في الـ 18 من تشرين الأول / أكتوبر 2023، دخل اليمن معركة طوفان الأقصى دعماً وإسناداً للمقاومة الفلسطينية في غزة، من خلال تفعيل جبهاته العسكرية المختلفة سواء بالصواريخ والطائرات المسيرة التي هاجمت إسرائيل، أم من خلال استهداف السفن التابعة لها والتي تمر عبر البحر الأحمر وبحر العرب أو حتى عبر المحيط الهندي.
ففي تلك الأيام، لم يكن هناك أي طرف يتوقع انخراط صنعاء عسكرياً بهذا الشكل، فقد أعلن قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حينها إطلاق عمليات الإسناد للمقاومة الفلسطينية ولشعب فلسطين، تحت شعار "معركة الفتح الموعود والجهاد المقدّس" وتزامن بدء هذه العمليات مع وجود المدمرة الأمريكية يو إس إس كارني في شمال البحر الأحمر، وهي قطعة بحرية أرسلتها واشنطن كرسالة ردع وحضور عسكري لتحذير الأطراف الإقليمية من توسيع نطاق الصراع. ولم يكد يمض وقت طويل حتى تحوّل الردع الأمريكي إلى مواجهة حقيقية. فمساء 19 تشرين الأول / أكتوبر 2023 أعلنت وزارة الحرب الأمريكية أن المدمرة يو إس إس كارني اعترضت 3 صواريخ كروز و8 طائرات مُسيَّرة أطلقت من اليمن باتجاه كيان الاحتلال الاسرائيلي، وأكّد البنتاغون في حينه عدم وقوع إصابات وأن السفينة الحربية لم تكن هي المستهدفة مباشرة، بل كانت الصواريخ والمُسيَّرات تحلّق شمالاً.
وشكّل هذا الاشتباك أول صدام عسكري مباشر بين القوات المسلّحة اليمنية والبحرية الأمريكية في سياق حرب غزة، مما دفع بالمراقبين لوصفه بأنه حدث غير مسبوق. وقد أدرك عناصر وضباط المجموعة الحربية الأمريكية سريعًا أنهم في قلب معركة حقيقية لا مجرد استعراض للقوة. فعلى مدى 10 ساعات متواصلة خاضت يو إس إس كارني واحدة من أشد المعارك البحرية في تاريخ القوات الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد عرّى هذا التطور حدود القوة البحرية الأمريكية في تلك اللحظة الحرجة؛ فبدلاً من أن ترهب صواريخ البحرية الأمريكية خصومها، وجدت نفسها في موقف دفاعي أمام سلاح البحرية اليمنية غير التقليدي المكوّن من طائرات دون طيار وصواريخ بعيدة المدى. وأقرّت واشنطن بأنها اضطرت للتعامل مع تهديدات غير متوقعة، في حين اعتبر اليمنيون أن نجاحهم في فرض هذه المواجهة أثبت قدرتهم على تحدي الهيمنة البحرية الأمريكية في المنطقة.