الجمعة 07 تشرين ثاني , 2025 04:09

التحديات الأمنية الإسرائيلية للمنطقة العربية.. ما هي خيارات المواجهة؟

جندي من الجيش الإسرائيلي

تعيش المنطقة العربية والإسلامية مرحلةً فارقة من تاريخها الأمني والسياسي، حيث أعادت حرب طوفان الأقصى في تشرين الأول/أكتوبر 2023 رسم معادلات القوة، وفرضت اختبارًا قاسيًا على العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي طالما استندت إلى الردع السريع والحسم الميداني والتفوّق المطلق. هذه المواجهة لم تترك أثرها داخل الكيان فحسب، بل أحدثت ارتدادات عميقة في البيئة الإقليمية بأسرها، دفعت الاحتلال إلى إعادة صياغة استراتيجيته تجاه دول الجوار، في مقابل عجزٍ عربي مزمن عن بناء موقف موحّد أو آليات ردع فعّالة. في هذا السياق، تأتي هذه الدراسة لتقارب تحوّل الرؤية الأمنية الإسرائيلية الجديدة بوصفها تهديدًا بنيويًا للأمن العربي، وتقدّم إطارًا تحليليًا لاستشراف سبل المواجهة الممكنة.

ترصد الدراسة تحوّل العقيدة الأمنية الإسرائيلية من الردع التقليدي إلى الردع الهجومي الاستباقي، معزّزًا باستراتيجية "الإنذار المبكر" والقدرة على خوض معارك متعددة الجبهات. كما يركّز الكيان على تعبئة المجتمع الإسرائيلي لتحمّل تبعات الحروب، واختراق الدول العربية عبر الأقليات والانقسامات الداخلية، في موازاة حسم الصراع جغرافيًا وديموغرافيًا في فلسطين المحتلة، وتحويل القوة العسكرية إلى وسيلة لإقامة نظام إذعان إقليمي يكرّس "إسرائيل" كشرطي المنطقة.

يُرجع الباحث هذه التحوّلات إلى خمسة دوافع رئيسية:

- هيمنة اليمين الإسرائيلي المتطرّف بقيادة نتنياهو على مفاصل القرار.

- الدعم الأميركي اللامحدود، خصوصًا خلال إدارة دونالد ترامب.

- صدمة هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي زعزع ثقة المؤسسة العسكرية بنفسها.

- تنامي قدرات المقاومات الإقليمية الصاروخية والمسيّرة.

- تراجع ردود الفعل العربية على الانتهاكات الإسرائيلية في دول الطوق.

وترى الدراسة أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة لا يبدّد التهديدات الإسرائيلية، بل يتيح للكيان إعادة التموضع ونقل التصعيد إلى جبهات أخرى مثل الضفة ولبنان وسوريا واليمن. فحتى مع تغيّر المشهد الحكومي في "إسرائيل"، تبقى العقيدة اليمينية العدوانية هي الحاكمة.

الخيارات العربية الثلاثة التي تطرحها الدراسة

- الرهان على وعود ترامب ووقف النار في غزة:
خيار خاسر ومخاطرُه محقّقة، إذ لا يقدّم ضمانات حقيقية ولا يغيّر من جوهر السياسة الإسرائيلية.

- التوافق العربي والإسلامي الشامل عبر مؤسسات العمل المشترك:
يُعدّ الخيار المثالي من حيث المبدأ، لكنه يصطدم بمعوّقات واقعية أبرزها التباين في المواقف، والانقسام حول التطبيع، وضعف جامعة الدول العربية.

- تفاهم جزئي بين عدد من الدول العربية والإسلامية:
وهو الخيار الأكثر واقعية ضمن المعطيات الحالية، إذ يتيح بناء تحالف مرن متدرّج يطوّر التنسيق الدفاعي والسياسي، ويؤسس لحالة ردع إقليمي فعّالة دون انتظار الإجماع الكامل.

الرؤية المقترحة للمواجهة

توصي الدراسة باعتماد رؤية تقوم على:

- تثبيت الردع ضد الكيان الصهيوني واحتواء نزعاته التوسعية.

- تنويع التحالفات والابتعاد عن الارتهان لواشنطن.

- بلورة اتفاقية دفاع عربي–إسلامي استراتيجي على غرار الاتفاق السعودي–الباكستاني.

- حشد الدعم الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية.

- بناء مظلة حاضنة للمقاومة العربية والإسلامية التي أثبتت فعاليتها خلال معركة طوفان الأقصى.

- ترسيخ القدس والقضية الفلسطينية كقضية مركزية جامعة للأمة.

يخلص الباحث عاطف الجولاني إلى أن العالم العربي يقف أمام مفترق مصيري: فإما الاستسلام لهيمنة إسرائيلية متجددة تُدار تحت مظلة أميركية، وإما إطلاق مقاربة واقعية للتنسيق الإقليمي تُعيد تعريف الأمن الجماعي على أسس السيادة والمقاومة. فبين طموح الوحدة وصعوبة تحقيقها، يبقى خيار التوافق الجزئي المتحرك هو الطريق الممكن لبناء ردع عربي يوازي حجم التحدي الإسرائيلي الراهن والمستقبلي.

لتحميل الدراسة من هنا


المصدر: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الكاتب: أ.عاطف الجولاني




روزنامة المحور