الجمعة 11 آذار , 2022 04:08

كيف تزعزع العملية العسكرية الروسية اقتصاد واشنطن؟

الرئيس الامريكي جو بايدن

لطالما حرّضت الولايات المتحدة على افتعال وتشديد الخلافات بين موسكو وكييف ودفعت بالأمور – عبر تحريض أوكرانيا الى الانضمام الى حلف "الناتو" متجاوزة الاتفاقيات – الى الوصول  نحو أفق مسدود سياسياً، ما اضطر روسيا - أمام تهديد أمنها القومي – الى الدخول في عملية عسكرية خاصة، ما ارتدّ على واشنطن بالتداعيات السلبية على مختلف المستويات.

أولاً: عدم استقرار الوضع الاقتصادي  

_ ارتفاع أسعار الطاقة والنفط: ارتفعت أسعار البنزين والمشتقات النفطية في أمريكا تأثرًا بارتفاع أسعار الطاقة العالمية، كما شهدت واشنطن تضخم أسعار السلع الغذائية، الأمر الذي أدى الى زيادة المخاوف لدى الشعب الأمريكي الذي لا يزال يعاني من تداعيات أزمة كورونا. فقد ترتفع تكاليف الطاقة لدى الأسر بمقدار 750 دولارًا في متوسط هذا العام مقارنة بالعام الماضي، مما يترك لهم أموالًا أقل للإنفاق على السلع والخدمات الأخرى.

_ قيود السفر وارتفاع تكاليفه جوًّا: قال أندرو جروس المتحدث باسم الاتحاد إن وقود الطائرات هو أحد أكبر نفقات شركات الطيران، وبالتالي فإن استمرار ارتفاع تكاليف الوقود ينعكس على الأسعار.

_ تقلبات سوق الأسهم: انخفض مؤشر "داو جونز" الصناعي إلى أكثر من 7 في المائة، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز إلى أكثر من 9 في المائة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 13 في المائة تقريبًا منذ بداية عام 2022.

_ رفع أسعار الفائدة الفيدرالية بشكل أسرع: يمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والاختناقات الأعمق في سلسلة التوريد إلى الضغط على التضخم وإجبار الاحتياطي الفيدرالي على تسريع سلسلة زيادات أسعار الفائدة المعلقة.

ثانياً، تراجع الهيمنة الأمريكية:

بمجرد اتخاذ روسيا قرار بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، على الرغم من التحذيرات الأمريكية، فهذا خير دليل على ضعف القوة الأمريكية في قيادة العالم. يمكن لنجاح العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أن تؤدي الى انحسار الهيمنة الأمريكية وقيام نظام عالمي جديد.

ثالثاً، فقدان أمريكا ثقة "حلفائها":

تخلّي المعسكر الغربي – الأمريكي عن أوكرانيا أربك "حلفاء" واشنطن، فالدول العربية وقفت محايدة أمام هذه الأزمة خوفًا على مصالحها بالدرجة الأولى، ولأن سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان العام الماضي قابل للتكرار في أي منطقة من مناطق الشرق الأوسط بالدرجة الثانية. لذلك أدركت الدول العربية – وخاصة الخليجية - ضرورة عدم دخولها بصراع سياسي مع روسيا.

رابعا، فرصة لتوطيد العلاقات الايرانية الصينية الروسية:

الصين:  الصين مستفيدة نسبياً من الأزمة، حيث أن انشغال الولايات المتحدة بالحرب الأوكرانية تقلل مساعيها لاحتواء الصين، ويطلق يد الأخيرة في التعامل مع تايوان، وتعزيز نفوذها في آسيا والمحيط الهادئ. كما أن الحصار الغربي على روسيا سيقوي قوة التحالف بين روسيا والصين وقد  تيسر روسيا شروط أي صفقات بين الجانبين في مجال الطاقة والتسليح وغيرها.

إيران: في حال استمرار العقوبات الأمريكية على روسيا لفترة طويلة، من المتوقع أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين إيران وروسيا من 4 مليارات دولار في 2021، إلى 8 أو 10 مليارات دولار في 2025، وبما يعني ارتفاعاً بنسبة 100 حتى 150 بالمئة، في أربعة أو خمسة أعوام. وسيعمل انضمام إيران إلى الاتحاد الأورو-آسيوي، ومشاريع انفتاح طهران على النظام البنكي الروسي، على تشجيع هذا التوسع في التبادل الاقتصادي بين الجانبين. ويمكن القول إن روسيا تحت الحصار؛ سوف تُمثِّل فرصة للاقتصاد الإيراني، كما كانت إيران تحت العقوبات تمثّل فرصة للاقتصاد الروسي.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور