في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، ومع اقتراب انتهاء القيود الأممية المفروضة على البرنامج النووي الإيراني، نشر موقع "ذا ناشيونال انترست" مقالاً ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني؛ حيث يحذر من أن الوقت بات ضيقاً أمام واشنطن وحلفائها الأوروبيين لإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران قبل يوم الانتهاء في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2025، حين تُغلق قضية برنامج إيران النووي رسمياً في مجلس الأمن ما لم يُتخذ "إجراء حاسم".
يستعرض المقال الآلية المتاحة لاستعادة العقوبات عبر ما يُعرف بـ "العودة التلقائية" أو "آلية الزناد"، ويناقش ما هي العقبات التي تقف حائلاً دون تفعيلها. ويشير إلى أن مسؤولية التفعيل تقع اليوم على عاتق بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018. كما يتناول التحديات البيروقراطية والسياسية التي قد تعرقل هذا المسار، خصوصاً في ظل الدور الروسي المتوقع في رئاسة مجلس الأمن، ومحاولات طهران وموسكو تقويض أي جهود غربية.
ويطالب الكاتب الولايات المتحدة وأوروبا ببدء بناء تحالف بديل فوري لتنفيذ العقوبات خارج إطار الأمم المتحدة، وتوفير الدعم الفني والمالي لمراقب إيران. خوفاً من أن يغلق ملف العقوبات وتفقد الدول سيطرتها عليه نظراً لما تحققه إيران من تطور وتقدم في مجال صناعة الأسلحة والطائرات المسيرة وهذا ما شهدناه في الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي وما حققه من دمار في مدن كيان الاحتلال.
النص المترجم:
من دون تحرّك عاجل، قد تفقد الولايات المتحدة وأوروبا قريباً القدرة على فرض عقوبات فعّالة على البرنامج النووي الإيراني.
لقد "أسدت إسرائيل والولايات المتحدة خدمة هائلة" لأوروبا والعالم المتحضر من خلال ضرب إيران. فصواريخ إيران وطائراتها المسيّرة ساهمت بالفعل في "قتل مدنيين أوروبيين"، نجح برنامجها النووي، فإن عواصم أوروبية ستكون مهددة أيضاً. صحيح أن الولايات المتحدة لم تتوقع مشاركة أوروبا في الضربات، لكنها اليوم تُطالبها بتحمّل مسؤوليتها في تنفيذ العقوبات وبسرعة.
في الولاية الأولى للرئيس ترامب، أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران بشكل أحادي، لكن اليوم، تقع المسؤولية الأساسية على عاتق أوروبا لاستعادة والحفاظ على العقوبات الدولية الحيوية المتعلقة بالتسلّح والملف النووي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. فقيود الاتفاق النووي القديم توشك على الانتهاء. وأهم ما يُعرف بـ "بنود الغروب" سيحلّ في 18 أكتوبر 2025، وهو ما يُسمّى في الاتفاق نفسه بـ "يوم الإنهاء" وإذا مرّ ذلك اليوم من دون تحرك غربي، فإن إمكانية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران بما في ذلك حظر الأسلحة، الصواريخ، والأنشطة النووية ستنتهي بشكل دائم، وسيُغلق مجلس الأمن رسمياً الملف النووي الإيراني. وهذا السيناريو لا يمكن السماح بحدوثه.
ويؤدي قرار طهران الأخير بوقف التعاون مع الوكالة إلى زيادة الحاجة إلى استمرار "فرض عقوبات دولية صارمة".
يتضمّن الاتفاق النووي مع إيران آلية تُعرف باسم "العودة التلقائية للعقوبات"، والتي تتيح للدول المشاركة في الاتفاق الأصلي إعادة فرض جميع العقوبات على إيران بشكل دائم ومنفرد، بحيث تعود إلى صيغتها الأصلية والأكثر صرامة كما كانت قبل توقيع الاتفاق عام 2015.
وبما أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في عام 2018، فقد حمّلت إدارة ترامب المسؤولية في تفعيل آلية العودة التلقائية إلى باقي الدول الغربية الموقعة على الاتفاق النووي أي: بريطانيا، فرنسا، وألمانيا. لكن هذه الدول اختارت عدم تفعيل الآلية.
ومن المقرر أن تنتهي صلاحية آلية "العودة التلقائية" مع انتهاء جميع العقوبات الأممية في 18 تشرين الأول/أكتوبر، لكن الوقت المتاح أمام الغرب أقصر من ذلك بكثير.
فبمجرّد تفعيل آلية "سناب باك"، تستغرق العقوبات رسمياً 30 يوماً لتعود إلى حيّز التنفيذ وهي مهلة يمكن أن تطول أكثر بسبب الإجراءات البيروقراطية والنقاشات داخل مجلس الأمن. وهذا يعني أن المهلة الفعلية لتفعيل الآلية تنتهي تقريباً بحلول 10 أيلول/سبتمبر.
تواجه آلية "العودة التلقائية للعقوبات" خطراً إضافياً داخل مجلس الأمن، نتيجة لرئاسة المجلس الدورية التي تتحكم في المسار البيروقراطي.
فكل شهر، تتولّى دولة عضو في المجلس الرئاسة وتُشرف على سلسلة من الإجراءات التنظيمية، بما في ذلك تلك الضرورية لتنفيذ آلية "السناب باك" بنجاح.
ومن المقرر أن تتولى روسيا رئاسة مجلس الأمن في شهر أكتوبر، وستكون بالتأكيد حريصة على عرقلة أو تقويض عملية إعادة فرض العقوبات إذا تم إطلاقها في شهر أيلول/سبتمبر.
وفي الوقت نفسه، تتولى باكستان رئاسة المجلس خلال تموز/يوليو، وقد "تُقنَع" أيضاً بخدمة مصالح طهران أو موسكو. وحتى لو نجحت أوروبا في تجاوز جليد مجلس الأمن، فإن التحدي الأصعب سيأتي لاحقاً، أي بعد فرض العودة التلقائية واستعادة العقوبات الأممية. فالنظام القديم للعقوبات الأممية ما قبل عام 2015، كان يعتمد على لجنة من ثمانية خبراء تُعنى بوضع وتحديث ومتابعة آليات تنفيذ العقوبات المفروضة على إيران. لكن تمويل هذه اللجنة وتفويض عملها كانا يتطلبان تجديداً سنوياً ضمن إطار عمل الأمم المتحدة.
أحدثت روسيا ضجّة العام الماضي حين استخدمت حق النقض (الفيتو) لمنع تمديد ولاية لجنة الخبراء المصممة بشكل مشابه والتي كانت تراقب العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.
ومن شبه المؤكد أن موسكو ستلجأ إلى الفيتو مجدداً لعرقلة إعادة تفعيل العقوبات على إيران بشكل عملي، ولن يكون بوسع الغرب فعل الكثير لمنع هذا السيناريو.
ولهذا، يجب على الولايات المتحدة وأوروبا أن تبدأ التحضير لهذا الاحتمال من الآن. وبدلاً من الاعتماد على الأمم المتحدة في تنفيذ آليات العقوبات، ينبغي على الغرب البدء فوراً بتشكيل تحالف متعدد الجنسيات من الدول المتفقة في الرؤية والراغبة في تنفيذ ما لن تتمكن الأمم المتحدة من تنفيذه.
تطبيق العقوبات يتطلب تمويل فرق كبيرة من الخبراء الفنيين، ولذلك سيكون من الحكمة أن تخفّف الولايات المتحدة العبء المالي الذي قد يترتب على توظيف هؤلاء. يجب على الكونغرس والإدارة الأميركية أن يعملا على تطوير وتمويل برنامج دعم فني للعقوبات، يهدف إلى مساعدة الدول الشريكة في رصد وتعطيل جميع محاولات إيران "للتحايل" على العقوبات.
وبينما تعمل الولايات المتحدة على تعزيز القدرات العسكرية لشركائها، ينبغي على واشنطن أن تتولى قيادة الجهود الرامية إلى:
تدريب ضباط العقوبات والامتثال في الدول الأجنبية.
تطوير آليات تبادل المعلومات الاستخباراتية.
ودعم أي جهود تقوم بها الأمم المتحدة لتوسيع نطاق تنفيذ العقوبات المجددة على إيران.
المصدر: The National Interest
الكاتب: Gabriel Noronha