الأربعاء 02 آذار , 2022 04:23

اندلاع العملية العسكرية الروسية: الناتو هو السبب الرئيسي

روسيا والناتو

من أهم أسباب بدء روسيا لعمليتها العسكرية في أوكرانيا، محاولات الولايات المتحدة الامريكية إحكام الطوق أكثر فأكثر على موسكو، وتهديد أمنها القومي، تحت غطاء ضم حلف شمال الأطلسي-الناتو لأوكرانيا. بعدما فشلوا في ذلك من خلال الساحة الكازاخستانية (المجاورة لروسيا)، حينما أشعلوا فيها ثورة ملونة، كادت تحول البلاد الى بؤرة للفوضى وأعمال العنف، فاستطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحنكته وسرعة قراره في تحويل التهديد الى فرصة، خلال ساعات قليلة.

ولم يأتي هذا التحرك العسكري الروسي، الذي فاجأ العالم بأسره، إلا بعد إقدام السلطات الأوكرانية بتحريض واضح من أمريكا وحلفائها الغربيين، على اتخاذ عدة إجراءات استفزازية لروسيا، لا تبدأ من عند السعي لامتلاك القنبلة النووية القذرة، ولا تنتهي عند السعي للانضمام الى حلف الناتو.

فما هي أسباب الرفض الروسي لتوسع حلف الناتو الى أوكرانيا؟

_ خرق الناتو للعديد من بنود اتفاقية أيار من العام 1997، التي هدفت الى تعزيز التعاون والتنسيق ما بين روسيا والحلف، بعد اتفاق رؤساء الدولتين على ذلك (الروسي بوريس يلتسين والأمريكي بيل كلينتون)، خلال القمة التي جمعتهما في العاصمة الفنلندية هلسنكي، في شهر آذار من ذلك العام.

1) احترام سيادة الدول واستقلالها وسلامتها الإقليمية وتسوية النزاعات سلمياً: بحيث تستمر المحاولات الامريكية للسيطرة على أوكرانيا، من خلال الاتيان بقيادة سياسية تابعة لها ومعادية لروسيا، عبر إثارة الثورات الملونة وتقديم الدعم للمحتجين، فكانت الأولى في العام 2004 (سميت حينها بالثورة البرتقالية)، والثانية في العام 2014 (سميت بالميدان الأوروبي). وهذا ما يمس باحترام سيادة الدول واستقلالها عبر التدخل في أوكرانيا، وتهديد السلامة الإقليمية والأمن القومي لروسيا، من خلال نشرأسلحة هجومية بالقرب من حدودها، لا تحتاج سوى لدقائق معدودة حتى تصل اليها. أما تسوية النزاعات سلمياً، فقد حاولت روسيا ذلك مراراً من خلال مشاركتها في اللقاءات الثنائية بين قيادة البلدين وباقي المستويات، حينما كانت تصر على أن يقدم الأمريكيين الضمانات الأمنية لها. ومنها ما حصل في منتصف العام 2021، عندما دخلت في حوار مع إدارة الرئيس جوزيف بايدن، تخلله لقاء مباشر وآخر افتراضي، ما بين الرئيسين بوتين وبايدن. ولكن بعد حوالي نصف عام من عملية المفاوضات، أظهرت واشنطن أنها تريد من المحادثات تجميل العلاقات ما بين البلدين، دون حل المشكلات الأساسية (تهديدات الناتو لروسيا).

2) إلغاء الناتو للمجلس المشترك الدائم بين الناتو وروسيا في العام 2014، والذي كان ينسق بشكل دوري بين الطرفين حول الشؤون العسكرية المشتركة.

3) خرق الناتو لما يعدّ جزءاً أساسياً من سياسته الدفاعية الاستراتيجية، بما في ذلك بيان كانون الأول/ديسمبر 1996، الذي أورد فيه بأنه ليس لديه النية ولا الخطة ولا السبب، لنشر أسلحة نووية على أراضي أعضاء جدد، بما في ذلك مواقع تخزين الأسلحة النووية، وهذا كان جزءاً مهماً من الضمانات التي طلبتها موسكو أيضاً.

4) عدم إعطاء ضمانات موثقة (لأن واشنطن باتت مشهورة بانتهاك المواثيق والاتفاقيات)، لمنع المزيد من التوسع نحو الشرق لحلف الناتو. ولإعادة القدرات العسكرية والبنية التحتية للحلف في أوروبا إلى الوضع الذي كان عليه في العام 1997، عندما تمَّ التوقيع على القانون التأسيسي للعلاقة المشتركة.

_ محاولات روسيا المتكررة لإرساء إطار مشترك يضمن أمن أوروبا، وقد حاولت مراراً لذلك حتى من خلال الانضمام الى الناتو:

1) في العام 1954 حينما اقترح الاتحاد السوفياتي قبوله في الحلف، مما يدل على أن الناتو ليس لديه نوايا عدوانية مناهضة له. وسرعان ما رفض الغرب هذا الاقتراح، متهماً الاتحاد بالقيام بألعاب دعائية وبذل جهود لزعزعة وحدة الحلفاء.

2) اقتراح الرئيس بوتين على نظيره الأمريكي كلينتون، انضمام روسيا للحلف في العام 2000، وهذا ما قوبل يومها بتجاهل ومماطلة.

_ معرفة روسيا أن الحلف بعلة تأسيسه كان لمحاربتها (عندما كانت في عز قوتها كاتحاد سوفياتي)، ولاحقاً لمنعها من العودة الى قوتها السابقة.

_ عدم ثقة روسيا بالغرب، ففي الذاكرة التاريخية الروسية، كانت هناك 5 غزوات كبرى شنها الغرب لتدمير روسيا:

1) الاحتلال البولندي للكرملين في أوائل القرن السابع عشر.

2) الهجوم السويدي في أوائل القرن الثامن عشر.

3) غزو نابليون في العام 1812.

4) الحرب العالمية الأولى مع ألمانيا.

5) الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا.

وفي كل الحروب كان وجود الدولة الروسية في حد ذاته مهددًا. وبهذه الطريقة، نشأ الشك والخوف من الغرب في العقلية الروسية، حتى قبل الثورة البلشفية عام 1917.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور