السبت 24 كانون الاول , 2022 12:23

اليديشية لغة سرية في خدمة اللصوصية الصهيونية

اليهود واللغة اليديشية

تستخدم بعض الجماعات اليهودية الوظيفية "اللغات السرية" في بعض المعاملات والمراسلات، لكن ما هي هذه "اللغات السرية" هي لهجات ورطانات خاصة، بل أحياناً لغات، يستخدمها أعضاء الجماعات الوظيفية. وهذه اللهجة أو الرطانة أو اللغة عادةً ما تختلف عن لغة المجتمع المضيف أو مجتمع الأغلبية. وكان التحدُّث بهذه اللغة يُعدُّ شرطاً من شروط الانخراط في سلك الجماعة. فمثلاً كان المماليك يتحدثون فيما بينهم الشركسية (أو بإحدى اللغات التركية)، والصينيون من أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة في جنوب آسيا لغتهم. فيما كان أعضاء الجماعات الوظيفية الوسيطة من اليهود في شرق أوروبا يتحدثون اليديشية. والمتحدث بهذه اللغة يبيّن كفاءته، وهو في الوقت نفسه يعزل نفسه عن الجماهير التي لا تتحدث سوى لغة الوطن.

اللغة، هي وسيلة من وسائل الفصل بين الجماعة وأعضاء المجتمع المضيف، وأداة للتواصل بين أعضاء الجماعة. ولعل من إصرار الصهاينة على أن تكون لغة الكيان الصهيوني العبرية وليست الإنكليزية لغة القوى الامبريالية، أو الإسبرانتو (اللغة التي طورها اليهودي الروسي زامنهوف على أمل أن تكون لغة عالمية ولغة يتحدث بها المستوطن الصهيوني) إدراكاً من جانبهم لطبيعة الكيان الصهيوني باعتباره كيان وظيفي.

ومن الأشكال المتطرفة للغات الجماعات الوظيفية اللغة السرية، فالعوام والنشالون، مثلا؛ لهم لغاتهم السرية، وهي في الغالب رطانة تركيبها تركيبة اللغة الشائعة في المجتمع مع إضافة مفردات لغوية لا يعرفها إلا عضو الجماعة الوظيفية. وللغة السرية فائدة مباشرة إذ تُسهّل عملية أداء الوظيفة، وهي وظيفة مشينة في العادة، ومن ثَمَّ تصبح اللغة السرية من علامات الهامشية.

وقد استخدم أعضاء الجماعات اليهودية هذه الآلية للتواصل. وكانت لغاتهم السرية تتكون في العادة من جُمَل باللغة المحلية تحتوي على كلمات عبرية تُعالج حسب قواعد اللغة المحلية، فكلمة "أخل" مثلاً كلمة عبرية بمعنى "أكل"، فإن كان المتحدث اليهودي يتحدث بالإنكليزية فإنه يُعبّر عن معنى أنه "قد أكل بالفعل" على النحو التالي: "هي هاز أولريدي أخلد He has already akhaled". ولا تُعبّر هذه الكلمات الداخلية إلا عن الأجزاء المهمة من الأسماء أو الأفعال في الجملة. كما كانت تترجم أسماء الأماكن حرفياً إلى العبرية فكلمة "نيويورك" مثلاً في عبارة "ذهبت إلى نيويورك" تصبح " آي ونت تو يورك حاداش  I went to York hadsh"  حيث جاءت كلمة "حاداش" بديلاً من الجزء الأول من كلمة نيويورك "نيو"، ومعناها "جديد".

وكان أعضاء الجماعة اليهودية يستخدمون اللغة السرية لمناقشة الأمور التي تهمهم دون أن يفهمهم أحد من المحيطين بهم، وخاصة في الأسواق التجارية، وهو ما يُسهّل عملية الغش التجاري والاحتيال، وكثيرا ما كان اللصوص يتعلمون هذه اللغة لاستخدامها بين الناس دون أن يفهمهم أحد. وقد قام موظف بروسي بإعداد معجم عن لغة اللصوص السرية في أواخر القرن الثامن عشر، وظهر أن كثيراً من كلمات هذه اللغة السرية ذات جذور عبرية أو أصل عبري. وقد أتخذ هذه المعجم دليلاً على مشاركة أعضاء الجماعة اليهودية وتورطهم في عالم الجريمة السفلي.

وفي زمننا الحاضر، يبدو أن كثيراً من القوادين وتجار الرقيق الأبيض يتحدثون لغة سرية ذات أصول عبرية، ويعود هذا لوجود عدد كبير من أعضاء الجماعة اليهودية، الذي يعملون كقوادين أو بغايا، وذلك لغاية نشأة الكيان المؤقت.

ومهنة البغاء بحد ذاتها جماعة وظيفية، حيث إن الكيان المؤقت يشكل مصدراً رئيسياً للبغايا في أوروبا، ويُقال أن لغة القوادين في أمستردام دخلتها الكثير من الكلمات العبرية.

كانت اللغة اليديشية تحل أحياناً محل اللغة السرية، وهي رطانة ألمانية، فكان لا يفهمها سوى أعضاء الجماعة اليهودية، فأصبحت اليديشية لغة الغش التجاري في القرن التاسع عشر، ولذلك حرَّمت الكثير من الحكومات الأوروبية على اليهود استخدامها. علماً أن اللغة اليديشية تتألف من خليط من المفردات الألمانية والروسية والبولندية والسلافية والعبرية وغيرها، ويتكلمها يهود روسيا وبولندا، كما يستخدمها في محادثاتهم اليهود المهاجرون من شرق أوروبا إلى الكيان المؤقت. وبما أن اللغة اليديشية التي كانت تُكتَب بالحروف العبرية، ولا يعرفها سوى التجار اليهود، فلذلك أصبحت من أهم وسائل الغش التجاري. لهذا كانت محظور على التجار اليهود استخدامها في معاملاتهم التجارية. وقد استمر هذا النمط من الاحتيال الى عصرنا الحالي، فنجد مثلاً أن نسبة جرائم الغش التجاري والتزييف التي ارتكبها أعضاء الجماعات اليهودية في بولندا وروسيا، وفي ألمانيا وهولندا، تصل إلى ضعفي أو ثلاثة أضعاف نسبتها في الاتحاد السوفياتي سابقاً.


الكاتب: نسيب شمس




روزنامة المحور