الخميس 16 آذار , 2023 12:18

الرئيس عبدالمهدي: هكذا أطلق الشهيد سليماني الاتفاق السعودي-الايراني

عادل عبد المهدي

أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، أن تحقيق الاتفاق السعودي – الايراني، يعود فضله الى قائد قوة "القدس" في حرس الثورة الإسلامية الايرانية الشهيد الحاج قاسم سليماني.

وقال عبد المهدي في مقال يوم الثلاثاء، إن "الخطوة الأخيرة في بكين وصدور بيان ثلاثي بين الصين والسعودية وايران ذو دلالات تاريخية وكثيرون ساهموا بصناعة هذا الحدث الاستراتيجي الذي ان نجح، من شأنه ان يغير وجه المنطقة، بل العالم. فالمسألة ليست مجرد اعادة علاقات بين بلدين اختلفا، على أهمية ذلك. بل أنها ستقود الى تسوية كاملة لسلسلة ملفات حساسة وخطيرة".

وأضاف أن "الجديد الحساس، الرعاية الصينية للاتفاق، بكل ما تمثله من دلالات وقدرات للمساهمة باعادة بناء المنطقة. للتوثيق السريع، انقل بعض ما اعرفه، ولاشك ان اخرين لديهم ايضاً ما يعرفونه".

وتابع: "كنت في زيارة رسمية للصين (أيلول 2019). وقبل اللقاء بالرئيس "شي جين بينغ" الامين العام للحزب، و"لي كه تشيانغ" رئيس مجلس الدولة (معادل لرئيس الوزراء) في 23/9/2019، اتصل قاسم سليماني وقال هل تستطيع الذهاب الى السعودية. سألته عن الغرض. قال للوساطة بيننا والمملكة. والأمر مستعجل. أجبته سأذهب حال عودتي الى بغداد. اخبرت الجانب الصيني بطلب سليماني، واستبشروا خيراً بذلك. استفسرت منه عن ما يقترحونه”.

وذكر عبد المهدي أن "من النقاط التي طلب طرحها الآتي: نستطيع المساعدة في حل في اليمن عن طريق حكومة وحدة وطنية. خلاف المشاع، نرحب بتطور العلاقات السعودية/العراقية، والانفتاح على شعبه. الحوار والتنازل مع دول الجوار سهل، خلاف الخارج. التعهد بتهدئة لعشر سنوات. الاحترام المتبادل ولا غالب ولا مغلوب. ضمان الملاحة في الخليج. حل مشترك في سوريا وليبيا، وبقية المنطقة. اجتماع وزراء الخارجية".

وأضاف في المقال: “اتصلنا بالإخوة السعوديين، الذين سألوا عن سبب الزيارة، فكنت قد زرت المملكة في نيسان 2019. ذكرنا حينذاك أن الطلب ايراني للوساطة. سألوا عن الطرف الايراني. قلنا سليماني فرحبوا. عدنا صباح (25/9/2019). وغادرنا بغداد مساءً الى السعودية يرافقني رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، (كان يومها مدير المخابرات)، ووزير النفط ثامر الغضبان، ومحمد الهاشمي مدير المكتب. استقبلنا خادم الحرمين، ثم عقدنا جلسة متأخرة في الليل مع ولي العهد”.

واشار إلى أن في تلك الفترة “كانت منشآت ارامكو قد تلقت ضربة صاروخية، واتُهمت إيران بذلك، رغم نفيها المسؤولية. اتصل وزير الخارجية الأمريكي بومبيو يوم 5/9/2019 وقال إن الصواريخ انطلقت من شمال الخليج وليس من العراق كما أُشيع وقتها. كان الجو في أعلى درجات التوتر. وكان ولي العهد يتكلم بتشدد. وعندما انتهى قلنا: سموكم هل تريدون الحرب مع ايران. قال كلا. قلنا إذا لم نذهب الى الحرب فإما أن تبقى الأوضاع متوترة، وتهددنا بالانفجار، أو التفاوض. قال لقد جربنا هذا الأمر مرات، ولم ننجح. ذكرت له كيف حُلت المشاكل بين الراحلين الشيخ رفسنجاني والملك عبد الله. قال ماذا تقترحون. قلت لنفتح نافذة. اكتبوا رؤيتكم، وسننقلها للجانب الايراني. ونحن واثقون ان هذا سيفتح باب الحوار. قال سأرسل لكم ورقة. وبالفعل وردت في (9/10/2019) بعنوان “ورقة لاستجلاء الموقف الإيراني”، تتضمن 8 نقاط، طورت لاحقاً الى 9. مع ديباجة، تقول في جزء منها: “في الوقت الذي تحرص فيه المملكة على احترام مبادئ القانون الدولي، والالتزام العميق بأعرافه ومبادئه ومن بينها مبدأ حسن الجوار، ومحاربة الارهاب ومكافحة التطرف، وتطوير علاقاتها مع دول العالم وبخاصة دول الجوار للاسهام في تمكينها من العيش في امن واستقرار ورخاء”… الخ”.

وقال رئيس الوزراء الأسبق: “كانت الورقة “جافة”. طلب الجانب السعودي ان كانت لدينا مقترحات حولها. قلنا نعم. لم اغير شيئاً جوهرياً، لكنني قمت بتلينها ببعض التعابير لمعرفتي بان الجانب الايراني “ناشف” ايضاً. وستكون هذه بداية سيئة. وبالفعل جاءت الورقة السعودية المعدلة، وفيها بعض الطراوة، دون الاخذ بكل مقترحاتنا. سلمتها الى الشهيد. وكان قد اطلع على الورقة الاولى. قال حسناً فعلتم، فالورقة الاولى كان سيصعب عرضها على القيادة الايرانية. سألت سليماني قبل اغتياله بأسابيع عن الجواب الايراني، فالجانب السعودي كان يطالب بذلك. قال إن القيادة الايرانية ناقشت الموضوع وسأجلب الجواب عند عودتي الى بغداد قريباً”.

وأردف: “للأسف الشديد، قامت الإدارة الامريكية السابقة بعمليتها الجبانة/الحمقاء. ولم يُعثر على حقيبته وفيها أوراقه، تركت المسؤولية في 7/5/2020، وتسلم الكاظمي المسؤولية. وفي زيارته الرسمية للمملكة، تقرر مواصلة المبادرة، وعُقدت الاجتماعات الأولى برئاسته في بغداد في نيسان/2021، وكان السيد محمد الهاشمي ينوب عنه عند تغيبه. ترأس الجانب السعودي الشيخ الفريق خالد الحميدان، والجانب الايراني نائب امين مجلس الامن السيد سعيد ايرواني. وتوالت الاجتماعات وحضرها آخرون، إلى أن توجت بالاتفاق الاستراتيجي في بكين”.

وختم بالقول إن “الطرفين يفاوضان بحزم وقوة، وما كان يمكن للاتفاق أن يرى النور لولا التطورات الإقليمية والعالمية، وتصاعد دور الصين، وأن هناك ضمانات لكلا الطرفين، وكذلك رؤى لعموم مسارات المنطقة،كما يمكن قراءته من البيان الختامي. ندعو العلي القدير ان يزيل هذه الغمة عن هذه الامة، وينصر اخواننا في فلسطين وبقية شعوبنا وبلداننا. الأمر سيبدو سهلاً عند اجتماع الكلمة. وسيبدو مستحيلاً، وكلمة الأعداء هي الاعلى، عند التنازع والاقتتال”.

وأعلنت السعودية وإيران، الجمعة الماضية، اتفاقهما، بوساطة صينية، على استئناف العلاقات الدبلوماسية في غضون شهرين، وأكدتا على “مبدأ احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين وتنفيذ اتفاقية التعاون الأمني الموقّعة عام 2001”.

وقطعت العلاقات بين السعودية وإيران منذ كانون الثاني/يناير 2016، حين أثار إعدام رجل الدين السعودي الشيخ نمر النمر، في المملكة تظاهرات عنيفة في إيران، تمت خلالها مهاجمة مبنى السفارة السعودية في طهران وإحراقه، لتقطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إيران في الشهر نفسه.


المصدر: شفق نيوز

الكاتب: عادل عبد المهدي




روزنامة المحور