ومقام علماء الدين في العالم الإسلامي، سعياً الى إعادة الزخم للاحتجاجات الإيرانية التي تراجعت في الأيام الماضية.

تنظم مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، مسابقة عالمية لـ "أفضل رسم كاريكاتوري شرير ومسيء" الى السيد علي الخامنئي تحت شعار #طرد_الملالي، فُتحت أبواب المشاركة لكل الرسامين من جميع أنحاء العالم ولكافة الأعمار منذ التاسع من شهر كانون الأول / ديسمبر الحالي ولغاية الثلاثين منه كآخر تاريخ لإرسال الرسومات.

أرفقت المجلة إعلان المسابقة برسمها الكاريكاتوري الخاص الذي يظهر فيه عالم دين يرفع يده الملطخة بالدماء، في إشارة واضحة الى زعمها تورّط علماء الدين بدماء الإيرانيين خاصة في الاحتجاجات الأخيرة. لكن ما يترك علامات استفهام على دلالاته الحقيقية هو وجود شعار ماركة "نايكي" الأمريكية على العمامة والشعار المكتوب للعلامة التجارية "افعلها" على الزيّ الديني.   

يُرجّح أن المجلة الفرنسية حاولت سلب العمامة الدينية قدسيتها لدى المسلمين، وترميزها بـ "ماركة" تجارية يمكن خلعها بسهولة في أي وقت. أو لأن شعار "نايكي" هو حثّ على فعل الشيء بما يعني تشجيع الجميع على الإساءة للرمز الإسلامي.  

في تفاصيل المسابقة، ادعت "شارلي إيبدو" الرسم ضد "رمز سلطة دينية رجعية ومحدودة وغير متسامحة"، زاعمةً أن السيد الخامنئي لا يشكّل مرشداً الا للذين قرروا "الانصياع اليه". وحدّدت الصحيفة أن دور المشاركين الرسّامين ورسوماتهم هو "دعم" الاحتجاجات عبر "تصغير الزعيم الديني ورميه الى مزابل التاريخ"! وتابعت المجلة إهانتها للمبادئ الدينية التي زعمت أنها لا يمكن أن تتوافق مع "المجتمع الحديث" وأن "الحرية التي يطلبها كل إنسان تتعارض مع الأفكار الإسلامية التي عفا عليها الزمن".

ليست هذه المرة الأولى التي تسيئ فيها المجلة، دون رقيب، الى المقدسات الإسلامية، فهي قد تعرّضت أكثر من مرّة الى النبي محمد (حامل رسالة الدين الإسلامي) وقد أثارت هذه الإهانة استنكارات الدول والشخصيات الإسلامية، لكن لم يُتخذ أي إجراء جدّي ولم تتعرّض هذه المجلة للمساءلة القانونية سواء في فرنسا أو دولياً.

التعرّض للمسيحية واليهود أيضاً!

لم توفر "شارلي إيبدو" فرصة للإساءة الى كلّ معتقدات ورموز الأديان والشعوب، فقد سخرت هذه المجلة من الديانة المسيحية ومن السيد المسيح في العديد من إصداراتها وصوّرته ضمن مشاهد إباحية تتنافى مع الموقع المقدّس الذي يحظى السيد المسيح في العالم المسيحي. كما تعرّضت مراراً الى الفاتيكان، من بينها عام 2012 وعلى خلفية انتقاد تسريب وثائق من الفاتيكان نشرت المجلة رسماً كاريكاتورياً أظهرت فيه بابا الكنيسة الكاثوليكية السابق بنوا السادس عشر تحت عنوان "جاسوس فى الفاتيكان"، وأخرجت من عباءة البابا، ضمن مشهد منافٍ للآداب، حيوان الخلد الذي يرمز فى فرنسا إلى التجسس.

اللافت في إصدارات المجلة أنها سخرت أيضاً من "الهولوكوست" لدى اليهود وصراعهم مع النازيين في ألمانيا. على سبيل المثال نشرت "شارلي إيبدو" مطلع العام 1979، كاريكاتوراً عن هذه الحادثة المزعومة وتهكّمت بالقول "تصوير فيلم الهولوكوست". صوّرت من خلال الرسم يهوداً باللباس في معسكرات الاعتقال النازية ويقفون خلف كاميرا تصوير سينمائي. في حين أن القانون الفرنسي " غايسوت" الصادر عام 1990 يحظر خطاب الكراهية العنصرية أو الدينية بما في ذلك إنكار أو التعرّض "للهولوكوست".

في شباط / فبراير من العام 2007، وكنوع من الرّد على الخطاب المعارض لمضمون والأسلوب اللاأخلاقي للمجلة من ممثلي الأديان، نشرت "شارلي إيبدو" رسماً يتضمّن 3 رجال دين مسلم ومسيحي ويهودي غاضبين ويحمل كل واحد منهم رمز ديانته. انتقدت المجلة بشكل إباحي أيضاً تطبيع العلاقات بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس وزراء الاحتلال مناحيم بيغن في العام 1978.

الحظر سابقاً والتفاف المجلة

تعترف "شارلي إيبدو" في خانة "تاريخنا" على موقعها الالكتروني أنها صدرت أوّل مرّة في تشرين الأول / أكتوبر من العام 1960، لكنها حملت اسم Hara-Kiri وكانت مجلة تصدر شهرياً. حظرتها السلطات الفرنسية في تشرين الثاني / نوفمبر من العام 1970 على خلفية رسم يصوّر تغطية صحفية ساخرة لمقتل الرئيس الفرنسي آنذاك شارل ديغول. ثمّ تأسست المجلة باسمها الحالي تهرباً من الحظر. وفي العام 1982 توقفت عن الإصدار لـ "أسباب مالية" حسب ادعائها، لتعود وتصدر أعدادها مطلع التسعينيات.

"شارلي إيبدو" مجلة أسبوعية ساخرة، تصدر من العاصمة الفرنسية باريس، وتتركز موضوعاتها على الرسوم والتقارير و"النكات"، تصنّف بأنها ذات انتماء يساري وتعارض اليمين في فرنسا لا سيما حزب الجبهة الوطنية الفرنسي القومي.

بأسلوبها ومنشوراتها التي لا تراعي أي من الضوابط الأخلاقية والآداب العامة، حوّلت "شارلي إيبدو" الفن والحرية الفنية من مساحة للتعبير والإبداع ونشر الثقافة وتبادلها بين الشعوب، الى آلة للتحريض ضد حرّية الفرد في المعتقد وفي الانتماء المكفولين بموجب القوانين الدولية وأفرغت الفن من رسالته، فهل هذا ما تتطلّع اليه داعية "المجتمع الديموقراطي الحديث"؟  


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور