الأربعاء 09 نيسان , 2025 06:46

تهديدات ترامب ورد الصين ينذر بكارثة اقتصادية

العلمين الأميركي والصيني

يشهد العالم تصعيداً خطيراً في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي يثير مخاوف متزايدة بشأن انزلاق الاقتصاد العالمي نحو الركود.
 ففي ظل مناخ اقتصادي عالمي هش، تتداخل عوامل جيوسياسية متفاقمة وقرارات اقتصادية مفاجئة لتزيد من حالة عدم اليقين وتعمق المخاوف بشأن مستقبل النمو الاقتصادي.
في أحدث فصول هذا النزاع، عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ليطلق تهديداً جديداً تُجاه بكين، حيث لوح بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 500% على الواردات الصينية اعتباراً من اليوم 9 أبريل .

 جاء هذا التهديد كرد فعل على الزيادة الأخيرة التي أقرتها الصين في رسومها الجمركية على البضائع الأمريكية بنسبة 34%.
لم تتأخر ردود الفعل الصينية على هذا التهديد، حيث عبرت وزارة الخارجية الصينية عن موقف حازم وواضح، مؤكدة على أن الرسوم الجمركية الأمريكية تمثل "نموذجاً للأحادية والتنمر الاقتصادي الحمائي". وأكدت بكين أنها "ستتخذ إجراءات ضرورية" لحماية مصالحها والرد على أي تصعيد أمريكي، مصرحة بقوة بأنه "إذا أصرت الولايات المتحدة على شن حرب تجارية ورسوم جمركية فإن الصين ستقاتل حتى النهاية"وقد طلب البنك المركزي الصيني  من البنوك بيع حيازاتها من الدولار الأمريكي رداً على التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب مما جعل أسعار الذهب ترتفع لقرابة لـ3% بعد فرض الصين تلك الرسوم الإضافية على أمريكا

كما أشارت الصين إلى أن "إجراءات واشنطن لا تظهر استعداداً لمحادثات جادة"، مطالبة إياها بـ "إظهار موقف من المساواة والاحترام" كأساس لأي حوار بناء.
هذا التصعيد الخطير يأتي في سياق اقتصادي عالمي يعاني بالفعل من الهشاشة، فإعلان بكين عن رسوم جمركية بنسبة 34% على الواردات الأمريكية كان بمثابة رد على إجراءات أمريكية سابقة، مما يمثل تصعيداً متبادلاً يزيد من حدة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم. ويهدد تهديد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 50% بمرحلة جديدة أكثر خطورة في هذه الحرب التجارية، حيث يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستهلاك، مما يزيد من الضغوط على الاقتصاد العالمي.
إلى جانب الحرب التجارية المتصاعدة، تبرز عوامل أخرى تزيد من المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي، فمن جهة، تأتي القرارات المفاجئة لتحالف "أوبك+" بزيادة الإنتاج بشكل مفرط ، لتثير تساؤلات حول استقرار أسواق النفط وإمكانية تأثيرها على الضغوط التضخميةوقد لوحظ أن العقود الآجلة للخام الأمريكي تنهار وتصل إلى 55.40 دولاراً للبرميل الواحد، ماينعكس على العقود المستقبلية لمؤشر داو جونز الأميركي للأسهم الصناعية ليتراجع بواقع 700 نقطة جراء الرسوم الجمركية.

ومن جهة أخرى، تتفاقم المخاوف من ركود اقتصادي عالمي واسع نتيجة لتضافر هذه العوامل، بما في ذلك التوترات التجارية والجيوسياسية وارتفاع معدلات الفائدة في العديد من الاقتصادات الكبرى.

من الواضح أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين لم تعد مجرد نزاع اقتصادي حول الميزان التجاري أو حقوق الملكية الفكرية، بل تحولت إلى أداة في صراع أوسع على النفوذ الجيوسياسي والتكنولوجي، يسعى كل طرف إلى استخدام قوته الاقتصادية كرافعة لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز المكاسب التجارية المباشرة.
وفي هذا السياق المتوتر، تشير الإشارة إلى "الموقف الأخير لترامب بعد رد الخامنئي" إلى تداخل هذه التوترات التجارية مع ملفات جيوسياسية أخرى في منطقة الشرق الأوسط.

 فمن المحتمل أن يكون لردود الفعل الإيرانية تأثير على سياسات ترامب الخارجية بشكل عام، بما في ذلك موقفه تجاه الصين، مما يزيد من تعقيد المشهد ويجعل التنبؤ بالمستقبل أكثر صعوبة .

ختاماً، يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة حرجة، فالتصعيد المستمر في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية والاقتصادية الأخرى، يمثل تهديداً حقيقياً للاستقرار الاقتصادي العالمي.

 ويبقى السؤال: هل ستلجأ الأطراف المعنية إلى الحوار والتسوية لتجنب السيناريوهات الأسوأ، أم أن العالم سيشهد مزيدًا من التصعيد الذي قد يدفع الاقتصاد العالمي نحو هاوية الركود؟


الكاتب: نداء حرب




روزنامة المحور