صدمة واسعة في العواصم الخليجية أعقبت الهجوم الإسرائيلي المباغت على العاصمة القطرية الدوحة التي استضافت لسنوات طويلة الوساطات بين المصالح الصهيو-امريكية وتلك الفلسطينية.
اتهامات بالخِيانة والضعف الأمني لواشنطن تجاه حلفائها في الخليج أعقبت الضربة، مع تصريح قطر بأنها أُبلغت فقط أثناء وقوع الضربة، بينما أوردت الإدارة الأميركية أنها حذّرت الدوحة قبل دقائق فقط من بدء الهجوم. غير أن الادعاء الأمريكي باستنكار الضربة لاقاه تبرير ضمني لزعزعة العدو أمن دول الجوار، باعتبار البيت الابيض أن القضاء على قادة حماس هدف جدير بالاهتمام.
الصدمة الخليجية تجاوزت الضربة وصولاً لدلالتها الاستراتيجية، إذ لطالما قدّمت واشنطن نفسها ضامنًا لأمن الممالك الخليجية، إلا أنه عندما يتعلق الموضوع بأمن العدو، تتنصل الولايات المتحدة من كل التزام ولو على حساب من تسميهم الحلفاء. فقطر دولة قدمت الكثير لواشنطن -التي صنفتها حليفًا رئيسيًا من خارج الناتو- آخرها 1.2 تريليون دولار من الصفقات، منها اتفاقات دفاعية، فيما تستضيف قطر أكبر وأهم قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، ونحو 11 ألف عسكري أمريكي، كما قدّمت لترامب أخيراً طائرة بوينج 747 فاخرة كهدية تصل قيمتها لنحو 400 مليون دولار.
كما أن قاعدة العديد شاركت في الهجوم الأخير على إيران وفقا لما كشفته تقارير صحفية. وفي هذا السياق، يشار إلى تداعيات الضربة التي شنّتها طائرات يُرجّح أنها من صنع الولايات المتحدة، بالقرب من قاعدة العديد التي يُفترض أنها لردع وكشف التهديدات الجوية.
صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية لفتت الى تزايد التساؤلات حول كيفية تجاوز الضربة الإسرائيلية للدفاعات الجوية القطرية أمريكية الصنع. كما يقول محللون إن الضربة تُثير تساؤلات حول تواطؤ دول أخرى. إذ لا يُمكن للمقاتلات الإسرائيلية المُشاركة أن تصل إلى أهدافها في قطر دون استخدام أو انتهاك المجال الجوي لدولةٍ عربيةٍ واحدةٍ أو أكثر.
وفي هذا الإطار أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الى ان القوى الخليجية تتساءل عن جدوى الحماية الأميركية بعد الهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية. فرغم كل ما قدمته قطر، لم يمنع ذلك تل أبيب من شن هجوم عسكري سافر عليها، وسط أسئلة تُطرح حول جدوى الضمانات الأمنية الأميركية.
وعلق خبراء بالقول إن قطر بذلت جهودًا كبيرة لإطلاق سراح الأسرى الصهاينة، لتردّ عليها تل أبيب بغارة جوية، ما يُثير تساؤلات حقيقية حول نية عدو يُهاجم القادة السياسيين الذين يُفاوضون على إنهاء الحرب.
كل هذا في سياق وعود أمريكية مخادعة بعدم استهداف قطر مجددا، ما يتناقض مع تهديدات نتنياهو وسفير الكيان في واشنطن وسفيره في الأمم المتحدة بملاحقة قادة حماس، وتعليق رئيس الكنيست الذي اعتبر أن الضربة رسالة إلى الشرق الأوسط برمّته.
غير أن التواطؤ الأمريكي الاسرائيلي واضح. مسؤولون صهاينة أقروا بأن جيش العدو نسق مع الادارة الامريكية، فيما يشار إلى وجود كبير مستشاري نتنياهو، رون ديرمر، الذي كان على علم بالخطط، في واشنطن اثناء الضربة. وذكرت صحيفة جيروزالم بوست أن مسؤولين إسرائيليين أكدوا أن الولايات المتحدة كانت على علم بالهجوم مسبقًا وأعطت تل ابيب الضوء الأخضر.
كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن الضربة جاءت رغم تأكيدات العدو وواشنطن الشهر الماضي بعدم استهداف قادة حماس في الدوحة، ما ولّد صدمة وشعورا بالخيانة في الدوحة عقب الضربة.
ولفت متابعون إلى توقيت الهجوم الصهيوني الذي استهدف اجتماعا يضم قادة فريق المفاوضات التابع لحماس لدراسة المقترح الأميركي الموضوع على الطاولة، مذكرين بأن الخدعة الأمريكية نفسها استخدمت لتمويه الاستعدادات لضرب إيران.
الكاتب: سارة عبيد