الأربعاء 20 آب , 2025 03:56

هل يرسل ترامب قوات أميركية إلى اوكرانيا ليفرض واقعاً على بوتين؟

من اللقاء الذي جمع ترامب وزيلنسكي في البيت الأبيض

في ظل الحديث عن "محادثات السلام" المحتملة بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا، ولقاءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقادة الأوروبيين التي قيل إنها تجري لوقف الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف. يبرز المقال الذي نشرته صحيفة "ذا غارديان" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، أن ترامب استبعد إرسال قوات برية أمريكية إلى أوكرانيا، مقترحاً بدلاً من ذلك تقديم دعم جوي وضمانات أمنية، مع دور واشنطن كـ "منسق" للضمانات التي قد تقدمها الدول الأوروبية. كما يوضح المقال الجدل حول مقترحات الضمانات الأمنية، بما في ذلك فكرة قوة التطمين أو الحماية على غرار المادة الخامسة للناتو، والتأكيد على أن أوكرانيا لن تتنازل عن حجم جيشها أو عن أراضٍ لها.

في الوقت نفسه، يسلط المقال الضوء على عدم وضوح موقف روسيا بشأن أي لقاء محتمل بين بوتين وزيلينسكي، ورفض موسكو نشر قوات ناتو في أوكرانيا، ويشير المقال إلى أن الاجتماعات الغربية، رغم "النبرة الإيجابية"، لم تحقق تقدماً ملموساً، ما يبرز التحديات الكبيرة أمام أي تسوية دبلوماسية في هذه الحرب المستمرة.

النص المترجم:

الرئيس الأمريكي يقترح إمكانية توفير دعم جوي للمساعدة في فرض اتفاق سلام محتمل مع بوتين.

استبعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا لفرض اتفاق سلام محتمل مع فلاديمير بوتين، مقللاً من حجم وعوده السابقة بتقديم ضمانات أمنية لكييف، والتي اعتبرها الحلفاء الأوروبيون خطوة مهمة نحو وقف غزو الكرملين لأوكرانيا.

وخلال مقابلة هاتفية مع قناة "فوكس نيوز"، سُئل ترامب عمّا إذا كان يمكنه أن يطمئن المستمعين – ومن بينهم العديد من أنصاره في قاعدة "ماغا" الذين يدعمون سياسة خارجية انعزالية تقوم على "أمريكا أولاً" – إلى أن الولايات المتحدة لن ترسل قوات برية إلى أوكرانيا، فأجاب: "لديكم ضماني وأنا الرئيس".

لكنه أشار مع ذلك إلى أن واشنطن قد تكون مستعدة لتوفير دعم جوي لأوكرانيا من أجل دعم أي اتفاق، وهو ما سيمثل تحولاً لافتاً في سياسة إدارته تجاه الصراع.

وقال ترامب: "سيكون هناك شكل من أشكال الأمن. لا يمكن أن يكون عبر الناتو"، مستبعداً انضمام أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي. وأضاف: "إنهم مستعدون لوضع أشخاص على الأرض، ونحن مستعدون لمساعدتهم بأشياء، خصوصاً – على الأرجح – إذا كان الأمر يتعلق بالدعم الجوي".

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي عبّرا عن "استعداد للجلوس معاً إلى طاولة الحوار". وأضافت: "أفهم أن الترتيبات لعقد هذا الاجتماع جارية بالفعل".

وأفادت وكالة بلومبرغ أن المجر أبدت اهتماماً باستضافة هذا اللقاء. بينما اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مدينة جنيف مكاناً للاجتماع، مع تعهّد وزير الخارجية السويسري بمنح بوتين "حصانة" على الرغم من صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.

من جهتها، أكدت روسيا أنها تعتبر نشر قوات من دول الناتو في أوكرانيا خطاً أحمر في أي مفاوضات. غير أن ترامب قلّل من أهمية هذا الموقف يوم الثلاثاء، وأكد أنه ما يزال متفائلاً بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق مع بوتين.

وصف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، تعهّد ترامب يوم الإثنين بتقديم ضمانات أمنية تضمن التزام روسيا بأي اتفاق سلام بأنه اختراق مهم، وذلك فيما اجتمع زيلينسكي والقادة الأوروبيون في البيت الأبيض في قمة استثنائية.

وخلال مؤتمر صحفي على هامش القمة، رفض ترامب القول ما إذا كانت القوات الأميركية قد تُنشر في أوكرانيا لتشكيل ما يمكن اعتباره "خط تماس" يمنع روسيا من استئناف الصراع مستقبلاً.

من جهتهم، عقد القادة الأوروبيون جولة جديدة من المحادثات يوم الثلاثاء بعد اجتماعهم مع زيلينسكي في البيت الأبيض، وسط حالة من عدم اليقين بشأن استعداد بوتين للقاء الرئيس الأوكراني.

وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات لوكالة الصحافة الفرنسية إن بوتين اقترح عقد لقاء مع زيلينسكي في موسكو، وهي أرض معادية لرئيس أوكرانيا الذي يُقال إنه نجا من عدة محاولات اغتيال دبّرها الكرملين. وقد قيل إن زيلينسكي رفض الدعوة.

من غير الواضح ما إذا كان اللقاء بين الزعيمين سيُعقد أو متى سيحدث. من المقرر أن يحضر بوتين اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون الأمني في تيانجين الصين، نهاية أغسطس، ما يعقّد خطط عقد قمة ثنائية خلال الأسبوعين المقبلين.

التحالف الأوروبي "المستعد" عقد اجتماعه الأول افتراضياً، برئاسة مشتركة لكل من كير ستارمر وإيمانويل ماكرون، قبل أن ينضم إلى مؤتمر عبر الفيديو استضافه رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا.

وتأتي هذه الدبلوماسية الأوروبية المكثفة في محاولة للضغط على ترامب لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه بوتين، وذلك بعد أيام فقط من قمتهما الودية في ألاسكا.

قال ترامب، إلى جانب عدد من القادة الأوروبيين في واشنطن يوم الاثنين، إن بوتين وافق على عقد محادثات مباشرة مع زيلينسكي خلال الأسابيع المقبلة في محاولة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف في أوكرانيا. غير أن موسكو لم تؤكد بعد أن مثل هذا الاجتماع – الذي سيكون الأول بين الزعيمين منذ الغزو – قيد الإعداد.

وقال مساعد الكرملين يوري أوشاكوف فقط إن بوتين وترامب ناقشا فكرة "رفع مستوى الممثلين" في محادثات أوكرانيا. وفي تصريحات أدلى بها مساء الاثنين، لم يوضح أوشاكوف ما الذي قد يعنيه ذلك، ولم يشر إلى اجتماع ثلاثي محتمل يضم ترامب وزيلينسكي.

وفي يوم الثلاثاء، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للتلفزيون الحكومي إن أي لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني سيتعين التحضير له "بشكل دقيق للغاية".

في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي مساء يوم الاثنين، قال ترامب إن محادثات البيت الأبيض تضمنت خططاً لدول أوروبية لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا مع قيام الولايات المتحدة بدور "المنسق".

وقد طرحت بريطانيا وعدة حلفاء أوروبيين فكرة "قوة التطمين" التي يمكن إرسالها إلى أوكرانيا بموجب اتفاق سلام مستقبلي لردع أي عدوان روسي متجدد. إلا أن هذه الخطط تتطلب دعماً أمريكياً قوياً، وقد أبدى ترامب مقاومة لنشر قوات أميركية كضامن لأي تسوية.

وأصدرت موسكو بياناً مساء الاثنين رفضت فيه أي احتمال لنشر أفراد من الناتو في أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية الروسية: "نؤكد معارضتنا القاطعة لأي سيناريوهات تشمل تمركز قوة من الناتو في أوكرانيا".

تشمل المقترحات الأخرى للضمانات الأمنية تقديم الحلفاء الغربيين لأوكرانيا حماية على غرار المادة الخامسة، مماثلة لوعد الدفاع الجماعي في الناتو الذي يعتبر أي هجوم على عضو بمثابة هجوم على الجميع.

وفي بيان بعد اجتماع البيت الأبيض يوم الاثنين، قالت رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، إنه بينما لن تنضم أوكرانيا إلى الناتو، فإن الحلفاء الغربيين سيلتزمون بـ "بنود أمن جماعية تتيح لأوكرانيا الاستفادة من دعم جميع شركائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، المستعدة للتحرك إذا تعرضت لهجوم مرة أخرى".

وقد أوضح زيلينسكي أن أوكرانيا سترفض أي اتفاق يقيد حجم قواتها المسلحة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقترحات تتعارض مع الشروط التي سبق أن حددها بوتين على أنها مقبولة لإنهاء الحرب.

بينما اعتمد القادة الغربيون نبرة متفائلة ومباركة تجاه ترامب في البيت الأبيض، لا تزال الفجوة بين مطالب روسيا واستعداد أوكرانيا للتنازل كبيرة جداً. ولا يزال هناك ارتباك واسع بشأن ما الذي اقترحه ترامب بالضبط وما الذي وافق عليه بوتين، إن وجد، خلال قمة ألاسكا. ويخشى البعض أن يكون ترامب قد بالغ في تقدير نتائج القمة وأخطأ في تقييم استعداد موسكو للتسوية.

ولم يوضح اجتماع البيت الأبيض يوم الاثنين أي شيء حول الشروط الإقليمية التي يطالب بها بوتين. فقد طالب الزعيم الروسي بانسحاب أوكرانيا من دونيتسك ولوهانسك، في حين وضع زيلينسكي خطاً أحمر صارماً ضد التنازل عن أي أراضٍ تتجاوز الحدود الحالية للاحتلال أو الشرعية الروسية للسيطرة على تلك المناطق.

ويقول بعض المراقبين إنه رغم كل المناورات الدبلوماسية، لم يحدث تقدم حقيقي نحو إنهاء الحرب. وكتب جيرار أرو، السفير الفرنسي السابق لدى الولايات المتحدة، على منصة اكس: "لم يحدث شيء في أنكوراج في 15 أغسطس. ولم يحدث شيء يوم أمس في واشنطن العاصمة. بوتين وزيلينسكي والقادة الأوروبيون شعروا جميعهم بالارتياح: لقد تجنبوا اتخاذ ترامب لقرارات غير مرغوبة.


المصدر: The Guardian

الكاتب: Andrew Roth




روزنامة المحور