الخميس 30 أيلول , 2021 03:07

"من المتوسط إلى ما بعد خليج عدن" تحت مرمى نيران الجيش اليمني!

خلال أكثر من 7 سنوات على الحرب التي فرضها التحالف بقيادة السعودية، كشف الجيش اليمني عن امتلاكه قدرات عسكرية لم تكن تتوقعها أيّ من الدول الراعية لهذه الحرب خاصة واشنطن. من الصواريخ التي وصلت إلى العمق الاستراتيجي الداخلي للرياض واستهدفت أكبر المنشآت الحيوية فيها خاصة النفطية، إلى الطائرات المسيّرة التي تجاوزت خطوط الاشتباك، وصولاً للقوة البحرية التي غيّرت مجرى الحرب بعد استهدافها عدداً من المدمرات والسفن الأميركية والسعودية.

كانت مخازن الأسلحة والقوة العسكرية للجيش اليمني بكافة فروعها وأشكالها، من أولى الأهداف التي استهدفتها آلة الحرب السعودية مسنودة بطائرات التحالف. لذلك كان من الضروري إعادة بناء وتطوير القوة الصاروخية والدفاع الجوي إضافة للقوات البحرية. وهذا ما نجح الجيش به فعلياً خلال فترة زمنية قصيرة وبشكل مثير للاهتمام. في ظل معركة غير متكافئة مع دول التحالف لما يمتلكونه من أسلحة متطورة وحديثة وامكانيات مالية وحرية التحالفات واستقدام الدعم الدولي والبشري والعسكري وغيره...

في حديث خاص لموقع الخنادق كشف الخبير العسكري والاستراتيجي وعضو مجلس الشورى اللواء الركن طيار عبدالله الجفري عن القدرات الصاروخية والجوية والبحرية التي يمتلكها الجيش اليمني.

 القوة الصاروخية

أحدثت القوة الصاروخية وأنظمة الدفاع الجوي فارقاً لا يمكنه تجاوزه أو التعامل معه كأحداث عرضيّة، فقد قامت بإحراج قوى التحالف غير مرة واضطرتهم لعقد عدد من الاتفاقيات مع حكومة صنعاء بعدما كانوا لا ينظرون إليها كتهديد جدي يسهل القضاء عليه. وكان من البارز تصريح الرئيس الشهيد صالح الصماد "ان عام 2018 سيكون عاماً باليستياً بامتياز".

فقد "استطاعوا في هيئة التصنيع العسكري في صنعاء -وهم كوادر يمنية خالصة- تصنيع وتطوير وتحديث القوة الصاروخية لان من المعروف ان الأسلحة الاستراتيجية تستخدم للدفاع عن سيادة البلاد وهي الأسلحة التي تتجاوز الحدود الجغرافية في قواعد الاشتباك وهي التي تغيّر سير المعركة ومعادلاتها العسكرية على الأرض، وبالتالي استطاعوا تصنيع الصواريخ وتطوير تلك المتراكمة التي كانت موجودة في جنوب البلاد خلال حقبة الاتحاد السوفياتي منها صواريخ بيتشورا وفولغا وكابترات وتوشكا والسكود".

حجم القوة الصاروخية وصلت إلى مرحلة استراتيجية توازن الردع، وقد نُفذت خلالها 7 عمليات استطاعت أن تصل إلى العمق الاستراتيجي الداخلي للسعودية وتم استهداف أهداف اقتصادية (حقل خريز وبقيق والشيبة) وضرب أنابيب النفط في العفيف والدوادمي، وأرامكو في جدة.

وكان من اللافت أن الرياض رغم امتلاكها قدرة التغطية الجوية والطائرات الاستطلاعية-القتالية المتطورة لم تستطع اكتشاف هذه الصواريخ والطائرات المسيرة أو اسقاطها، ما يؤكد ان هذه الأسلحة قد تجاوزت في قدراتها التقنية والعسكرية أسلحة دول التحالف، وهذا ما غيّر المعادلة حتى أصبحت تبحث عن صواريخ مضادة للدفاع الجوي رغم ما يمتلكونه من منظومات الباتريوت والقبة الحديدية كذلك صواريخ الباكتري والثاد.

وقد أكد اللواء الجفري للخنادق أن "ما يتملكه الجيش يمكّنه من الاستمرار في الحرب إلى ما لا نهاية. هذه الضربات باستطاعتها أن تصل إلى الرياض وإلى ما بعد الرياض".

أما عن أنواع صواريخ أرض-أرض ومنها الصواريخ البالستية فما أثبتته العمليات الأخيرة أن الجيش اليمني يمتلك ترسانة صاروخية متطورة وبعدد كبير، منها:

صواريخ بركان وذو الفقار وبدر وبدر ب1 (تصل سرعته إلى 4 أو 5 من 10ماخ)، قاسم وقدس 2 المجنح. هذه الصواريخ منها ما يعمل بالوقود السائل ومنها بالوقود الصلب، وما يميّز هذه الصواريخ هو صغر حجمها وسرعتها الكبيرة، إضافة لدقة اصابتها وما تحمله من رؤوس شديدة الانفجار.

أما بالنسبة لصواريخ أرض-جو ويقصد بها صواريخ الدفاع الجوي، وهي التي تستخدم لضرب الطائرات والتصدي للصواريخ واسقاطها، هناك 4 منظومات وهي منظومة ثاقب1 وثاقب 2 وثاقب 3 وفاطر 1.

ثاقب 1: سرعة هذا الصاروخ تصل إلى 5 من 10 ماخ، (1ماخ يصل إلى 1200 كلم في الساعة) والمدى 9 كلم وتعمل بالتوجيه الحراري.

ثاقب2: سرعتها 2 و5 من 10 ماخ ويصل مداها إلى 15 كلم وارتفاعها 8 كلم.

ثاقب 3: يصل مداها إلى 20 كلم ولا تزال قيد التطوير.

فاطر1: وهي منظومة يصل مداها إلى22 كلم وسرعتها 2 و8 من 10 ماخ. وتعمل التوجيه الحراري وبالتالي بإمكانها أن تلحق بالطائرات الحديثة والمتطورة الفانتوم والميراج والتيفون والترنيدو وكذلك الـ اف 16.

بلغ عدد الصواريخ التي أطلقها الجيش في النصف الأخير من عام 2015 حوالي 13 صاروخاً، بينما وصلت إلى 64 صاروخاً خلال 15 شهراً، وإلى 83 صاروخاً خلال 8 أشهر، ثم قفز الرقم بشكل ملحوظ ليتجاوز 160 صاروخاً خلال شهر واحد عام 2018، حيث قُدر عدد المقذوفات التي أُطلقت على الرياض وعسير وينبع وجدة وتلك التي استهدفت المطارات وشركة أرامكو والموانئ بحوالي 66362 مقذوفاً.

هذا التصاعد في عدد الصواريخ التي استهدفت العمق السعودي يشير بشكل فعلي إلى المسار المرتفع في معدل الإنتاج الصاروخي وتطوير القوة العسكرية للجيش.

وقد كشفت هجمات الصواريخ الباليستية التي لم تتوقف إلى اليوم عن عدة أمور:

-عجز وفشل الحصار الجوي والبري المفروض على البلاد عن شل وعرقلة إتمام عملية التصنيع العسكري واستيراد المعدات اللازمة لذلك. رغم المراقبة الاستخباراتية والأمنية المشددة والرصد الجوي والبحري لكافة الأراضي اليمنية والمضائق والممرات البحرية.

-إخفاق قوى التحالف بالكشف عن أماكن التصنيع العسكري وفشل الغارات بالوصول إلى أهداف استراتيجية من شأنها التأثير على هيئة التصنيع.

-التحول النوعي والكمي والكيفي في إطلاق الصواريخ واتمام الهجمات الصاروخية.

-الكشف عن ثغرات أنظمة الدفاع الجوي ومنظومات الباتريوت وإثارة الشكوك حول فاعلية وكفاءة هذه المنظومات التي لم تستطع تحصين العمق الاستراتيجي للرياض.

الطائرات المسيّرة

سُمي العام الخامس للحرب "عام سلاح الجو المسير". وقد دخل هذا السلاح الخدمة في شهر شباط 2017 بعد تدمير كافة القدرات العسكرية لسلاح الجو، عندها تم إيجاد البدائل، وهو يعتبر اليوم ضمن المعركة الالكترونية وهو سلاح رخيص ومتواضع (كلفة الطائرة المسيرة الواحدة نحو 4 الاف دولار فقط) لكنه أثبت فعاليته وحقق الكثير من الإنجازات واستطاع أن يحقق ما لم تحققه الطائرات باهظة الثمن والكبيرة.

وتنقسم أنواع الطائرات المسيرة إلى: استطلاعية وانتحارية ومقاتلة.

"استطاعت هذه الطائرات بدخولها إلى أرض المعركة جلب المعلومات الاستخباراتية الدقيقة واسقاط الاحداثيات في المنطقة الشمالية الجنوبية مع المملكة، وهي مناطق ذات تضاريس وطبيعة جغرافية وعرة، حيث كشفت مواقع قوات التحالف والمرتزقة وغرفة عملياتهم وتجمعاتهم وبالتالي تم استهدافهم".

تبلغ مديات هذه الطائرات من 15 إلى 35 كلم (هدهد ،راصد ورقيب)، بينما يصل مدى طائرات قاصف وقاصف1 إلى 150 كلم. في حين يصل مدى طائرات صماد بأجيالها الـ4 إلى 1700 كلم، وذلك يعني أنها تصل إلى مناطق ما بعد العاصمة السعودية الرياض. وفي خصائص هذه الطائرات انها انتحارية، تنفجر بشكل بيضاوي، من على ارتفاع 20 متر وبمساحة تقدر بـ80 متر، وتستخدم لضرب التجمعات والأفراد والمواقع العسكرية الأخرى.

أما التطور النوعي لهذا السلاح كان بوضع المسافات التي تبعد 2500 كلم ضمن دائرة النيران والاستهداف من خلال طائرة وعيد، "وهذا يعني بالحسابات الاستراتيجية والعسكرية، ان بإمكانها الوصول إلى البحر المتوسط والدول المطلة عليه وبالتحديد كيان الاحتلال في فلسطين". كما يمكن لهذا النوع من الطائرات حمل 4 صواريخ وكذلك استهداف مفاعل ديمونا النووي في عمق الكيان.

نفذت هذه الطائرات عدداً من العمليات التي تسببت بشلل كامل لمطارات داخل الأراضي السعودية في نجران وجيزان وعسير وضرب قاعدة الملك خالد في خميس مشيط، كما أسهمت في تيسير تقدم الجيش واللجان في معركة مأرب بعدما أخرجت تلك المطارات عن جهوزيتها.  

القدرات البحرية

هناك عدة عمليات قامت بها القوات البحرية التابعة للجيش يضيف اللواء الجفري استهدفت خلالها أهدافاً موجعة، منها ما أعلن عنه رسمياً ومنه ما بقي طي الكتمان إلى الآن، منها: السفينة الإماراتية سويفيت والفرقاطة الأميركية Mason USS وكذلك عملية استهداف إنزال بحري يتبع للقوات السعودية وكاسحات ألغام تابعة للتحالف وغيرها من العمليات التي نفذت في ميناء جيزان والفرقاطة السعودية "المدينة" وغيرها.

وقد نفذت بعدة ألغام وزوارق (منها من يعمل بنظام التوجيه الحراري ومنها بالتحكم عن بعد) وكانت بمثابة رسالة تلقفتها دول التحالف بحيث هدأت تحركات القطع البحرية قبالة السواحل اليمنية.

أما بالنسبة للألغام البحرية فقد تم تصنيع أعداد كبيرة جداً، من ضمنها مرصاد1 ومرصاد2، وكرار ومجاهد وثاقب وكرار بأجياله 2و3 وعاصف بأجياله 2،3،4 وشواط والنازعات.

القدرات البحرية اليمنية يقول اللواء الجفري "قد وصلت إلى مستوى عال ومتطور كما أكد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي لدينا من القدرات الصاروخية البحرية التي بإمكانها أن تصل إلى مضيق باب المندب وإلى ما بعد باب المندب وعندما نتحدث عن هذه المنطقة تبعا لما هو حاصل في هذه الحرب وحسب التحليل الاستراتيجي والبعد التاريخي والأهداف الاقتصادية هو السيطرة على الممرات الملاحية والمائية والمنافذ البحرية وبالتالي الجيش ان يمتلك مثل هذه الأسلحة".

مثّلت تجربة الجيش اليمني في إعادة تطوير وبناء قدراته بهذا الشكل، وتحت الحصار الجوي والبري والاستخباراتي العسكري من خماسية الاحتلال (الأميركي-الإسرائيلي-البريطاني-السعودي-الاماراتي) نموذجاً يُحتذى به، ورسالةً شديدة اللهجة وفي بريد معجّل جعلهم "يتوسلون لإنهاء الحرب في اللقاءات الداخلية" كما أكد السيد عبد الملك الحوثي ونائب القائد لعام لحرس الثورة علي فدوي. خاصة بعد ان أصبحت كل المنطقة في الخليج وما يتعداها مكشوفة وتحت نظر ومرمى نيران الجيش اليمني.


مرفقات


الكاتب: مريم السبلاني




روزنامة المحور