الإثنين 21 حزيران , 2021 07:53

الشباب الجامعيون هم ضباط الحرب الناعمة

"الحرب الناعمة، تعني الحرب بواسطة الأدوات الثقافيّة"، بهذه العبارات اختصر مكتب نشر آثار السيد علي الخامنئي تعريف الإمام للحرب الناعمة. فمع تعاظم قوة المقاومة في المنطقة، وكي لا تتكبد الدول المعادية خسائر مادية فادحة -نتيجة لدقة الأدوات العسكرية التي باتت تمتلكها المقاومة وتنامي خبراتها القتالية- لجأت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها -"اسرائيل" على وجه الخصوص- إلى ما بات يُعرف اليوم بالحرب الناعمة.

فبعد تحرير لبنان في العام 2000، بدأت الولايات المتحدة تفكر مليًا بالآليات التي يمكن اعتمادها للقضاء على حزب الله خصوصًا وعلى محور المقاومة عمومًا، وذلك من خلال تشويه صورته أمام الرأي العام العالمي والجمهور. وبعد حرب تموز في لبنان عام 2006 وما تلاها من انتصارات في قطاع غزة، تولت واشنطن بدلًا من تل أبيب مهمة حشد إعلامي لتزييف الحقائق وضرب صورة المقاومة.

وللمفارقة فإن واشنطن لم تعتمد في حملاتها على الاعلام الغربي إلا فيما ندر، لكنها اعتمدت على الإعلام العربي المأجور في مختلف الدول العربية مثل قنوات العربية إلى الحرة الـ MTV والـ MBC، إضافة إلى كتّاب وصحافيين ونخب اجتماعية فضلًا عن مواقع إلكترونية، والتحريض من خلال حملات على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأدوات الأمريكية في الحرب الناعمة

"إن أفضل الناطقين باسم الأفكار والأهداف الأمريكية هم غير الأمريكيين، أي الوكلاء المحليون" هذا ما قاله كبير منظري القوة الناعمة الأمريكية، جوزيف ناي، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تواجه أي مشكلة في إيصال رسائلها أو أفكارها إلى العالم، إذ تحظى بالطاعة المطلقة من قبل أدوات محلية "متحمسة" لتحقيق أهداف الإدارة الأمريكية خدمةً لمصالحها الشخصية. ومن هذه الأدوات:

1- وسائل إعلام محلية وعربية، حيث سعت الإدارة الأمريكية وقبل حرب تموز 2006 لإسكات وقمع الوسائل الإعلامية المناهضة للفكر المقاوم، "قناة المنار" على سبيل المثال، حيث كشفت وثائق ويكيليكس عن اجراء أمريكا لاتصالات مع شركات البث الفضائي المصرية بهدف وقف بثها، في مقابل فتح الباب أمام قنوات معادية للمقاومة لبث برامج تلفزيونية وإذاعية لساعات، فضلًا عن المدونات والمقالات المغرضة التي تُنشر على مواقع الانترنت.

2- الثورات الملونة، التي تسعى من خلالها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها لخلق حالة من الفوضى في البلاد بغية السيطرة عليها، ولأجل ذلك تفتعل الحروب الداخلية أو أزمات اقتصادية واجتماعية.

3- إيجاد بدائل للخدمات التي تقدمها المقاومة، إذ تلجأ إلى جعل مشاكل الناس أولى اهتماماتها، ففي لبنان على سبيل المثال لا الحصر، يسعى حزب الله إلى تأمين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للشعب اللبناني والبيئة الحاضنة للمقاومة، وكان آخرها نموذجاً تأمين البطاقات التمويلية "بطاقة السجاد". من هذا المنطلق تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين بدائل لهذه الخدمات عبر جمعيات المجتمع المدني NGOs، التي تأخذ طابع الجمعيات المستقلة لكنها في الحقيقة قائمة على التمويل الأمريكي، فتقدم المعونات لبعض العائلات الفقيرة، وهذا ما حصل في العراق كما لبنان منذ أحداث 17 تشرين الأول.

4- التلاعب بعقول الشباب الجامعيين، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى "أمركة" وعي الطلاب وتغيير نمط الحياة لديهم life style  عبر ضخ المفاهيم الغربية في حياتهم اليومية، ويبرز ذلك جليًا في الجامعات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والتي فاق عددها العشرات، إضافة إلى المنح التي تقدمها هذه الجامعات للشباب للانضمام إلى فروعها.

5- العمل على افتعال الفتن والترويج للفيدراليات والتقسيم، من خلال اعتماد الخطابات الطائفية والمذهبية بأدوات محلية، وتغليب فكرة أن الإسلام يسعى للسيطرة والقضاء على الطوائف الأخرى، وهذا ما تحاول بعض المصطلحات المستخدمة تكريسه مثل قول "حزب الله الشيعي، حماس السنية، إيران الشيعية، حركة الجهاد السنية، الحشد الشعبي الشيعي..."، بمحاولة منهم لسلخ حركات المقاومة عن بيئتها الحاضنة.

6- الضغوطات المالية والاقتصادية، والتي -وبحسب الإدارة الأمريكية- هي بسبب وجود حركات مقاومة في الشرق الأوسط، والمفارقة أنها تُحمّل حزب الله مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في لبنان في الوقت الذي تمارس فيه واشنطن الضغوطات المالية والاقتصادية على لبنان شعبه، وكذلك على أفراد ومؤسسات في الدول العربية لمجرد تأييدهم لحركات المقاومة والتي صنفتها هي في دائرة الإرهاب كـ حزب الله، وفصائل المقاومة الفلسطينية...

من طرق مواجهة الحرب الناعمة

1- معرفة أننا في حالة حرب دائمة، التي تطلب المواجهة المستمرة من خلال العمل الدؤوب.

2- معرفة أن الغرب (الولايات المتحدة وحلفاءها) فشلوا في تحقيق أهدافهم في الحرب العسكرية، حتى لجأوا إلى حرب ناعمة، والعمل على إفشال أهدافهم فيها.

3- الاهتمام بكل من البعد التربوي الثقافي، والبعد السياسي لمواجهة آثار الحرب الناعمة.

4- تكاتف الجهود في كل مراحل هذه الحرب المفروضة علينا، لمواجهة التحدِّيات التي قد تطال كل المستويات.

مواجهة الحرب الناعمة في نظر الإمام الخامنئي

بعد التغلغل الكبير لأدوات الحرب الناعمة في منطقتنا وتحديدًا في الدول التي يولي شعبها تعلقًا كبيرًا بالمقاومة وقادتها، خصص قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي عددًا من خطاباته للحديث عن آثار هذه الحرب وطرق مواجهاتها، وفيما يلي بعض من أساليب المواجهة التي أشار اليها:

1- "ينبغي توعية وتثقيف الناس وكشف هذه الأهداف أمامهم".

2- "يجب العمل بصورة عكسية لأهداف العدو".

3- "يجب مراعاة المصالح العليا في أخذ المواقف والتحركات والتدابير".

4- "على الجميع وخاصة الخواص الانتباه كي لا تكون تصريحاتهم وإجراءاتهم تكملة لخطط وأهداف أعداء النظام".

5- "ينبغي لوسائل الإعلام والنشطاء والسياسيين والمسؤولين الابتعاد عن الخلافات الهامشية غير المبدئية، لأن الأولوية في البلاد اليوم هي لمواجهة الحرب الناعمة التي يشنها العدو، والتي تستهدف بث الفرقة والتشاؤم بين أبناء الشعب، ومن أهم سبل مواجهة هذا الهجوم هو حفظ وتقوية البصيرة والروح المعنوية والتعبوية والأمل في المستقبل، وهذا لا يعني إنكار وجود المشاكل والأزمات، ولا يلغي ضرورة القيام بواجب الإصلاح والمعالجة".

6 - "على النخب والخواص أن ينتبهوا كثيراً لأن صمتهم وانسحابهم في بعض الأحيان يساعد الفتنة".

7- "لا ينبغي الركون إلى وسائل الإعلام الأجنبية لفهم مجريات الأحداث، بل الصحيح هو مخالفة ما تأتي به هذه الإذاعات".

8- "الشباب الجامعيون هم ضباط الحرب الناعمة أمام مؤامرات الغرب المعقدة".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور