في فجر الجمعة 5 آب / أغسطس للعام 1988، اغتيل قائد منظمة " تحريك جعفرية باكستان" السيد عارف الحسيني، الذي يعدّ من علماء الدين الباكستانيين الشيعة والذي كان من قبيلة البشتون ومن تلاميذ الإمام روح الله الموسوي الخميني (قده) في مدينة النجف الأشرف، خلال توجهه من باراتشينار إلى بيشاور لإلقاء خطاب.
وقد حصلت عملية الاغتيال في بيشاور على يد مجهولين، حيث أصيب السيد الحسيني بطلق ناري أدى إلى استشهاده متأثراً بجراحه خلال نقله بواسطة سيارة إسعاف إلى مستشفى محلي.
وبعد استشهاده، خرج الناس إلى الشوارع في مدن مختلفة في باكستان للتعبير عن حزنهم واحتجاجهم. ونقل جثمانه إلى مدرسة دار المعارف. وفي جنازته، خاطب ابنه السيد علي الحسيني الشعب قائلاً: "يا أمتي! أفتخر بأنني اليوم ابن شهيد. أسألكم ما دام الإمام الخميني، قائدي العظيم وأمل مسلمي العالم، حيًا حيا. لا تشعروا باليتم. لسنا أيتامًا ما دام حيًا".
وشارك في مراسم التشييع، الرئيس السابق لباكستان محمد ضياء الحق وممثلون خاصون عن الجمهورية الإسلامية في إيران برئاسة الشيخ أحمد جنتي الذي أمّ الصلاة عليه، كما تولّت الجمهورية الإسلامية دعم بناء مزار على قبره.
فالشهيد السيد الحسيني كان على علاقة وثيقة بقادة الجمهورية الإسلامية، وكان يعتبر الثورة الإسلامية في باكستان هي الحل الوحيد لهذه البلاد. وكانت أنشطته الدينية والسياسية والثقافية مصدر استياء لدى أعدائه وخصومه في الداخل والخارج (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ومعها السعودية الوهابية التي كانت تدعم الحركات التكفيرية مثل الفصيل المُسمى بفيلق الصحابة). ففي ظلّ السياق الديني والثقافي لباكستان بعد انفصالها عن الهند، كان من الممكن أن يكون حضور السيد الحسيني مؤثرًا للغاية. لذلك بعد استشهاده، هاجم الامام الخميني الإسلام الزائف بأشد العبارات، مشيراً الى أن الإسلام الأمريكي هو سبب اغتيال السيد الحسيني.
وعلّق جواد منصوري، نائب وزير الخارجية لشؤون آسيا والمحيط الهادئ آنذاك (والقائد الأول لحرس الثورة الإسلامية)، على أهداف أمريكا من اغتيال السيد الحسيني قائلاً: "في عام 1988، كانت أمريكا تهدف في البداية إلى الإضرار بالجمهورية الإسلامية باغتيال عارف حسيني. وكان تحليلهم أنه مع اقتراب نهاية الحرب المفروضة (حرب صدام على إيران)، ستتاح للجمهورية الإسلامية مساحة أكبر من الوقت والفرص للأنشطة الخارجية، وخاصة في باكستان. من ناحية أخرى، أصبح الشهيد عارف حسيني، الذي درس في إيران، يُعرف بـ"خميني باكستان". لذلك، باغتياله، كانوا يهدفون، بالإضافة إلى توجيه ضربة إلى الشيعة في باكستان، إلى وقف أنشطة إيران الخارجية بطريقة ما". مضيفاً بأن منظمة منافقي خلق هي التي قامت "بتدريب فيلق الصحابة عسكريًا لاغتيال قادة الشيعة على حساب السعودية وفي سرية تامة... وكانت طريقة الاغتيال مشابهةً لطريقة منظمة مجاهدي خلق في إيران".
وبدوره حمّل قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، "الاستكبار وأياديه الخفية والغامضة" المسؤولية عن هذا الاغتيال، وهو ما صرّح به خلال اجتماع مع مختلف شرائح الشعب والمسؤولين ومجموعة من الشيعة في مقاطعة الحدود الباكستانية حيث قال: "رحم الله الشهيد النبيل المرحوم السيد عارف حسيني، الذي دعا الشعب طوال نضاله وتضحياته إلى الاتحاد والتوحد ضد الاستكبار العالمي، وفي النهاية، أوصلته الاستكبار بأيديه الخفية والغامضة إلى الشهادة. نحن ندعم بقوة الحركة التي تُجرى لمحاكمة المتهمين بقتل ذلك الشهيد العزيز. يجب متابعة القضية ومعرفة الأيدي الخفية والمرتزقة التي أوصلت هذا السيد النبيل إلى الشهادة. هذا حق الشعب الباكستاني".