الثلاثاء 25 أيار , 2021 01:53

ضابط ميداني في حزب الله للخنادق: انتقلنا من الدفاع الى الهجوم وهذا يرعب الإسرائيلي

في الذكرى الـ 21 لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، حصل "موقع الخنادق" على معلومات تُكشف للمرة الأولى، خلال مقابلة أجراها مع ضابط عسكري ميداني في حزب الله.

قواعد الاشتباك: منع العدو من ارتكاب أي حماقة التي لن تمر دون عقاب

قال الضابط الميداني، إن قواعد الاشتباك التي لجمت العدو الإسرائيلي بدأت مقدماتها في العام 1993، بالتزامن مع عملية " تصفية الحساب"، ولاحقًا في العملية التي أطلق عليها الاحتلال اسم  "عناقيد الغضب"، هذه القواعد نتج عنها تفاهم نيسان الذي حيّد المدنيين، هذا الواقع استمر إلى عدوان 2006 حيث ثبتت المعادلة بعد أن اقرّها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "بيروت مقابل تل ابيب".

وأضاف "أما قواعد الاشتباك الحالية هي منع العدو الإسرائيلي من ارتكاب أي حماقة، وإفهامه ان أي حماقة يرتكبها بحق مجاهدينا أو مدنيينا او بنانا التحتية او قواعدنا لن تمر دون حساب".

من أسباب نجاح المقاومة أنها لا تؤخذ بالحماس ولا يُفرض عليها

وردًا على سؤال حول موعد الرد المرتقب على استشهاد علي محسن في سوريا، أكد الضابط الميداني، ان "من أسباب نجاح المقاومة بعد الله عز وجل انها لا تؤخذ بالحماس ولا يُفرض عليها ذلك، المقاومة لديها قيادة حكيمة، وهي التي تختار المكان والزمان".

الهدوء على الحدود سببه أن العدو مردوع

وردًا على سؤال كيف يفسّر الهدوء النسبي على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة ووقوف "إسرائيل" على "رجل ونصف" أجاب ان" الإسرائيلي منذ العام 1948 لا يعطي امانًا لمحيطه، إذ ان معيار الأمان لا يُعطى إلا من خلال معادلات القوة، والتي ترجمتها المقاومة بعد 2006، حيث استطاع أهلنا في الجنوب في كافة المناطق والطوائف أن يبنوا بيوتهم على طول السلك الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، هذا الأمان الذي شهده جنوب لبنان من ال 2000 الى 2021 حتمًا هو نتيجة الردع والإصرار من المقاومة على عدم ترك العدو يجول ويصول كما يريد ".

جيش الاحتلال ما يزال على "إجر ونص"

وأوضح الضابط الميداني، أنه عندما نقول "إجر ونص" عسكريًا نعني المرحلة الفاصلة بين ارتكاب العدو جريمته او حماقته وانتظار العقاب، مؤكدًا ان جيش الاحتلال ما يزال على "اجر ونص" رغم ايحاءاته في الإعلام بأنه ليس كذلك.

حزب الله يقرأ العدو بكل واقعية وليس كما يريد الجيش الإسرائيلي

وحول عوامل القوة لدى المقاومة، شدد على ان المقاومة تراهن على 3 أمور، على "الله وبيئة المقاومة والقيادة الحكيمة"، وأضاف ان "المقاومة تقرأ العدو الإسرائيلي بواقعية وبكل تفاصيل (المجتمع والبنية والكيان) وليس كما يريد هو، لذلك نستطيع ان نقول ان شاء الله أملنا بالنصر حتمي، ولدينا يقين بالنصر، ولدينا يقين ان هذا الكيان حتمًا لن يذوق طعم الانتصار".

المقاومة تمتلك من الصواريخ ما تريد

وبالنسبة للترسانة الصاروخية التي يمتلكها حزب الله وتأثيرها في تشكيل قوة الردع كشف الضابط الميداني "ان القدرة الصاروخية لها وزن وثقل بحسب اعترافات العدو الإسرائيلي نفسه"، وقال إن "المقاومة الاسلامية لديها تشكيلات مركبة من كافة صنوف الاختصاصات، وحتما القدرة الصاروخية هي قدرة مهمة، والمقاومة تعمل على تطوير هذه القدرة منذ فترة طويلة، بعيدًا عن الاعلام والضجيج، وهي تمتلك حتى الآن ما تريد".

هناك حرب أدمغة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي

في معرض الحديث عن مراحل تطور قدرات المقاومة أشار إلى ان تراكم الخبرة منذ بداية عمل المقاومة الإسلامية الذي بدأ من 1982 حتى عام 2000، أوصل الأمور في بعض المراحل إلى ان يكون هناك حرب أدمغة، من أعمال هندسية، واقتحام مواقع الاحتلال عبر الاغارات عليها وتطهيرها وما شابه.

اما بعد العام 2000 حتى عام 2006، كان هناك مرحلة بناء أساسية، تبلورت بتجربة حرب33 يومًا وكان هذا النصر الذي وصفه السيد الخامنئي القائد اطال الله بعمره بأنه "مفصلي".

التقنيات العالية جردت الجنود الإسرائيليين من روح القتال

أما عن الأسلحة التي كانت تُستخدم لفت الضابط الميداني إلى ان "أكثر ما كان يعتمد عليه في مرحلة ما قبل التحرير هو الدبابة والطائرة، في حين اعتمدت قوات الاحتلال في معركة الـ 2006 على التقنيات والأسلحة الدقيقة للمواجهة، اما ما بعد الـ 2006، فهو يعتمد الآن على تقنيات عالية؛ الأمر الذي جرد جنود الاحتلال الإسرائيلي من روح القتال".

المقاومة حولّت الجيش الاسرائيلي إلى جيش مسلوب إرادة القتال

وأكد ان أفضل ما حققته المقاومة إلى الآن وبعد 21 عامًا، تحويل "جيش الاحتلال الاسرائيلي إلى جيش مسلوب إرادة القتال"، بينما تزداد تجربة المقاومة يومًا بعد يوم، بالتدريب والتأهيل، حتى بالتجربة الواقعية لها بمنطقة سوريا وغيرها، إضافة للتجربة الفردية لبعض كوادرها في المنطقة أيضًا.

انتقلنا من الفكر الدفاعي الى العمل الهجومي، وهذا الذي يرعب الإسرائيلي أكثر

وعن التجربة السورية أكد الضابط العسكري الميداني للخنادق ان "المقاومة اكتسبت تجربة عسكرية فريدة في الحرب السورية وقال: " بقتالنا مع العدو الإسرائيلي كنا نقاتل كمجموعات صغيرة، يُطلق عليها حرب غير منظمة أو حرب العصابات، وهذا سلاح قوة وليس سلاح ضعف، تجربة سوريا أكسبتنا إدارة تشكيلات كبيرة بشكل كامل وبكافة صنوف اختصاصاتها، من قوة مناورة الى قوة دعم قتالي، وخدمات الدعم القتالي، احتكينا بقوات صديقة احتكاكًا إيجابيًا سواء قوات منظمة أو غير منظمة، كسبنا حتما تجربة عالية"، وأضاف "الاهم نحن انتقلنا من الفكر الدفاعي الى العمل الهجومي، وهذا الذي أرعب الإسرائيلي أكثر، نحن في سوريا كان فكرنا كله هجومي، وقاتلنا بعدة أشكال من الجغرافيا، في المناطق الجبلية والصحراوية والمدن بكل معنى الكلمة، وفي بيئات مناخية مختلفة".

كوخافي، لن تحلم بأن تحصل على الرتب العسكرية على ضهرنا

ووجّه الضابط الميداني في حزب الله رسالة لرئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي قال فيها:" كوخافي، ان الفترة التي تعلّق فيها نياشين ورتب، وتريد أن تأخذ تنويهات على ضهرنا هيدي لا تحلم فيها، ونصيحة اقرأ تاريخ أسلافك من رؤساء الأركان". وأضاف "تهديدات كوخافي كان رد عليها سماحة السيد نصر الله، هو على أي حال رئيس أركان وينبغي ان يتحدث بهذه الطريقة، ونحن شاهدنا في المدة الأخيرة حجم الإرباك لديه".

لم نُفاجأ بقرار الانسحاب الإسرائيلي في أيار 2000

كشف الضابط الميداني الحاج علي، ان جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكن ينوي الانسحاب في شهر أيار عام 2000، بل "كان يخطط لترك المنطقة كجيش إسرائيلي وتسليمها إلى مرتزقته في المنطقة، اي جيش العملاء الذي كان يطلق عليه "جيش لحد"، وأهدافه كانت واضحة ومبينة، هو سلّم المنطقة لأناس لبنانيين، حتى تتحول أعراس النصر إلى اقتتال داخلي لبناني- لبناني"؛ مؤكدًا انه " بحكمة قيادة المقاومة وعلى رأسها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والقيادة العسكرية حينها، الحاج رضوان والسيد ذو الفقار، حوّلت الحلم الإسرائيلي إلى كابوس".

وعن التكتيك الذي أجبر الاحتلال لتسريع عملية انسحابه قال الحاج علي ان " قرار الانسحاب أو ترك المنطقة لم يكن خلال شهر أيار، بل كان بالأشهر القادمة، ما فرض عليه الانسحاب هي عمليات المقاومة الإسلامية النوعية، من خلال استهدافه واستهداف كوادره وتجلى هذا العمل بمقتل عقل جيش العميل أنطوان لحد، عقل هاشم، الذي هو كان القائد الفعلي لجيش لحد، وقبلها كان مقتل قائد القوات الإسرائيلية بجنوب لبنان ايريز غيرشتاين، في منطقة حاصبيا البقاع الغربي". وأضاف نحن لم نُفاجأ بالانسحاب، لأننا كنا نتابع الجيش الإسرائيلي، ونعلم ان مصيره الاندحار عن جنوب لبنان، كما أشار الضابط الميداني في المقاومة الى ان حركات وفصائل أخرى لبنانية كان لها الفضل في هذا الانسحاب.

خطابات السيد نصر الله كانت كمطر مصر بعد سنواتها العجاف

وعن تأثير خطابات السيد حسن نصر الله ورسائله للمجاهدين في الجبهات لا سيما أثناء عدوان تموز قال الحاج علي، " كانت كمطر مصر بعد سنواتها العجاف" وخطاباته كانت تعطي المجاهدين حالة طمأنينة وحالة اندفاع".

الشهيد الشيخ أبو ذر كان يمتلك من العلم والشجاعة والتواضع ما قل نظيره

ولم تقتصر المقابلة على الأمور العسكرية فقط، حيث تطرق الحاج علي إلى الجانب الإنساني للمقاومة وقال: "المقاومة مليئة بالذكريات، وأنا أحب في هذه الأيام ان أذكر أحد أسباب هذه الانتصارات، الشهيد الشيخ احمد يحيى أبو ذر، شيخ المقاومة، هذا العالم الجليل كان يمتلك من العلم والخبرة والشجاعة والتواضع ما قل نظيره، كان دائما يقول "اللهم اختم حياتنا بالشهادة"، عندما حصل تحرير ال 2000 كان الشهيد يتحدث مع بعض المجاهدين بقوله "الظاهر خلصت، رح يتحرر الجنوب والله ما تقبل"، بلحظة معينة كانت الحكمة الإلهية تريد ان تبرهن للشيخ الشهيد النصر والشهادة في آنٍ معًا، رأى التحرير وأصيب على طريق قريته رشاف الجنوبية، وفي الوقت الذي كان فيه في المستشفى كانت اصابته متوسطة وليست إصابة خطرة كان واعيًا، فيقول أحد المجاهدين "يا شيخنا هياك يومين ثلاثة وبتطلع وما استشهدت" فقال له "انا من المستشفى مش طالع"، هذه الشخصية تركت أثرا بالغًا في المقاومة لا يمكن لأحد ان يتخيله، أثرا معنويًا اذ أظهرت اين تكون العمامة ودور عالم الدين، فهو ليس اول عمامة وليس الأخيرة".

تعاملنا مع الأسرى اللحديين بثقافة أهل البيت (ع)

كما تحدث عن الثقافة التي يمتلكها مجاهدو المقاومة حيث ذكر حادثة أسر لمجموعة من عملاء جيش لحد:" في 4 أو 5 لحديين تم أسرهم وقت التحرير، ولدى مرور مسؤول الدعم واستفساره عن عدد الأسرى، قبل ان يُصار إلى تسليمهم للقضاء اللبناني، بغية احضار طعام الغداء، وبعد عودته كان بحوزته 8 سندويشات للأسرى فقط، وعند سؤال الحرس عن نصيبهم من الطعام أجاب: انتو زبطوا حالكن، الموازنة التي نمتلكها هي فقط للأسرى، الفكرة التي أريد ان أوصلها أن هذه هي ثقافة اهل البيت والإمام علي(ع).


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور