الجمعة 13 كانون الثاني , 2023 12:08

آرييه درعي: حاخام مغربي يشغل 3 مناصب في حكومة نتنياهو

يشغل آرييه درعي اليوم 3 مناصب في حكومة نتنياهو: نائب رئيس حكومة الاحتلال ووزير المالية ووزير الصحة. ولد أرييه درعي في العام 1959، في مدينة مكناس المغربية. وعند بلوغه سن التاسعة من عمره، قررت عائلته الاستقرار في الكيان المؤقت، والتحق بالمعهد الديني لإتمام دراسته. في العام 1973، بدأ الدراسة في بورات يوسف وهي مدرسة دينية سفاردية كبرى. وكان قد تزوج من يافا كوهين في العام 1981 وأنجب منها 9 أطفال ويعيش حاليًا في القدس.

التحق درعي بالخدمة العسكرية لمدة 3 أشهر في صفوف الجيش الاسرائيلي عام 1986، ليعيّن بعدها مديرًا عامًا لوزارة الداخلية حيث كان يبلغ 27 عامًا فقط.

المسيرة المهنية والسياسية

ظهر آرييه درعي على الساحة السياسية العامة لأول مرّة، حينما تولى منصب مدير عام وزارة الداخلية، في العام 1986، حيث كان يبلغ 27 عامًا. وفي نهاية العام 1988، تولى حقيبة الداخلية، ليصبح أصغر وزير في تاريخ البلاد.

وفي تلك المرحلة، كانت بداية قيادته الفعلية لحركة "شاس" سياسيًا. وجاء تأسيس الحركة، بهدف الخروج من مظلة أحزاب الحريديم لليهود الأشكناز الغربيين. وقد حصل درعي على القوة السياسية في الحزب نتيجة لقربه الخاص من الزعيم الروحي للحركة عوفاديا يوسف.

وبقي درعي في منصبه وزيرًا للداخلية حتى العام 1992. واستطاع جعل حركته ذات وزن، ففي انتخابات 1992 قفزت "شاس" من 4 مقاعد إلى 6 مقاعد، وفي انتخابات 1996 حصلت الحركة بقيادته على 10 مقاعد. أما في انتخابات 1999، فقد حصل على 17 مقعد. لكن المسيرة لم يكن طريقها يسيرًا، فقد واجه آرييه درعي مشاكل خطيرة في الجرائم الضريبية التي دفعته للاستقالة من عضوية الكنيست فور ظهور النتائج، بعد أن استكملت الشرطة التحقيقات معه، في واحدة من أكبر قضايا الفساد، وقضى درعي في السجن لأكثر من عامين (2000-2002). وكان عليه البقاء خارج الحلبة السياسية لمدة عشر سنوات، من يوم صدور الحكم، بموجب القانون القائم.

بعد انتهاء السنوات العشر في العام 2012، بدأ درعي يبدي النيّة بالعودة إلى الحلبة السياسية، مع التلميح بتشكيل حزب جديد، إلا أن عوفاديا يوسف أعاده للحركة. وعاد درعي إلى الكنيست في انتخابات مطلع العام 2013، حينما كان يرأس الحركة خصمه إيلي يشاي، ونشأت حينها إشكالية رئاسة الحركة، ففرض يوسف رئاسة ثلاثية، تضم يشاي ودرعي وأريئيل أتياس، الذي استقال لاحقا من الكنيست، ولكن لم تمر فترة طويلة حتى عاد درعي رئيسًا للحركة، بالاطاحة بإيلي يشاي.

 ترأس درعي قائمة شاس لانتخابات العام 2015، وعيّن بعد ذلك وزيرًا للاقتصاد ووزيرًا لتطوير النقب والجليل في الحكومة الجديدة .

وفي العام 2018، أوصت الشرطة بتوجيه تهم ضد درعي للاشتباه بارتكاب احتيال وخيانة الأمانة وعرقلة إجراءات المحكمة وغسيل الأموال والمخالفات الضريبية التي تنطوي على ملايين الشواقل. وفي العام 2019، أوصى المدعي العام آنذاك شاي نيتسان بالمثل بتوجيه الاتهام إلى رئيس حزب شاس ، لكن تم إسقاط العديد من هذه التهم في نهاية المطاف، في وقت سابق من العام نفسه.

فجاء كانون الثاني 2021، ليوافق درعي على اتفاق مساومة أدين بموجبه بجرائم ضريبية وحُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ. استقال على الفور من الكنيست قبل أن تقرر المحكمة العليا ما إذا كانت أفعاله تشكل فسادًا أخلاقيًا، الأمر الذي كان سيمنعه من العمل كوزير لسنوات.

بعد  انتخابات العام 2022، كشرط للانضمام إلى الائتلاف الذي يقوده بنيامين نتنياهو، أصر درعي على تغيير القانون بحيث لا ينطبق على شخص يتلقى حكمًا مع وقف التنفيذ الأمر الذي سيسمح له بالعمل كوزير للداخلية ووزير الصحة لمدة عامين قبل أن يصبح وزيرًا  للمالية.  بالإضافة إلى ذلك، تم تعيين درعي ليكون نائب رئيس الوزراء للإدارة.

وبذلك، يكون درعي قد تقلّد مناصب وزارية عديدة من بينها وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الدينية والتجارة والصناعة ووزارة تطوير الضواحي، النقب والجليل، ما جعله يمثّل وزنًا سياسيًا مؤثّرًا ذي خبرة في مختلف المجالات.

أبرز مواقف حزب شاس

يزعم حزب شاس الديني الذي يترأسه الحاخام آرييه درعي، بأن أرض فلسطين كلها تابعة لـ"شعب إسرائيل"، ويعارض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة؛ "لأنه سيشكل خطرًا على أمن إسرائيل ووجودها".

ويتبنى الحزب مواقف عنصرية تجاه الآخر بصفة عامة، والعربي بصفة خاصة، ففي عام 1988 أصدر كتيّبا تضمن ترانيم وأناشيد وشعرًا دينيًا، جاء فيه:

"يوم نور لإسرائيل يوم ملعون لإسماعيل، يوم مبارك لإسرائيل يوم اضطراب لإسماعيل، يوم خلاص لإسرائيل يوم شتات لإسماعيل، يوم خير لإسرائيل يوم شر لإسماعيل، يوم سلام لإسماعيل يوم كارثة لإسرائيل، يوم نصر لإسماعيل يوم هزيمة لإسرائيل"، مع العلم أن "إسرائيل" تمثل لدى الحزب اليهود، وإسماعيل يمثل العرب.

كما دعا الحزب إلى تدمير البنى التحتية في قطاع غزة وإعادته للقرون الوسطى، وخاصة شبكات المياه والكهرباء والطرق والمواصلات والاتصالات، وذلك خلال عدوان العام 2012.

ودعا لاحقًا إلى سحب الجنسية من فلسطينيي الداخل، وهو من أكثر المتحمسين لموضوع "الخطر الديموغرافي"، ويحاول استغلال الأوضاع للتمادي في قضية الهوية والجنسية، مستغلًا المشاعر العنصرية ضد العرب لتبرير عمليات "الاحتلال".

وفي تعقيبه على التطبيع الإماراتي البحريني، لم يتوان درعي عن التعقيب بالقول: "يجب أن يزور حكام العرب بلادنا لخدمة اليهود، ولا يجدر بنا أن نستقبلهم كشركائنا". وأضاف: "لا يمكن تحقيق سلام استراتيجي بين اليهود والمسلمين؛ لأن العرب هم دوابّ موسى، ويجب علينا فقط ركوبهم للوصول إلى الوجهة النهائية، فشراء سرج جديد وعلف جيد للدابة من واجب صاحبها، ولكن يجب أن ينظر صاحبها إليها كوسيلة للركوب فحسب، مكان الدابة في الإسطبل، ولا أحد يذهب بها إلى غرفة استقبال بيته".

وتابع "إن المسلمين سيبقون أعداء لليهود ما دام القرآن كتابهم، والعرب هم أبناء هاجر أمة إبراهيم لذلك يجب أن يكونوا عبادا لليهود، اليهود هم شعب الله المختار، الحامل للرسالة، وليس لغيره الحق في ذلك، وكل من يدعي ذلك يستحق العذاب".

قانون درعي

مع تشكيل الحكومة الجديدة، وفوز حزب شاس، سارع درعي لتعديل "قانون أساس: الحكومة"، بحيث لا يمكن العمل بـ"وصمة العار" وتنفيذها بحق مسؤول ومنتخب جمهور محكوم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.

ويهدف "قانون درعي" إلى تمكين رئيس حزب "شاس" من أن يتولى منصب وزير. إذ القانون "الإسرائيلي" لا يسمح للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن للعمل كوزراء في الحكومة. وينص التعديل الجديد على أنه إذا تلقى شخص حُكمًا مع وقف التنفيذ ولم يقضِ فعليًا فترة في السجن، كما كان الحال بالنسبة لدرعي، فلا يزال بإمكانه أن يصبح وزيرًا. وبالتالي منح درعي، الذي أدين بجرائم ضريبية في بداية العام وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، منصب وزير للصحة والداخلية، وبالتناوب في المستقبل، في غضون عامين، منصب وزير المالية الذي سيتولاه رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموترتيش.

إلا أن اصوات كثيرة في الداخل الإسرائيلي علت اعتراضًا على منح درعي حقائب وزارية، وتم تقديم التماس لدى المحكمة العليا لإلغاء تعديل القانون. وكان قد نعت الرئيس السابق للكنيست الصهيوني، ميكي ليفي، من حزب يش عاتيد، بكلمة فاسد، القانون الجديد الذي يتيح لأرييه درعي أن يتولى منصبًا وزاريًا رغم أنه أدين بالفساد السلطوية بعد ارتكابه جرائم ضريبية. وقال إن دل هذا القانون على شيء،  فإنما يدل على ضعف رئيس الوزراء القادم نتنياهو. موضحًا أن درعي هدد نتنياهو بإفشال تشكيل الحكومة إذا لم يتم سن القانون قبل أن تؤدي الحكومة تصريح الولاء في الكنيست.

الفاسد والمتطرف

يظهر من خلال ما تقدم، أن ما يربط بين درعي الشاب ودرعي كبير السن، هو انعدام الاحترام الذي يبديه تجاه المنظومة القضائية وما تمثله. فقد أقنع قاضي الصلح شموئيل هربست بأنه قرر اعتزال السياسة، فأقر القاضي التسوية القضائية المخففة، وفي الغداة عاد درعي إلى السياسة بقوة. والآن، حين اشترطت عودته إلى الحكومة بقرار من قاضٍ، رتب لنفسه قانونًا خاصاً، التفافيًا. وبالتالي، جسّد مثال السياسي المخادع والمغرور، الذي يرى نفسه أنه  فوق الشعب والقانون،  ونموذجًا آخر من نماذج الصهيونية المتطرفة الانتهازية الفاسدة المخادعة، التي تجرّدت من الأخلاقيات والقيم والمبادئ بهدف تحقيق رغباتها ومصالحها الشخصية عبر نسج قواعد تبيح الإجرام والفساد.

وسيؤدي وجود هذه الشخصية إلى جانب كل من إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى وضع الفلسطينيين دائمًا في خانة الاستهداف المباشر وسفك الدماء وقضم أراضيهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم، فدرعي؛ هذا المتطرف المغرور والمتعالي الذي يسعى إلى تدمير المناطق الفلسطينية وحرمانهم من الهوية والجنسية كما تجريدهم من كل ممتلكاتهم والنظر إليهم نظرة دونية، إلى جانب المتطرفين الآخرين، يحتّم على الفلسطيين تعزيز المقاومة واستمرارها بالطريقة التي يستطيعون من خلالها إسقاط مخططات هؤلاء الصهاينة المتطرفين.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور