الإثنين 17 آذار , 2025 02:07

إقالة رئيس الشاباك: هل تنفجر أزمة اضافية بوجه نتنياهو؟

في خطوة غير متوقعة، قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، مما أثار موجة من الجدل والاعتراضات داخل إسرائيل. هذه الإقالة، التي جاءت وسط تصاعد الأزمات السياسية والأمنية في الداخل، لم تكن مجرد قرار إداري، بل كانت بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة الحكومة الإسرائيلية على الحفاظ على تماسكها الداخلي في وجه التحديات المتزايدة.

إقالة رئيس الشاباك ليست حادثاً عابراً في الساحة السياسية الإسرائيلية. فالشاباك يعد أحد الأجهزة الأمنية الرئيسية في إسرائيل، وتعتبر هذه الخطوة بمثابة تغيير في مسار السياسة الأمنية للكيان. قرار نتنياهو جاء في وقت حساس، حيث تشهد إسرائيل توتراً سياسياً داخلياً متزايداً بعد سلسلة من القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها نتنياهو وحكومته اليمينية.

بعض المحللين يعتقدون أن القرار قد يكون جزءاً من صراع نفوذ داخل الحكومة الإسرائيلية، حيث تتزايد المخاوف من تأثيرات التحقيقات القضائية التي يخضع لها نتنياهو، والتي قد تكون قد أثرت على موقفه السياسي تجاه المؤسسات الأمنية. إقالة رئيس الشاباك قد تكون إشارة على رغبة نتنياهو في استعادة السيطرة على الأجهزة الأمنية وسط تحقيقات قد تكون ذات صلة بقضايا فساد موجهة ضده.

القرار لم يمر بسلام، إذ انقسمت الآراء في إسرائيل بشكل حاد بين مؤيد ومعارض. فالمؤيدون للقرار من داخل الائتلاف الحكومي يرون في إقالة رئيس الشاباك خطوة ضرورية لضمان تكامل جهاز الأمن مع توجهات الحكومة، ويعتبرون أن الشاباك قد انحرف عن المسار الوطني بسبب الانقسامات السياسية الداخلية في السنوات الأخيرة. يعتبر هؤلاء أن إقالة رئيس الشاباك هي رسالة تطهير ضرورية ضد الفساد والممارسات التي قد تؤثر على أمن إسرائيل.

في المقابل، يعارض خصوم نتنياهو القرار بشكل قاطع. يرون فيه محاولة لإضعاف جهاز الشاباك الذي يُعتبر أحد الركائز الأساسية للأمن الإسرائيلي، ويعتقدون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إضعاف كفاءة الجهاز في مواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها الجماعات المسلحة في الضفة الغربية وغزة. بعضهم يربط القرار بتأثيرات التحقيقات القانونية ضد نتنياهو، معتبرين أن إقالة رئيس الشاباك قد تكون جزءاً من محاولة لخلق تغييرات على الأرض تساهم في تهدئة الموقف السياسي وتخفيف الضغوط القضائية.

ومع تزايد الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة في الأشهر الأخيرة، يتوقع أن يشهد كيان الاحتلال موجة جديدة من المظاهرات يوم الأربعاء القادم، رفضاً لقرار الإقالة. هذه الاحتجاجات ستكون مؤشراً آخر على عمق الانقسام الداخلي في إسرائيل بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها. ففي الوقت الذي يرى فيه أنصار الحكومة أن المظاهرات هي مجرد محاولة للضغط على القرار، يرى المعارضون أن هذه الاحتجاجات تأتي كرد فعل طبيعي من الشارع على ما يعتبرونه تدخلاً سياسياً في المؤسسات الأمنية.

إقالة رئيس الشاباك قد تكون جزءاً من محاولة لتأمين دعم إضافي من داخل المؤسسات الأمنية، وقد تكون محاولة من نتنياهو لفرض نوع من التوازن بين الاحتجاجات الداخلية ومؤسسات الدولة، خاصة في وقت تشهد فيه إسرائيل تحقيقات بشأن قضايا فساد ضد رئيس الوزراء.

التحقيقات التي تلاحق نتنياهو قد تساهم في تأجيج الاستقطاب السياسي داخل تل أبيب، وتزيد من الشكوك حول استقلالية الأجهزة الأمنية. وإذا استمرت هذه الانقسامات في التصاعد، فقد تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها في مواجهة تحديات أكبر على جبهتين: الأولى، تتعلق بالأمن الداخلي، والثانية، تتعلق بالاستقرار السياسي في ظل الاحتجاجات المتواصلة.

إقالة رئيس الشاباك، وما يتبعها من توترات سياسية داخلية، تثير العديد من التساؤلات حول مستقبل الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية. في الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو لإعادة ترتيب أوراقه السياسية، يواجه تحديات داخلية ضخمة قد تؤثر بشكل كبير على استقرار إسرائيل في المدى القريب. وفي حين أن الأيام المقبلة قد تحمل تطورات جديدة، إلا أن ما هو مؤكد أن إسرائيل أمام مفترق طرق سياسي وأمني مع تصاعد الاحتجاجات والانقسامات الداخلية التي قد تعيد تشكيل المشهد السياسي الإسرائيلي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور