يُمثّل سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله، شخصية قيادية استثنائية أثرت بعمق في مسار الأحداث في لبنان والمنطقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود. لفهم هذه الشخصية ومنهجها، نقدم إليكم البحث المرفق أدناه، المستند حصراً إلى النصوص الاساسية (خطب سماحته – مقابلاته – شهاداته الشخصية حول أعلام أو فترات زمنية عايشها وشارك في صناعة القرار فيها - شهادات المقربين – شهادة الاعداء والخصوم – الوقائع السياسية والجهادية المرتبطة بسماحته – الاعمال والانجازات والقرارات الكبرى والمفصلية التي انجزها – الدراسات التي تطرقت إلى شخصه الشريف والتي تقارب المئة دراسة ....) وذلك بهدف تقديم دراسة مكثفة لمعالم قيادة السيد حسن نصر الله ومنهجه في البناء والتغيير خلال الفترة الممتدة من توليه الأمانة العامة لحزب الله عام 1992 وحتى شهادته عام 2024.
سيسعى البحث إلى الإجابة على ستة أسئلة محورية تشكل مرتكزات وهيكل برنامجه الأساسي، مستعرضاً الأبعاد الشخصية والروحية والأخلاقية للسيد نصر الله، وتأثير شخصيته الجامعة، والعناصر المميزة لمدرسته في السياسة والدين والجهاد والإدارة، ورؤيته الاستراتيجية في بناء المؤسسات، من خلال هذا البحث، نهدف إلى تقديم صورة متكاملة لهذه الشخصية القيادية التي تركت بصمات لا تُمحى على تاريخ المنطقة.
هذه الدراسة ترسم صورة متكاملة لمسار السيد حسن نصر الله، مركّزة على مشروعه في بناء مجتمع المقاومة وتحويله من تنظيم عسكري محدود إلى كيان اجتماعي وسياسي متكامل.
حيث بدأ الشهيد السيد نصر الله قيادته بوراثة مسؤولية ثقيلة بعد اغتيال السيد عباس الموسوي، فركز أولاً على بناء قوة الردع والتحرير، وهو ما تُوّج بإنجاز تحرير الجنوب عام 2000. ثم انتقل إلى ترسيخ شرعية المقاومة داخلياً عبر ربط سلاحها بالدفاع عن لبنان وبناء تحالفات سياسية عابرة للطوائف، أبرزها مع التيار الوطني الحر. بعد حرب تموز 2006، عمل على تثبيت النصر وإعادة الإعمار، ما عزز الثقة الشعبية والشرعية الوطنية للمقاومة.
مع اندلاع الأزمة السورية عام 2011، توسّع دوره إلى المستوى الإقليمي عبر التدخل العسكري لحماية خطوط الإمداد وضمان بقاء محور المقاومة، رغم كلفة ذلك على صورته عربياً. أما بعد 2019، فقد واجه تحديات داخلية كبرى: الانهيار المالي، الحراك الشعبي، انفجار المرفأ، وصولاً إلى حرب الإسناد لغزة 2023–2024، حيث انتهج سياسة "المشي على حافة الهاوية" لتخفيف الضغط عن غزة دون الانجرار إلى حرب شاملة.
اعتمد نصر الله استراتيجية شاملة لبناء مجتمع المقاومة عبر ست مرتكزات: إنشاء شبكة مؤسسات (خدماتية، تربوية، إعلامية)، إعادة هيكلة البنى الاجتماعية، صياغة هوية جماعية قائمة على العزة بدلاً من المظلومية، ترسيخ الارتباط بولاية الفقيه والتكليف الشرعي، توجيه السلوك الانتخابي كجبهة مقاومة، وصناعة الوعي والصبر والبصيرة كسلاح في الحرب الناعمة.
إلى جانب ذلك، لعبت شخصيته الكاريزمية، وخطابه المؤثر، إلى جانب صدقه ووفاؤه بالوعود، ومرونته البراغماتية، دوراً محورياً في نجاح برنامجه. كما جعل من عاشوراء وولاية الفقيه والعرفان ركائز روحية وعقائدية لتبرير التضحيات وحماية المسار الاستراتيجي.
خلاصة القول: كان برنامج السيد نصر الله ديناميكياً، يجمع بين الثبات على المبادئ (مقاومة إسرائيل، الارتباط بولي الفقيه) والمرونة في التكتيك (العمل السياسي، إدارة الأزمات). لقد بنى منظومة متكاملة جعلت من حزب الله ليس مجرد فصيل عسكري، بل كياناً عضوياً اجتماعياً وسياسياً وثقافياً، ترك بصمة عميقة على لبنان والمنطقة.
لتحميل الدراسة من هنا
الكاتب: يوسف الشيخ