في 23 شباط / فبراير 2025، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت تجمعاً بشرياً غير مسبوق في تاريخ البلاد، لتشييع سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله وخليفته الأمين العام لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، حيث تجمع مئات الآلاف من اللبنانيين والعرب والقادمين من دول إسلامية وأجنبية، لتكريم هؤلاء القادة والتأكيد على مواصلة طريقهما في المقاومة، تحت شعار "إنا على العهد".
كانت مراسم التشييع السيد الشهيد حسن نصر الله والسيد الشهيد هاشم صفي الدين حدثاً تاريخياً بامتياز، أعاد التأكيد على قوة وصلابة قاعدة الدعم الشعبي الراسخة لحزب الله من جهة (بشكل خالف كل التوقعات والأماني الأمريكية والإسرائيلية)، وأثبت من جهة أخرى ثبات المقاومة في لبنان وفي كل المنطقة على الثوابت التي سار عليها القادة الشهداء.
وقد كان التشييع الذي سبقه أشهر من التخطيط والتنفيذ، تحت إدارة لجنة عليا، مقسمة إلى 10 لجان فرعية متخصصة بجانب من جوانب الحدث. وقد تم اختيال ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية، أكبر مكان رياضي في لبنان، لاستضافة حفل التشييع واستقبال الوفود الرسمية والشعبية.
يوم التشييع
منذ الساعات الأولى لصباح الأحد 23/02/2025، توافد المعزون من مختلف أنحاء لبنان والدول المجاورة ودول العالم، الى العاصمة بيروت (معظم الوفود جاءت قبل أيام من تاريخ التشييع وخاصة الإعلامية منها لتواكب تحضيرات التشييع ولتوثّق مشاهد الانتصار اللبناني على كيان الاحتلال الإسرائيلي). وتشير التقديرات إلى أن عدد الحاضرين تراوح ما بين 500 ألف و1.4 مليون فرد، مما حول العاصمة بيروت وخاصة ضواحيها الغربية والجنوبية إلى بحر من أعلام حزب الله الصفراء وصور القادة الشهداء. وكان الجو مشحونًا بمزيج من مشاعر العزة والإباء والحزن والصمود والتحدي.
وقد بدأت المراسم الرسمية للتشييع في الساعة 1:00 ظهراً، وكانت اللحظة الأكثر شحناً بالعواطف والمشاعر الإنسانية، حينما تم إدخال نعشي السيد نصر الله والسيد صفي الدين أمام الحشود، يحاوطهما مرافقيهما.
واستقطب التشييع ممثلين من 79 دولة بمشاركة مئات المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية، مما سلط الضوء على مكانة السيد نصر الله الأممية. وكان من بين الحاضرين البارزين رئيس مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية محمد باقر قاليباف ووزير خارجيتها عباس عراقجي، على رأس وفد رسمي إيراني رفيع المستوى. كما حضرت شخصيات سياسية لبنانية، مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري (الذي مثّل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون)، ورئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود، وزعيم تيار المردة سليمان فرنجية، ووفود علمائية ودينية من مختلف الطوائف والمذاهب، الأمر الذي عكس طيفاً واسعاً من التضامن السياسي.
ومع تقدم الحفل، عمدت إسرائيل بكل حماقة الى استفزاز الحفل، من خلال تحليق طائرات إف-15 وإف-35 التابعة لها على ارتفاعات منخفضة فوق الملعب والعاصمة بيروت، على مرحلتين واحدة منهما خلال كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم. ويبدو أن قادة الكيان المؤقت ظنوا بأنه من خلال هذه الخطوة قد يستطيعون ترهيب جمهور المقاومة المحلي والدولي، إلا أن العكس تماماً هو ما حصل، حيث أثار هدير الطائرات هتافات "الموت لإسرائيل!" من الحشد، مما أدى إلى تضخيم مشاعر التحدّي المتصاعدة بالفعل.