الثلاثاء 03 آب , 2021 03:43

الصواريخ الدقيقة تقلق إسرائيل

راجمة صواريخ

كتب المحلل العسكري في صحيفة معاريف "طال ليف"، مقالًا تحت عنوان "قضية الصواريخ الدقيقة هي التي ستحسم اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحزب الله في الفترة القريبة المقبلة". والمراقب لتصريحات كل المسؤولين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة، يتأكد أن هذا النوع من الصواريخ هو مصدر قلق الكيان الوحيد في هذه أيام، وما اهتمامهم بالمشاكل اللبنانية الداخلية سوى إشارة، إلى أنهم يترقبون أي حدث يسمح من خلالها توجيه الضربة الى هذه القدرة.

النص المترجم:

على الرغم من استمرار النشاطات العسكرية المنسوبة ل"إسرائيل" في سورية، والأوضاع القاسية الآخذة بالتفاقم في لبنان، والصعوبات الاقتصادية التي تواجهها إيران في الآونة الأخيرة، فإن مشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله آخذ بالتقدّم إلى الأمام.

وهذا الأمر من شأنه أن يضع معضلة من العيار الثقيل، أمام المؤسسة السياسية الإسرائيلية في الأعوام القليلة المقبلة، تتعلق بكيفية التصرّف حيال هذا التهديد الخطر.

وسبق لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال "أفيف كوخافي"، أن صرح في الماضي بأنه في حال تجاوُز الخط الأحمر بالنسبة إلى إسرائيل، من ناحية كمية الصواريخ الدقيقة التي يحوزها حزب الله، ومن ناحية نوعيتها، فإن قيام الكيان بالمبادرة إلى شنّ حرب سيكون مُبرَّراً، وستستند هذه الحرب إلى "هدف أخلاقي لائق".

في نهاية الأمر تُعتبر قضية تزوُّد حزب الله بصواريخ دقيقة صراعاً ضد عامل الزمن. ويدرك المسؤولون في إسرائيل أنه لا يمكن الحؤول دائماً دون وصول التكنولوجيا اللازمة، لإنتاج مثل هذه الصواريخ إلى أيدي حزب الله، لكن يجب عرقلة تطوير هذا المشروع قدر الإمكان. وفي الصناعات الأمنية الإسرائيلية يؤمنون، بأن هناك حاجة في المستقبل إلى مزيد من الحلول الدفاعية، إلى جانب قدرات هجومية واستخباراتية لكبح القدرات العسكرية لدى حزب الله و"حماس". لكن مثل هذا اليوم ما زال بعيداً، فإلى حدّ كبير كانت عملية "حارس الأسوار" العسكرية التي شنها الجيش الإسرائيلي في أيار الفائت ضد قطاع غزة بمثابة إشارة إنذار. إذ كان هناك فشل في تحديد منظومات إطلاق الصواريخ لدى العدو في زمن القتال، وهو ما عطّل إمكان المساس بها وشلّ قدرتها.

ويمكن القول إن قضية الصواريخ الدقيقة هي التي ستحسم اندلاع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحزب الله في الفترة القريبة المقبلة. ولا بد من القول إن حزب الله نقل في العامين الأخيرين مركز الثقل لمشروع تطوير هذه الصواريخ إلى لبنان، بعد أن ألحقت إسرائيل أضراراً كبيرة به في سورية. وهنا يُطرح السؤال عمّا إذا كان هناك نقطة زمنية يجب على إسرائيل أن تعمل فيها ضد أهداف محددة في لبنان، وبأية طريقة، وهل سيؤدي ذلك إلى حرب في مقابل حزب الله؟ ولا بد من القول هنا إنه خلال الأعوام الأخيرة لم تحدّد المؤسسة السياسية بدقة، ما الذي تطلبه من الجيش في هذا الشأن.

باحثو "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة "تل أبيب"، كتبوا في التقرير الذي قُدّم هذا الأسبوع إلى رئيس الدولة الإسرائيلية "يتسحاق هيرتسوغ"، أن "الحكومة مطالَبة بتحديد شكل وتوقيت معالجة مشروع الصواريخ الدقيقة" لدى حزب الله. والحكومات الإسرائيلية الأخيرة تبنّت موقف الجيش الإسرائيلي الذي كان فحواه أنه يجب التعامل مع مشروع الصواريخ الدقيقة بشكل مغاير كلياً للتعامل مع مشروعات تعاظُم السلاح التقليدي. وهذا يعني أن إسرائيل حددت هذه القضية على نحو كبير بأنها شبيهة بعقيدة منع العدو من امتلاك سلاح نووي.

ويمكن القول إنه من اللحظة التي جعلت إسرائيل فيها هذه القضية بمثابة خط أحمر، لم يعد في مقدورها أن تسمح لحزب الله بأن يكون محصناً حيالها. وهذا يعني أنه لا يجوز عشية أية حرب مقبلة أن تكون بحيازة حزب الله مئات الصواريخ الدقيقة المنتشرة في الأراضي اللبنانية، وأساساً في مواقع تحت الأرض يصعب على الجيش الإسرائيلي اكتشافها في أثناء القتال.

ووفقاً للتقديرات، توجد بحيازة حزب الله الآن عشرات الصواريخ الدقيقة، لكن المسافة بينه وبين مئات الصواريخ الدقيقة ليست بعيدة، وعندها ينتقل حزب الله إلى مرحلة يكون فيها محصناً ولديه قدرة عملانية مثبتة. وهنا بالضبط تكمن المعضلة الإسرائيلية التي يفهم أصحابها أن أية هجمات مباشرة في الأراضي اللبنانية ستؤدي إلى نشوب حرب. أما موقف الجيش في هذه المرحلة فيؤكد أنه على الرغم من تقدّم حزب الله في المشروع، إلاّ إننا لم نصل بعد إلى المرحلة التي تسوّغ الانتقال إلى درجة تنفيذ نشاط أكثر عدوانية.

وكجزء من مكافحة مشروع الصواريخ الدقيقة، نُسب إلى إسرائيل هجوم واحد معروف على الأراضي اللبنانية. وهو الهجوم الذي شُنّ قبل نحو عامين، بواسطة طائرات مسيّرة في الضاحية الجنوبية في بيروت. ووفقاً لوسائل إعلام أجنبية، تم في هذا الهجوم إلحاق ضرر بمركّب تكنولوجي مهم في عملية إنتاج هذه الصواريخ. ويبدو أن المؤسسة الأمنية ستزيد جهودها المبذولة، في قنوات العمليات السرية في الأشهر القريبة المقبلة. لكن ينبغي لنا القول إن المعضلة هنا ستكون كبيرة، لأنه ما من ضمان في أن يكون نموذج العمل هذا الذي تؤكد وسائل إعلام أجنبية أن إسرائيل تستخدمه منذ عدة أعوام في إيران، هو نموذج مناسب في مقابل حزب الله. ف"الجار" لبنان لديه حدود مشتركة معنا، ويبقى احتمال نشوب حرب هناك أكبر بكثير، في وقت يمكن أن يتهمها العالم بأنها هي التي جرّت لبنان إليها على الرغم من أزمته الحادة على المستويات كافة، وبذا لن تحظى حرب كهذه بشرعية دولية. إلى جانب ذلك، وفي حال حدوث تصعيد، سيكون الجيش الإسرائيلي مطالَباً بأن يكون جاهزاً لعمليات تفاجئ حزب الله وتمس بقدراته المتقدمة قبل أن يقوم باستخدام الصواريخ الدقيقة التي بحيازته. 

في كل الأحوال يجب القول إن إسرائيل تقترب أكثر فأكثر، من مفترق الطرق الحرج في كل ما يتعلق بمشروع الصواريخ الدقيقة التي بحيازة حزب الله. ويبدو أنه في إبان ولاية رئيس هيئة الأركان الحالي كوخافي، وربما حتى في السنة القريبة، سيكون هناك مطالبة باتخاذ قرارات بشأن كيفية العمل ضد هذا المشروع.


المصدر: معاريف

الكاتب: طال ليف




روزنامة المحور