الإثنين 16 آب , 2021 03:20

أنفاق حزب الله

انفاق

شكلت شبكة أنفاق المقاومة في لبنان ومازالت، أهم الإشكاليات لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد الدور الإستراتيجي الذي أدته خلال حرب تموز عام 2006، وما يمكن لها أن تؤديه مستقبلاً، في أي حرب أو مواجهة عسكرية مقبلة.

وفي السياق نفسه، تقوم وسائل إعلام الكيان بنشر العديد من المقالات والتقارير، التي تزعم فيها اكتشاف أنفاق للمقاومة. وآخر هذه المقالات ما نشره موقع "نازيف نت"، الذي يدعي بأن المقاومة ستستفيد من مشاريع تطوير البنية التحتية، التي تشرف عليها مصلحة مياه نهر الليطاني. حيث نشرت خريطة تظهر أقسام المشاريع، ومسارها في القرى الجنوبية المختلفة. ما يكشف عن نوايا "إسرائيلية" مستقبلاً، لتنفيذ اعتداءات تطال هذه الأقسام، تحت ذريعة ضرب أنفاق للمقاومة.

النص المترجم:

حزب الله بصفته منظمة "إرهابية" سرية ومعزولة، بحاجة إلى حماية أصوله من كلاً من إسرائيل والسكان اللبنانيين وقوات الأمن. لهذا قام لسنوات عديدة، باستغلال السرية من أجل احتياجاته العملياتية.
كما هي الحال في أي مجال، خضع العالم السري (للحزب) لعمليات تطوير، وأصبح أكثر تعقيدًا على مر السنين.  بالإضافة إلى ذلك، من الممكن الإشارة إلى أنماط مختلفة من العمل، ومستوى التنفيذ في المناطق المختلفة. وكلما ابتعدت عن الحدود، انخفضت السرية.
وبشكل عام، يمكن تصنيف عالم تحت الأرض (التابع للمقاومة) إلى عدة أقسام:

* - نفق تكتيكي للأغراض القتالية - معروف في المحميات الطبيعية.
* - نفق استراتيجي للأغراض القتالية - أنفاق الصواريخ والأسلحة والمقرات.
* -
نفق لأغراض السيطرة والبقاء - مجمع أنفاق للتحكم والتحرك في جميع أنحاء بيروت.

بدأت عمليات حفر أنفاق القتال والبقاء في جنوب لبنان، في وقت مبكر من أوائل القرن الحادي والعشرين. واتصف العمل فيها بالبطء والخطورة، حيث تم استخدام أدوات صغيرة وبصمة منخفضة.

وقد واجه جيش "الدفاع" الإسرائيلي الموضوع أثناء القتال، ولم يكن يمتلك سوى القليل من المعلومات المسبقة حول الظاهرة ونطاقها وموقعها. فقد كانت المجمعات تحت الأرض، صغيرة نسبيًا وتضم عددًا صغيرًا من الغرف ونفق للدخول وللخروج، وأحيانًا في مواقع مختلف ان لناحية الطبيعة الطبوغرافية أو لناحية الارتفاع.

ومع تزايد ارتباط التنظيم بسوريا وإيران، بدأ في تبني ونسخ نموذج تطويري لحماية الأسلحة، عبر الانتقال نحو الأنفاق المحفورة بالأحجام الكبيرة، والاستعانة بالأدوات المخصصة للحفر وفق ما يطلب من أحجام وأطوال للأنفاق. كما أن هناك وظيفة وهيكل أخر خصص وفقًا لذلك، ليتيح إطلاق وتخزين الأسلحة والصمود في وجه الضربة الجوية. إن البقاء في النفق له مزايا في مجال البقاء، ولكنيه يمتلك أيضاً عيوب، في مجال المرونة التشغيلية والضعف والتعرص للمخاطر المختلفة.

وفي الوسط السكاني، من المحتمل أن (المقاومة) قامت بإنشاء شبكة واسعة من الأنفاق، على غرار مترو غزة. فمنذ إقامة نصر الله وطاقمه تحت الأرض في مخبأ قيادة محمي ونشط، يجب الافتراض أن الشبكة تسمح بالحركة والمرور من ملجأ إلى ملجأ، والخروج في أجزاء مختلفة من المدينة وبالطبع حركة الأسلحة للعمل أسلحة في المدينة.

ويعد حفر الأنفاق حدثًا مهمًا للمنظمة وللدولة. فقد تطلب حفر نفق، حتى نفق ضيق جداً - مثل أنفاق التنظيم العابرة للحدود، والتي تم إحباطها في عملية الدرع الشمالي - ميزانية كبيرة جداً، إضافة للكثير من الوقت واستثمار القوى العاملة.

وكلما كان المشروع أكثر سرية وانعزالا، قل عدد الأشخاص المشاركين فيه، وكانت وتيرته أبطأ. فبعض المشاريع تتطلب موضوعاً للتغطية، يتيح تبرير الأنشطة العديدة للأليات والشاحنات، وهذا الأمر مطلوب في الغالب، في وسط مدني أو ريفي مأهول.
وفي المنطقة المكشوفة، يكاد لا توجد قدرة على إخفاء مشروع نفق، بسبب التغيرات الظاهرة والواضحة للمنطقة، حتى لو بذل المرء مجهودًا كبيرًا لإخفائها. فما يمكن القيام به في المدينة، من عمليات إخفاء لنشاط الحفر عبر إزالة المواد بطريقة ما أو بأخرى، لا يمكن إيجاد طريقة إخفاء مثلها في المنطقة المفتوحة، حيث تظهر كل التغيرات والتعديلات الجغرافية، في تغطية القمر الصناعي أو عبر الصور الاستطلاعية. فبالاعتماد على ملاحظة كميات المواد الأولية الهائلة، يمكن للمرء أن يتعلم عن نطاق المشروع وهيكله.

 

ومن ناحية أخرى، فإنه من غير المنطقي أو المعقول، الاستثمار في مشروع نفق طويل وواسع، لأغراض المرور فقط أو لربط مناطق السيطرة. كما من الممكن أيضًا، استخدام الأنفاق المدنية في المنطقة أو مجموعة الأنفاق الموجودة، لتحسين القدرة على البقاء والانتقال من مكان إلى آخر.
لذلك يجب تخطيط مسار النفق بعناية، وفقًا لتضاريس الأرض وهيكلها. وهذا الأمر يتطلب عملاً هندسيًا معقدًا، وكميات هائلة من المعدات واللوجستيات التي لا يمكن إخفاؤها.

أفترض أن بعض المعلومات الواردة من الفضاء، حول نشاط حفر الأنفاق تستند إلى مشروع البنية التحتية في "مصلحة مياه الليطاني". وهو مشروع يتضمن العديد من أقسام الأنفاق، التي يمكن بالتأكيد استخدامها من قبل المنظمة، ولكنها لا تتقاطع مع مناطق وأنفاق المنظمة.


المصدر: Naziv Net

الكاتب: المحلل العسكري




روزنامة المحور